معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

قمة النقب البائسة: صفر + صفر = صفر
30/03/2022

قمة النقب البائسة: صفر + صفر = صفر

إيهاب شوقي

نستطيع أن نصف ما أطلق عليها "قمة النقب" بمقولة للأديب الروسي الشهير "انطون تشيخوف" تقول: "يَشعُر الاشخاص الذين جمعتهُم المأساة المُشتركة بنوع من الارتياح عِندما يَجتمعون معاً".

فالقمة المزعومة لم يخرج عنها بيان مشترك ولا اعلان ولم ينبثق عنها سوى تسريبات صحفية لا يعول عليها في شيء ليخرج المراقب منها بنتيجة أو مادة قابلة للتحليل.

ولا شك أن غياب بيان مشترك للقمة هو دلالة مباشرة على انعدام الرؤية وغياب الهدف والعجز عن بلورة شيء عملي، وربما فضحت بعض التعليقات السياسية هدف القمة الحقيقي عندما ذهبت إلى أن انعقادها في ذاته يعد انجازا!

وإذا ما حاولنا تحليل القمة شكلًا وموضوعًا فإننا يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

أولًا من حيث الشكل:

قد تكون هناك بعض الفوائد السياسية الشكلية لطرفين فقط، وهما أمريكا وكيان العدو، باعتبار إظهار أن لأمريكا قدرة على لملمة حلفائها ومحاولة طمأنتهم، وأنها لا تزال ممسكة بمفاصل التطبيع ومتحكمة بمسار الصراعات.

بينما الفائدة الشكلية للعدو هي إظهار أنه متماسك ويسعى للتوسع الجيوسياسي والاستراتيجي، ويمتلك القدرة على التوسع دون ارتباط ذلك بأي التزامات تجاه القضية الفلسطينية.

أما وزراء الخارجية العرب، فليس واضحًا ماهية الفوائد التي تعود عليهم من لعبهم هذا الدور المساعد لأمريكا وكيان العدو، حيث يقدمون خدمات مجانية دون الحصول على أي منافع سياسية، مما يشي بارتهان تام للمعسكر الأمريكي دون قدرة على المناورة أو حتى التملص من حالة التوريط في مواقف لن تزيد أزماتهم السياسية إلا وبالًا!

ثانيًا من حيث المضمون:

ويمكننا هنا رصد تناقض المضمون مع الشكل، فقد عكست التصريحات والمواقف خلافات علنية، كما عكست أن كل طرف ذهب ليبكي على ليلاه، وهو ما يمكن رصده سريعًا كما يلي:

1- خلاف أمريكي - اسرائيلي علني حول الملف النووي وتسوية القضية الفلسطينية، فبينما صرح العدو الاسرائيلي بانزعاجه من شطب حرس الثورة الإسلامية في ايران من قوائم الإرهاب، فإن أمريكا لم تقدم للعدو أي وعود أو تجاوب أو التزام بهذا الشأن، والعكس أيضًا، فبينما صرحت أمريكا بأن التطبيع لا يتناقض مع رغبة أمريكا في التسوية السياسية و"حل الدولتين"، فإن كيان العدو لم يقدم أي التزام بهذا الشأن!

2- أبرزت مواقف الأطراف العربية جانبًا من جوهر مشاركتهم، فبينما كانت الامارات تمارس سياسة التحوط دوليًا بوضع قدم في أمريكا وقدم في روسيا، وإقليميا بوضع قدم في الكيان وقدم في إيران، فإن البحرين كانت مجرد مندوب للسعودية، وشاركت مصر والمغرب تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والحاجة إلى إظهار الولاء لأمريكا والخليج وللمساعدة في القروض وعدم وصول الأزمات الداخلية لمراحل كارثية!

3- الحديث الباهت والمخادع حول تناول القضية الفلسطينية بالبحث يدحضه غياب أي تمثيل فلسطيني أو حتى أردني، وهو ما يؤكد أن المشاركة في عار القمة كان مجانيا.

لا شك أن التباعد في الأولويات بين أمريكا وأتباعها في المنطقة قد خيم على قمة، كان الهدف الرئيسي منها هو مجرد انعقادها كتظاهرة دبلوماسية دون مخرجات سياسية أو عسكرية أو أمنية.

كما أنها لم تشهد أي فتح استراتيجي، حيث التطبيع كان أمرًا واقعًا دشنته إدارة ترامب، وحيث التعاون الأمني والتجسسي هو أمر سابق للقمة المزعومة.

ورغم أننا ممن لا يستهين بأي خطوات أو لقاءات، إلا أننا لا نستطيع أن نخرج بشيء لافت من هذا التجمع يمكن أن يسبب القلق، بل على العكس يمكنه أن يؤكد ما أصبح يقينيا لدى معسكر المقاومة، من تغير للتوازنات على المستويين الدولي والإقليمي، ومن أزمة وجودية لمعسكر العدو الصهيوني وحلفائه القدامى والمستجدين.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات