معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

زيارة هوكشتاين ورفده بموشحات كوخافي
13/06/2022

زيارة هوكشتاين ورفده بموشحات كوخافي

ايهاب زكي

فيما يبدو أنّها عملية تعزيز ودعم، لحقيبة المبعوث الأمريكي إلى لبنان عاموس هوكشتاين، والتي بدورها لا تحتوي إلّا المصالح "الإسرائيلية"، خرج أفيف كوخافي رئيس ما تسمى هيئة أركان الجيش في الكيان المؤقت، بموشحٍ مستهلَك شديد الرثاثة، وأعاد على مسامع جبهته الداخلية، الحديث المكرر والركيك عن تدمير لبنان في الحرب المقبلة، وقال "إنّ الأهداف التي سيتم ضربها في لبنان، تشمل مقرات القيادة ومنظومة الصواريخ والقذائف التي يمتلكها حزب الله، وأنّ كل الأهداف المرتبطة بالصواريخ سيتم استهدافها، مع تفصيلاتٍ عن الصواريخ وكل ما يرتبط بها من مواقع وبيوت وناشطين".

ولم ينس التنويه باستهداف الكهرباء في لبنان، والمرتبطة بشبكات الصواريخ، والحقيقة أنّ هذا بالنسبة للبنانيين أكثر ما يرعبهم، فلا يوجد لبناني واحد، يستطيع تخيّل نصف دقيقةٍ يومياً بلا كهرباء.

لا يستطيع أحدٌ إنكار قدرة الكيان المؤقت التدميرية، فلديه من القوة الهوجاء ما يمكنه من ارتكاب أبشع جرائم الحرب، والتي لم يتوانَ عن ارتكابها على مدار تاريخ نشأته، وهذه الجرائم لا علاقة لها بطبيعة العدو الذي يواجهه الكيان، بل بطبيعة الكيان القائمة على هلوسات حاخامية. والتاريخ القريب لم يغلق صفحاته بعد، وجراح الأرواح والأجساد لم تندمل بعد، حيث جرائم الحرب والمجازر التي ارتكبها الكيان، لا زالت تحيا كشاهدٍ لا يبلى في النفس والذاكرة.

ولكن هذه القدرة التدميرية لم تعد قادرةً على تحقيق انتصار، بل لم تعد قادرةً على ضمان البقاء، حيث إنّ أعداء الكيان قد امتلكوا قدراتٍ تدميرية هائلة، كما قال الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته "زمن تهدموا لنا بناية، (نبخشلكم) حيط، هذا زمن انتهى، فالبناية بالبناية والمطار بالمطار والميناء بالميناء".

 وبمقارنة القدرة على احتمال كلفة الحرب بين الكيان المؤقت وأعدائه، نستطيع بلا عناء تقرير النتائج. كما أنّه لا يمكن مقارنة الأهداف التي سيدمرها أعداء الكيان، بتلك الأهداف التي سيدمرها الكيان في بلاد أعدائه، حيث إنّ الكيان وبحسب طبيعته العدوانية والإجرامية، وفي ظل وهنه الاستخباري ويقظة أعدائه الأمنية، سيعمد إلى استهداف المدنيين والأعيان المدنية، والمنشآت المدنية والسكنية، وهي من باب تعظيم الثمن، وليس من باب تحقيق سحق العدو، وبالتالي هي أهدافٌ للإيلام الإنساني والأخلاقي والمعنوي لا الضغط العسكري، بينما الأهداف التي سيضربها أعداء الكيان، ستكون شديدة الفعالية العسكرية، حيث تؤثر على فعالية الطيران الحربي والمسير وغرف العمليات، كما الموانئ والسفن.

كما أنّ هناك أهدافاً سيكون لها وقعٌ شديد الوطء على الجبهة الداخلية في الكيان، كخزانات الأمونيا مثلاً، أو وزارة الحرب أو"الكنيست"، ولنا أن نقارن مثلاً بين المنافع العسكرية لتدمير مرفأ بيروت للكيان المؤقت، وبين تدمير ميناء حيفا أو أسدود لأعداء الكيان، أو تدمير مطار بيروت مقارنة بتدمير مطار "بن غوريون" والمطارات العسكرية.

أي ما الجدوى العسكرية من قدرة التدمير الهائلة للكيان؟ كما قال كوخافي "الأهداف في لبنان التي سيتم تدميرها في الحرب المقبلة، ليست 2000 أو 3000 بل أكثر بكثير"، إذا كانت كلها أهدافًا على شاكلة الأهداف التي شاهدناها في عدوان تموز 2006، من بنايات سكنية وأعيان مدنية، ومقرات للقوات الدولية والأمم المتحدة، أو ما شهدناه في معركة سيف القدس في غزة، من أبراج سكنية ومقرات إعلامية.

بينما في المقابل فإنّ تقديرات كوخافي أنّه "سيتم تدمير 80 هدفاً تدميراً كاملاً في الكيان المؤقت، نتيجة 1500 صاروخ سيطلقها يومياً حزب الله" -حسب تقديرات كوخافي وجيشه-، رغم أنّه لم يكشف طبيعة تلك الأهداف، إلّا أنّه لو افترضنا جدلاً صحة هذا الرقم، مع الأخذ بعين الاعتبار منطق المقاومة وجديتها ولا عشوائيتها، وقدراتها الاستخبارية، نستطيع الاستنتاج بلا عناء، أنّ ثمانين هدفاً أكثر من كافية لإزالة الكيان عن الخارطة، لأنّ حزب الله لن يهدم ثمانين بيتاً في "تل أبيب"، ثم يعتبرها ثمانين هدفاً، كما يفعل مجرمو الحرب في العصابات الصهيونية، حيث يعتبرون كل طفلٍ هدفاً، وكل امرأة هدفاً، وكل شيخٍ وكل ما يتحرك هدفاً، وكل بناء قائم هدفاً، وكل طريق معبد هدفاً، حتى أنّهم يعتبرون المقابر أهدافاً.

وعليه وبحساب أهداف حزب الله المعلنة لا السرية، من موانئ ومطارات عسكرية، ومقار وقواعد عسكرية، لن يحتاج لتدمير ثمانين هدفاً لإزالة الكيان.

وأخيراً أشار كوخافي إلى أنّ "القضاء على وحدة الرضوان، يستوجب تدخلاً برياً"، لكنه سكت عن القرار، هل سيتدخل برياً أم لا. وحسب السياق لكلام الكوخافي، فالصمت يعني لا، لأنّه لم يترك حجرًا على حجر في لبنان إلّا وقال سندمره، بينما سكت عند سندخل برياً أم لا، أو قد يكون قاصداً الصمت من باب الغموض البناء، حيث يستنتج المستمع، أنّ مواجهة وحدة الرضوان برياً حتمية، لكن في الجليل لا في بنت جبيل.

ولكن هذه جعبة فارغة، حاول كوخافي رفد حقيبة هوكشتاين بها، إنما حديث السيد نصر الله المليء بالطلقات الحيّة، لا يمكن مقارنته بحديث كوخافي وطلقاته الصوتية، وما عليه إلّا أن يفكر في كيفية كفّ خراطيم سفينة كاريش عن حقل كاريش، وكيفية استبدال حكومة بينيت بماء وجه الكيان، أو الخيار الآخر، وهو الاستعاضة عن تحقيق الحلم المستحيل، بتجاوز لعنة العقد الثامن بسفينة.

الغاز

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات