نصر من الله

آراء وتحليلات

سيناريوهات محتملة لجولة بن سلمان الآسيوية
21/02/2019

سيناريوهات محتملة لجولة بن سلمان الآسيوية

إيهاب شوقي

جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الآسيوية الأخيرة، تميزت بغرابة ملابساتها وما تزامن معها من تفجيرات وتأجيلات للوصول وإلغاء زيارات كانت مقررة لدول أخرى، وهو ما ينبغي النظر والتأمل فيه قبل أي محاولات للتحليل.

مبدئياً، فإن كل جولة مكوكية يكون لها هدف ورابط ويتمخض عنها على الأقل رسائل، إن لم يتمخض عنها تدشين تحالفات أو قص شريط افتتاح نقلة استراتيجية جديدة.

أما جولة بن سلمان الأخيرة فقد خلت من الاستراتيجية شكلاً ومضموناً، لكنها ربما لم تخل من الرسائل.

وقبل محاولة توضيح هذا الغياب الاستراتيجي، فلا بد من وقفة عند الملابسات:

زيارة محمد بن سلمان كانت مقررة يوم 16 فبراير/شباط، وسبقها في يومين متتاليين انفجاران أشارت أصابع الاتهام في كليهما الى باكستان. ففي 13 فبراير، حدث الهجوم الانتحاري في زاهدان جنوب شرق ايران، ووجهت أصابع الاتهام لقوات الأمن الباكستانية بدعمها للتنظيم الارهابي "جيش العدل" الذي أعلن مسؤوليته عن العملية.

في اليوم التالي حدث هجوم كشمير الانتحاري ايضا، والذي أشارت أصابع الاتهام الهندية فيه ايضا الى باكستان وتحديدا جهازها الاستخباراتي.

وهنا ينبغي ملاحظة وجود تفجيرين نوعيين نجم عنهما عدد كبير من الضحايا وهو أمر نادر الحدوث، وتزامن ذلك مع أسبوع زيارة الأمير، وأبسط الأمور هنا أن يدرج هذا الأمر كمعطى من معطيات التحليل.

وبالعودة للزيارة، فمن حيث الشكل فإن هناك ملاحظات:

1- تأجيل الوصول لليوم التالي ودون اعلان أسباب، هو أمر شاذ دبلوماسياً، وان دل فإنما يدل على ارتباك في جدول زيارة من المفترض ان يكون محكما ومحددا ومعلوما أهدافه وبناءً عليها أيامه، بل وساعاته، الا اذا كانت الزيارة هي الهدف في حد ذاتها!

2- من حيث الشكل ايضا، فقد كان من الغريب ايضا ما ذكرته وسائل الإعلام الباكستانية، من أن الرياض دفعت ثمن الرحلة بأكملها، والتي تضمنت ثماني حاويات من الأمتعة واللوازم الشخصية للإقامة الليلية لمحمد بن سلمان و 3500 حمامة تم شراؤها من الأسواق المحلية لكي تحتفي باكستان بتطييرها في مراسم استقبال ولي العهد السعودي!

3- الغاء زيارة بن سلمان لكل من ماليزيا واندونيسيا، دون ذكر أسباب، حتى إن مهاتير محمد رد على وسائل الاعلام بانه لا يعرف سببا، وكل ما يعرفه انه تم ابلاغه بالغاء الزيارة! وهو ما يدل على انتفاء وجود جدول للجولة واعداد ودراسة من الاساس.

ومن حيث الموضوع:

1- كل جولة يكون لها هدف، وبالتالي فإنها تعمل على بذر بذرة تحالف أو تمتين تحالف، أو طمأنة حليف وازالة لبس ما، فما هو هدف جولة يزور بها ولي العهد الفرقاء، وهل رسالة الوساطة والتهدئة بين الهند وباكستان، أعدت على عجل في اسبوع الزيارة عقب التوتر، أم أن التوتر كان مقصوداً ومفتعلاً لخدمة الزيارة؟ وبالتالي فإنها أقرب لنمط الجولات السياحية أو جولات العلاقات العامة والتي يصلح ان يقوم بها وزير للتجارة أو للخارجية على الأكثر.

2-الاعلان عن صفقات ودعم اقتصاد واستثمارات، لا يعد فتحاً أو شيئاً جديداً يدخل تحت بند التحليل الاستراتيجي، ولكن ربما يدخل تحت بند التحليل الاقتصادي والمالي.

3- شيء وحيد يمكن أن يسترعي الانتباه، وهو اللقاء مع رئيس الاركان الباكستاني قمر جاويد باجوا، وهو في العرف الباكستاني، يعتبر الحاكم الفعلي، حيث كما هو معلوم للمتابع للشأن الباكستاني، أن الجيش هو المسيطر وهو صاحب جواز العبور لرئيس الحكومة.

ومصدر الانتباه هنا يرجع لعاملين رئيسيين، وهما:

الاول: المشروع النووي الباكستاني والطموحات السعودية النووية.

والثاني: الجماعات الارهابية التي يوفر لبعضها الجيش غطاء سياسيا لدرجة السماح لبعضها بالمنافسة في الانتخابات لتفتيت أصوات الخصوم!

من مجمل ما سبق، نحن أمام احد سيناريوهين: الاول وهو الاقرب للتصور، وهو اننا أمام زيارة شكلية لكسر العزلة التي فرضتها قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، على ولي العهد، والذي لا يستطيع الذهاب غربا، فتوجه نحو الشرق ليستعيد بعض الزخم، ويوجه رسائل للداخل السعودي، وكذلك لبعض الداخل الامريكي انه ربما يذهب لتعاون نووي مع باكستان والصين، أو يوجه استثمارات ووظائف للشرق، اذا ما فكرت أميركا في التخلي عنه، وكذلك تحسين الصورة السعودية المتراجعة أمام الصعود القطري.

والثاني: أننا أمام تحرك منسق مع أميركا، يقوم فيه بن سلمان بدور الوكالة بدعم الارهاب وفتح جبهة باكستانية ايرانية، لاستهداف ايران واشغالها وكذلك التأثير على حظوظها النفطية مع الهند، والمناورة بتدشين مشروع نووي لفتح باب لسباق التسلح النووي.

ولا مانع من ضرب هذين العصفورين بجولة واحدة.

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات