آراء وتحليلات
لبنان بعد الانتخابات: للتوجه نحو الاقتصاد المقاوم
د. محمود جباعي
ينتظر اللبنانيون ومعهم العديد من الدول الخارجية نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية حيث تعتبر نقطة تحول مهمة ليس فقط في نتائجها السياسية بل أيضًا والأهم في مدى قدرتها على تغيير الواقع الاقتصادي المرير الذي أدى إلى تدمير بنية الحياة المعيشية لمعظم الشعب اللبناني. علمًا أن هذا الواقع الاقتصادي حصل بسبب اعتماد سياسات اقتصادية مالية ونقدية خاطئة ومقصودة من أجل تمكين القائمين على هذه السياسات من السيطرة على مفاصل الاقتصاد الوطني مما يخدم مصالحهم المالية من جهة ومصالح من يريد افقار لبنان من أجل السيطرة على مقوماته من جهة أخرى.
من هنا تجدر الاشارة الى أن هذا الانهيار والافلاس الحاصل اليوم هو نتيجة حتمية وطبيعية للخطة الممنهجة التي وضعت للبنان منذ أكثر من 30 سنة وكانت أدواتها الفعلية هي قوى سياسية محلية مرتهنة بقراراتها لمصلحة الخارج الذي نجح في تحويل لبنان الى بلد غير منتج وضعيف اقتصاديًا وماليًا يحتاج للتبعية الدولية رغم امتلاكه العديد من المقومات والموارد الاقتصادية التي بالتأكيد يمكنها أن تغنيه عن أي حاجات ومساعدات مالية، من صندوق النقد الدولي ومن مؤسسات أو دول مانحة اخرى. لذلك وجب إطلاق مشروع الاقتصاد المقاوم من أجل وضع لبنان على السكة الاقتصادية والمالية الصحيحة.
إطلاق خطة اقتصادية بنيوية ومنتجة
من الواضح أن المرحلة القادمة تحتاج الى تفعيل مشاريع اقتصادية بنيوية تغييرية تساهم في رسم معالم خطة اقتصادية مستدامة تبدأ مفاعيلها من عدة بنود هامة سنلخص ابرزها:
1- العمل على ايجاد حل بنيوي وفاعل لأزمة الكهرباء والتي تعتبر مدخلًا أساسيًا لأي عملية نمو اقتصادي محتملة مبنية على تفعيل القطاعات المنتجة، وذلك من خلال الاستفادة من العروض الخارجية الحقيقية المتنوعة والمعامل الكهرومائية الموجودة بالاضافة الى اصلاح مصافي تكرير النفط وتفعيل مفهوم الطاقة الشمسية وتلك التي تعمل على انتاج الطاقة من الرياح عبر تركيب مراوح.
2- العمل على وضع خطة محكمة تساهم في تفعيل قطاعي الزراعة والصناعة مبنية على انشاء بنك تمويل انتاجي يقدم القروض الميسرة للمشاريع الصغيرة مع الاستفادة من الثروة المائية الموجودة في البلاد، على أن تكون نواة هذه الخطة مرتبطة باستغلال أراضي الدولة غير لمستخدمة والتي يمكن استغلالها في تفعيل عملية التثمير الزراعي والصناعي.
3- العمل على وضع خطة تعافي مالي واقتصادي بشكل فوري تراعي مصالح المواطنين والدولة على ان لا تحمل كل الخسائر للمودعين والمواطنين.
4- العمل على إقرار قانون يحمي ويحفظ حقوق المودعين بالتزامن مع العمل على إصلاح القطاع المصرفي عبر إعادة رسملته بالصورة الصحيحة دون تدخلات سياسية.
5- إصلاح المالية العامة عبر إقرار مشروع موازنة حقيقيي يعتمد فكرة الاصلاح الضريبي المبنية على فرض ضرائب تصاعدية مباشرة تبدأ من أعلى الهرم ومن الرأسمال المرتفع مما يساهم في زيادة ايرادات الدولة بعيداً عن جيوب المواطنين.
6- العمل الفوري على تعزيز الاستقرار النقدي من خلال انشاء مجلس نقد قوامه خبراء حقيقيون من أجل العمل على توحيد حقيقي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة مع اعتماد الاجراءات النقدية اللازمة لذلك.
7- وضع خطة زراعية عاجلة وضرورية وخاصةً في مجال زراعة القمح الطري في العديد من المناطق اللبنانية مما سيوفر شبه اكتفاء ذاتي ويحمي الامن الغذائي بفترة لا تتعدى الـ 6 اشهر.
8- العمل على تحسين الأجور عبر اطلاق مشروع البطاقة الذكية التي تقدم للموظفين مساعدات عينية وخاصةً في مجال الطبابة والمحروقات.
خلاصة وتحليل
علينا التسليم جميعاً بمجال لا يحمل الشك أن الاستمرار بالنظام السياسي الاقتصادي القائم لن يقدم لنا إلا المزيد من الدمار والخسائر وخاصةً أن الارتهان للمحور الأميريكي أثبت خطورته على كل مقومات الحياة الاقتصادية والمعيشية في البلاد وما موضوع الكهرباء من الاردن ومصر إلا خير دليل على ذلك.
من هنا أصبحنا بأمسّ الحاجة اليوم الى تغير هذا النمط من أجل كسر الحصار المقيت عبر كسر اعوانه الذين يتماهون معه لتحقيق مكاسب مادية على حساب مصلحة كل الشعب اللبناني.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
07/11/2024
كم ستنبت الأرض منك!
07/11/2024