آراء وتحليلات
"حرب الإلغاء" السعودية على الحريري.. الفصل الأخير؟
علي عبادي
تواصل الحكومة السعودية تهشيم الرئيس سعد الحريري وإلغاء إرث "الحريرية السياسية"، محملةً إياه أوزار أخطاء ارتكبتها الرياض نفسُها في لبنان. لنراجع ما فعلته بحق الحريري حتى الآن:
- إفقار الحريري وتجفيف موارده المالية عبر حجز مستحقات "سعودي اوجيه" لدى الحكومة السعودية عام 2015، ومن ثم تعريض الشركة الضخمة للإفلاس والحجز على أموالها لاحقاً. ولم يجرؤ الحريري على مقاضاة الحكومة السعودية والمطالبة بحقوق شركته في ذروة ثَوَران غضب محمد بن سلمان وحملته على خصومه الإماء وعلى مجموعة من رجال الأعمال. وجرى الأمر نفسه على شركة بن لادن العملاقة التي تُعتبر أبرز شركة للمقاولات في المملكة وتم ترويض إدارتها وإعادة توزيع أسهمها بقوة الأمر الواقع.
- حجز سعد الحريري شخصياً عام 2017 وتعريضه للتعذيب في الرياض، وارغامه على تقديم استقالته في شريط مصور مسجل، وكان الدافع لذلك تمنُّع الرجل عن تلبية طلب السعودية الانخراط في مواجهة مباشرة مع حزب الله في لبنان.
- إرغام الحريري على التخلي عن مدير مكتبه وابن عمّته نادر الحريري الذي كان الساعد الأيمن له في عمله السياسي، بدعوى أنه يتولى اتصالاته مع حزب الله.
- فرض "فيتو" على عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة بعد استقالته على إثر احتجاجات تشرين 2019. وهذا هو السبب الأساسي وراء امتناعه عن العودة لرئاسة الحكومة، إضافة إلى أسباب داخلية أخرى. وقد حاول التملص من الفيتو، لكنه لم ينجح.
- ممارسة الضغوط عليه في مرحلة لاحقة لدفعه إلى التوقف عن العمل السياسي وتصفية دوره، وقد حمله ذلك على إعلان مقاطعة الانتخابات النيابية.
- شنّ حملة شعواء عليه لتسقيطه معنوياً وأخلاقياً وسياسياً عبر وكلاء السعودية في لبنان وعبر الصحافة السعودية (الصورة المرافقة) بهدف تجريده من الأهلية السياسية، ولإفساح المجال أمام من يأخذ مكانه من بين الأكثر ولاءً للسياسة السعودية.
والآن، هناك تكهنات بأن الحملة الإعلامية السعودية على الحريري هدفها دفعه إلى وقف مقاطعته للانتخابات والطلب من محازبيه وأنصاره المشاركة فيها لمصلحة التيارات والشخصيات التي تحبذها الرياض (فؤاد السنيورة، سمير جعجع، ...) بهدف خلق زعامة بديلة عنه.
في غياب الحريري، يأخذ السفير السعودي مكانه في الاتصال بالمرشحين والقوى السياسية التي "يمون" عليها والقيام بجولات في غير منطقة بهدف التأثير على مجرى العملية الانتخابية (إبداء دعم لبعض المرشحين، دفع مرشحين للانسحاب من أجل تعزيز حظوظ آخرين،..). كل ذلك يجري على بعد أيام من موعد الاقتراع، وليس هناك من يشير رسمياً الى هذا التدخل الخارجي في شأن لبناني صرف!
وبعد، قد يبدو غريباً كيف يركض بعض الأحزاب والشخصيات وراء السياسة السعودية وهم يرون ماذا فعلت الرياض بمن كان حليفها الأول في لبنان وطريقة الإلغاء والتنكيل البشعة التي تمارسها بحقه. وإنه لمن عجيب مفارقات السياسة السعودية أنها في زمن "الملك" فهد دعمت آل الحريري لتكوين زعامة سياسية في لبنان، وهي نفسها من يقوم في زمن سلمان بهدم زعامة هذا البيت!
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
23/11/2024
لماذا تعرقل واشنطن و"تل أبيب" تسليح العراق؟
21/11/2024