آراء وتحليلات
اليمن بين قمة جدة وساحات الغدير والولاية
علي الدرواني
مع بدء التنسيق لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، قبل عدة اشهر، كانت اليمن واحدة من اهم الملفات في اجندات الزيارة، الى جانب ملف النفط والطاقة، وملف التطبيع مع العدو الإسرائيلي، والمحاولات الامريكية لدمج الكيان الغاصب في المنطقة، لحمايته وتامين تحصينه.
لم يخف الرئيس جو بايدن رغبته في الحفاظ على سوق الطاقة، وتدفق امن للنفط من منطقة ارتفعت فيها التوترات الأمنية والعسكرية، وأصبحت امدادات الطاقة اقل امنا الى اسوا درجة في تاريخها، وانعكاساتها الخطيرة أسعار الوقود في أوروبا وامريكا، التي تحاول الاادارة الامركية الحالية لتجاوزها، وتامين حاجات حلفائها الاوربيين، مع حظر النفط الروسي على خلفية الحرب في أوكرانيا، بالإضافة الى رغبة بايدن بتخفيض أسعار الطاقة للناخب الأمريكي على مشارف الانتخابات النصفية في البلاد.
بالعودة للحديث عن اليمن، فإن البيان الختامي لقمة جدة، كان واضحا في رغبة المؤتمرين على استمرار الهدنة، بحيث جاء حديث بايدن عنها واتفاقه مع الملك لتمديدها وتعميقها كدليل اضافي على ان قرار الحرب والعدوان، على اليمن، كان قرارا أمريكيا قبل ان يكون سعوديا، وان قرار السلم وانهاء الحرب والعدوان ووقف الحصار، هو كذلك بيد واشنطن، وان قادة ما يسمى التحالف العربي، وعلى راسهم الرياض وابوظبي مجرد مطايا ورواحل للمشروع الأمريكي، مهما اختلف ساكن البيت الأبيض، من أوباما ثم ترامب والان بايدن ولاحقا باي شخص.
الحاجة الأمريكية للهيمنة على المنطقة، وتمكين الصهيونية فيها، امنيا واقتصاديا، وتنصيبها عليها عسكريا، كانت الدافع الرئيسي لشن الحرب والعدوان على اليمن ، لمنع تصدرها بقوتها الحية الرافضة والمناهضة للسياسة الامريكية، بعد نجاحها في ثورة 21 سبتمبر، وكذلك الحال اليوم، بعد ان عجزت واشنطن وادواتها العربية، للأسف، عن الحسم والحزم، طوال ثمان سنوات، اليوم، هذه الحاجة تتعارض مع توجهات واشنطن للضغط على موسكو، وحظر النفط الروسي ، والبحث عن تعويضه من الآبار العربية، وهو الامر الذي لا يمكن الاعتماد عليه في منطقة تتزايد التوترات فيها، وتوضع منابع النفط في السعودية والامارات في مهداف الصورايخ والطائرات المسيرة اليمنية.
قبل حرب أوكرانيا، كانت هناك توجهات أمريكية معلنة لمايسمونه وقف الحرب في اليمن، بل كانت واحدة من اهم اركان الدعاية الانتخابية لبايدن، وكانت هناك أسباب كافية لذلك التوجه، ابرزها العجز والفشل عن تحقيق أي انجاز يمكنهم من انهاء الحرب بشكل انتصار، وإلغاء أي تهديد فعلي وجدي من اليمن للمخططات الامريكية الخبيثة في المنطقة.
يمكن القول في ظل هذه المعطيات، ان هناك تراجعا كبيرا في مستويات الدعاية الامريكية والسعودية، وتبعا بالتأكيد، مستوى الأهداف من حربهم العدوانية وحصارهم الظالم على اليمن، بعد ان كانت لا تكف عن عبارات الحسم والحزم، والسيطرة على صنعاء، وهي العناصر التي باتت اليوم في عداد الاحلام والمستحيلات، فابتلع المجتمعون في جدة السنتهم، ووضعوا الهدنة على طاولة نقاشهم، وتضمن البيان المشترك حديثا عن تمديد الهدنة وتعميقها، وهو ما تطالب به صنعاء، وتضغط باتجاه تحسين شروط الهدنة فضلا عن الالتزام الكامل بها، ان صدقت نوايا العدوان وهي ليست بصادقة مطلقا، لتتحول فيما بعد الى سلام دائم، وحلول مستدامة.
ليس هناك معطيات ولا مؤشرات عن توجه امريكي جاد لاحلال السلام في اليمن، الا ان الانعطاف نحو الهدنة، يؤكد ان نجاحا يمنيا تحقق بفضل الصمود الكبير، وتحويل التهديد العدواني الى فرصة للتطوير السياسي والعسكري، بفضل الله تعالى، ساهم في اجبار واشنطن الى جانب عوامل إقليمية ودولية، لهذه الانعطافة، وبمواصلة الصمود والتوكل على الله سيكون النصر قريبا.
على هامش الحديث عن قمة جدة، والتي كانت اليمن الحاضر الغائب فيها، فان الحديث عن اتفاق سعودي امريكي على تمديد وتعميق الهدنة، لم يشر بادنى إشارة لمجلس الخيانة الرئاسي الذين نصبتهم الرياض كسلطة يمنية، رغم وجود رئيسه المدعو رشاد العليمي في جدة، ومنعته من حضور القمة التي حضر لها قادة مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق، بطريقة مهينة ومذلة، لا يستحقها الا مثل هؤلاء المسوخ، الذين لا يليقون باليمن، كما ان اليمن لا تليق الا بمن يحميها ويضحي من اجلها ومن اجل شعبها.
وكما حضرت اليمن على طاولة المجتمعين في جدة ، كفاعل رئيسي ومؤثر قوي في توجيه السياسة الأمريكية، فقد حضر اليمنيون بحشودهم الغفيرة في عشرات الساحات، بمناسبة عيدالغدير ويوم الولاية، مؤكدين رفضهم لمخططات الضم والالحاق الأمريكي للامة، خلف راية اعدائها الصهاينة، مؤكدين ان لا ولاية عليهم الا تلك التي ارتضاها الله لهم، بتوليهم لله ورسوله والامام علي عليه السلام.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024