آراء وتحليلات
عمليات قوس الدونباس: اتجاهات التقدم الحالية واللاحقة
عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
أيام قليلة وتدخل العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا شهرها الخامس وتبقى الأراء متأرجحة ومتباينة بين تأكيد روسي ان العمليات تسير وفق الخطة الموضوعة، وحملة اعلامية أميركية ـ أوروبية تحاول التأشير كل لحظة على فشل الجيش الروسي، وعدم قدرته على تحقيق الأهداف التي اعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى التكتيكية منها.
تميز الأسبوع الفائت بتمكن الجيش الروسي من تحقيق الخطوة الأولى في تحرير إقليم الدونباس بالسيطرة على كامل جغرافيا جمهورية لوغانسك الشعبية، بعد انجاز تحرير مدينة ليسيتشانسك ومنطقة بيلوغوروفكا بشكل كامل، وانضمام قوات لوغانسك لقوات دونيتسك للبدء بعمليات تحرير أراضي جمهورية دونيتسك التي ستكون عمليات صعبة ومعقّدة بسبب جغرافيا مسرح العمليات الذي يضم عدداً كبيراً من المعابر المائية والهضاب والممّرات الإجبارية،/ إضافة الى التحصينات الخرسانية وشبكة الخنادق وحقول الألغام وغيرها من العوائق.
إضافة الى ما تمّ ذكره، تحاول القوات الأوكرانية عبر القصف اليومي الكثيف على مدن وبلدات الدونباس التأثير في الروح المعنوية للمواطنين وقوات الدونباس، واعتماد القصف وسيلة ضغط أُستخدمت فيها منذ 150 يوم حتى اللحظة اكثر من 50 الف قذيفة استهدفت المدن والبلدات أحدثت الكثير من الدمار وازهقت مئات الأرواح.
وخلال الأسبوع الفائت زار وزير الدفاع الروسي منطقة العمليات مرتين، وجّه في المرّة الأولى قادة العملية بضرورة تكثيف وتنشيط العمليات على كل المحاور، وفي المرّة الثانية بضرورة وضع استهداف الأسلحة الأوكرانية بعيدة المدى على رأس قائمة بنك الأهداف الروسي.
وفي التوجيهين تبدو الأمور متجهة نحو تزخيم وتنشيط العمليات العسكرية، وهو ما استدعى عملية دعم بالقدرات لما تسميه روسيا قوات الشرق سواء عبر زيادة العديد البشري او عبر زيادة الوسائط القتالية.
وفي هذا الجانب لا بدّ من الإشارة الى انها المرّة الأولى في التاريخ العسكري التي تنقلب فيها معادلة الدفاع والهجوم حيث يحشد المهاجم عادةً ثلاثة اضعاف قوة المدافع، وهو ما نراه بشكل معاكس في عمليات الدونباس حيث قوّة الجيش الأوكراني وهو في حالة الدفاع تعادل ثلاثة اضعاف الوحدات الروسية وهي في حالة الهجوم.
وللتفصيل في معادلة الدفاع والهجوم نشير الى حجم القوة الأوكرانية المدافعة على خطوط قوس الدونباس تقارب 95 الف جندي، في حين ان الوحدات الهجومية الروسية وقوات جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك لا تتجاوز ال 30 الف جندي، في حين ان حوالي 100 الف جندي من الوحدات الروسية ووحدات لوغانسك ودونيتسك ينفذون عمليات تثبيت للمناطق التي تمّت السيطرة عليها في أقاليم خاركوف ولوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون ونيكولاييف.
بالعودة الى توجيهات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ستنتهي قريباً فترة استراحة القوات التي أمر الرئيس بوتين بها بعد الإنتهاء من تحرير جمهورية لوغانسك، وسنكون مجدّدا امام تنشيط للعمليات العسكرية التي لم يتوقف منها الشق المرتبط بعمليات استهداف نقاط تجمع القوات الأوكرانية ومستودعات الأسلحة ومرابض الاسلحة بعيدة المدى، وخصوصاً منها راجمات هيمارس ومدافع ام – 777 الأميركية ومدافع قيصر الفرنسية، إضافة الى مواقع القيادة التكتيكية والعملياتية للقوات الأوكرانية والتي ستشهد بتقديري تكثيفاً ملحوظاً سيواكب البدء بعمليات التقدم نحو مدن وبلدات جمهورية دونيتسك التي لا تزال تحث سيطرة القوات الأوكرانية والتي تعادل مساحتها حوالي 11 الف كلم مربع بعرض جبهوي يقارب 180 كلم وعمق يقارب 80 كلم ويتضمن خطّي مواجهة مفترضة:
الخط الأول: من مدينة "سيفرسك" شمالاً حتى "كورديوموفكا" جنوباً
يمتد من مدينة "سيفرسك" شمالاً حتى "كورديوموفكا" جنوباً ويضم مدن وبلدات عديدة أهمها: "سوليدار" و"كراسنا غورا" و"ارتيومفسك" (باخموت باللغة الأوكرانية)، علما بان غالبية المدن والبلدات ما عدا" كورديوموفكا" تقع على ضفتي نهر "باخموت"، ما يعني ان العمليات ستتضمن مهام عبور عبر تركيز جسور في مناطق ملائمة حسبت لها القوات الأوكرانية حساباً عبر تكثيف نقاط الدفاع وتفجير الجسور القائمة حالياً لتصعيب عمليات السيطرة على الوحدات الروسية التي حضّرت على ما يبدو نقاط تقدم واندفاع على الضفة اليسرى للنهر، وذلك عبر سيطرتها شمالاً على "غريغوروفكا" و"سيربريانكا"، وهي نقاط سيطرة على الضفة الغربية لنهر "سيفرسكي دونيتسك"، وكذلك عبر عمليات اندفاع محتملة من الجنوب نحو "كورديوموفكا" بهدف قطع خطوط امداد القوات الأوكرانية وتنفيذ عمليات التفاف تهدف تطويق البلدات والمدن مع ترك منافذ تراجع للقوات الأوكرانية.
يبلغ العرض الجبهوي للخط الأول حوالي 60 كلم بعمق يتراوح بين 10 و20 كلم وستجري العمليات فيه على محاور:
1ـ محور "سيفرسك" حيث ستتوجه فيه الوحدات الروسية نحو المدينة من الشرق انطلاقاً من منطقة "زالاتوياريفكا" ومن الشمال انطلاقاً من "غريغورفكا" و"سيربريانكا".
2ـ محور "سوليدار ـ كراسنا غورا" حيث ستتوجه القوات في المرحلة الأولى من الشرق انطلاقاً من "ياكفوليفكا" و"نوفاكاميانكا" على ان تستكمل القوات المتجهة من الشمال جنوباً بعد تجاوزها الضفة اليسرى لنهر باخموت عند مدينة "سيفرسك".
3ـ محور "ارتيوموفسك" ( باخموت) حيث ستتوجه القوات من الشرق انطلاقاً من "بوكروفسكي" و"كلينوف، ومن الجدير ذكره ان "ارتيوموفسك" هي اهم نقطة ارتكاز للقوات الأوكرانية على الخط الأول ومن المحتمل ان يتم تركيز العمليات الهجومية عليها بشكل أوسع من مدن وبلدات الخط الأول الأخرى.
4ـ محور كورديوموفكا حيث ستتوجه القوات من الجنوب انطلاقاً من بوسبولوك وزايتسيف ومن الشرق انطلاقاً من سفيتلودارسك والمناطق المجاورة لها.
الخط الثاني: من مدينة "سلافيانسك" شمالاً حتى "افيدييفكا" جنوباً
في حال بدء العمليات على هذا الخط (التفاصيل في حينها) وفي حال تم تعزيز الوحدات الروسية (قوات الشرق) باعداد إضافية من المقاتلين هناك احتمال ان تباشر الوحدات الروسية بتطوير العمليات على اتجاه مدينتي "سلافيانسك" و"كراماتورسك" من الشمال وعلى اتجاه "افيدييفكا" و"كوستانتانيفكا" من الجنوب للتعجيل في انسحاب القوات الأوكرانية من خط القتال الأول، وهو احتمال يبقى قائماً في حال انتقلت الوحدات الروسية من تكتيك التطويق والإطباق على المستوى التكتيكي الى تكتيك التطويق والإطباق على المستوى العملياتي.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024