معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

القضية الفلسطينية والطعنات المفصلية 1/3
11/02/2021

القضية الفلسطينية والطعنات المفصلية 1/3

إيهاب شوقي

مرت القضية الفلسطينية بمحطات عديدة تزامنت مع متغيرات دولية وإقليمية وفلسطينية، إلا أن هناك ثوابت بعضها يتعلق بحقيقة القضية وجوهرها والآخر يتعلق بثوابت السياسات وتعلّقها بأبعاد استراتيجية لدى الأطراف ذات الصلة الوثيقة بالقضية.
وبمفاهيم أكثر صراحة ومباشرة:

ـ الثوابت المتعلقة بحقائق القضية ومضمونها تتجسد بكون القضية هي قضية اغتصاب للأرض واستعمار استيطاني وزراعة لعضو غريب في جسد المنطقة يمثل كيانًا مصطنعًا يحمل مشروعًا مناقضًا لمشروع المنطقة الطبيعي والفطري المتعلق بالتعاون والوحدة، حيث يمثل ذراعًا لمشروع استعماري أعمق يتعلق بخلق كيان وظيفي يقطع تواصل المنطقة ويشكل حامية لمصالح الإستعمار الغربي.

ـ أما الثوابت المتعلقة بالسياسات والإستراتيجيات فهي مبنية على الحقائق الأولى المشار إليها، فهي متعلقة بثبات سياسات الغرب تجاه الكيان الصهيوني وحماية وجوده وضمان تفوقه وإضعاف محيطه ومحاربة كل قوة تبرز كتهديد له في الداخل الفلسطيني أو في المحيط العربي والإسلامي وربما الدولي.

هنا نحن بصدد ثوابت فلسطينية وعربية وإسلامية مفترضة وحتمية ترجع جميعها الى مسلمة مفادها أن الأمر هو مسألة "حياة أو موت"، وهو ما لخّصه الزعيم جمال عبد الناصر بقوله إن الصراع مع العدو هو صراع وجود لا صراع حدود.

وبالتالي فإن اللاءات الثلاثة هي البرنامج الوحيد المقبول والمعقول تجاه حقائق القضية والسياسات المترتبة عليها، وبألفاظ أخرى، فإن الثوابت العربية الملائمة لثابت القضية وثوابت سياسات الكيان الصهيوني والإستعمار هي: لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف، وهو ما يعني أن فلسطين حرّة من النهر الى البحر.

هي اذًا ليست شعارات جوفاء أو مزايدات تفاوضية، وإنما ثوابت وحتميات.

ورغم أن الغرب والكيان لم يتخلّ عن ثوابته، إلا أن الأغلبية الكاسحة من أصحاب القضية تخلوا تدريجيًا عن هذه الثوابت، ثابتًا تلو الآخر، مما وضعها في ركن ضيق عنوانه التصفية وتحويلها الى قضية تاريخية وإخضاعها لسياسة الأمر الواقع.

ولا مفرّ من ضبط بعض المصطلحات قبل الخوض في محطات انحراف الصراع والمؤثرات المختلفة للسياسات والحوادث على القضية:

1ـ أصحاب القضية:

أولًا: أصحاب القضية ليسوا هم الفلسطينيين فقط، وإن كان الفلسطينيون هم الطرف المباشر الذي وقع عليه العدوان والإغتصاب وهم أكثر المتضررين منه، وإنما الأمر يتخطاهم بحسب طبيعة المشروع ليجعل مشرق الأمة العربية ومغربها أطرافًا مباشرة لأنهم المستهدفون بالتقسيم والإستنزاف عبر نقطة الإرتكاز الفلسطينية.

ثانيًا: الأمة الإسلامية هي صاحبة القضية باعتبار أن هناك أبعادًا دينية للقضية يعلنها العدو من جهة، وباعتبار الدائرة الإسلامية الوثيقة بالدائرة العربية من جهة أخرى.

ثالثًا: للقضية أبعاد أخلاقية وانسانية تستدعي أن يكون كل الأحرار وكل من يرفعون شعارات أخلاقية وإنسانية وكل من يتشبث براية القانون والعدالة، طرفًا في الصراع وصاحبًا للقضية.

2ـ الصراع:

أولًا: الصراع ليس فلسطينيًا - اسرائيليًا وإنما صراع عربي ويتخطى العرب ليشمل أصحاب القضية المشار اليهم من طرف، والطرف الآخر ليس الكيان "الاسرائيلي" المزعوم فقط، وانما الحركة الصهيونية العالمية والتي تشمل الصهاينة في فلسطين المحتلة من حكومة ومستوطنين، وصهاينة الخارج من اللوبيات اليهودية الصهيونية ومن تم تجنيدهم لخدمة المشروع الصهيوني من جنسيات وديانات مختلفة، ومن تقاطعت مصالحهم مع الصهيونية بمن فيهم عرب ومسلمون بل وفلسطينيون.

هو اذًا صراع شامل تتسع دائرته وتتدرج من صراع فلسطيني - صهيوني الى عربي - صهيوني الى اسلامي - صهيوني لتصل الى صراع انساني - صهيوني، وهو صراع شامل مع الاستعمار باعتبار الصهيونية واجهة له وركنًا وثيقًا من أركانه.

وهنا يمكن الولوج لأبرز محطات القضية والتي انحرف بها الصراع وشكلت محطات مؤثرة عضويًا على طبيعة الصراع وتوصيفه وعلى انسحاب أصحاب القضية وتخليهم عن دورهم ومسؤولياتهم، بل وانضمامهم للمشروع الصهيوني والطرف الاستعماري المقابل.

وهنا يمكن التقسيم لمراحل مفصلية:

1ـ الإحتفاظ بالثوابت رغم النكسات
2ـ مفصلية كامب ديفيد
3ـ بروز الحركة الإسلامية في فلسطين
4ـ انتفاضة الحجارة كمحاولة للإنقاذ
5ـ انقسام العمل الفلسطيني
6ـ مبادرة الاستسلام العربية
7ـ خارطة طريق التصفية
8ـ صفقة القرن
وفي الجزء الثاني من هذا المقال يأتي إلقاء الضوء على كل محطة من هذه المحطات.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات