معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

23/10/2020

"اسرائيل" المسكونة بالرعب: كيف تتجنب حزب الله ثانيًا في سوريا؟

جهاد حيدر

لا يزال نموذج حزب الله في لبنان يرعب قادة العدو ليس فقط في لبنان، وانما يخشون من تمدده الاقليمي. لم ينطلق هذا المفهوم من معلق صحافي هامشي في الساحة الاعلامية الاسرائيلية، ولا من شخصية تريد المزايدة على نتنياهو، ولا من خبير مغمور أراد أن يُحدث صدمة كي يتم تسليط الأضواء عليه، وانما صدر من رئيس جهاز التقدير الاستخباري (قسم الأبحاث) في الاستخبارات العسكرية، امان، العميد درور شالوم، في مقابلتين متتاليتين، الاولى مع صحيفة "يديعوت احرونوت" والثانية مع موقع ايلاف السعودي. فأوضح أن هدف "اسرائيل" منع حزب الله -2 في سوريا. سبقه الى الموقف نفسه، قبل أكثر من سنة، رأس الهرم السياسي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن بوضوح في ذكرى حرب 2006، أن "اسرائيل" لن تسمح بـ "لبنان ثان في سوريا".

ماذا يعني رفع هذا الشعار في هذا التوقيت؟ وأي رسائل ينطوي عليها ازاء المرحلة السابقة، والواقع الذي تشهده المنطقة؟ وأي مؤشرات ينطوي عليها في معادلة الصراع مع "اسرائيل"؟

يكشف رفع هذا الشعار، عن أولوية كيان العدو بشقيه السياسي والأمني في هذه المرحلة من الصراع. ويُجمل حقيقة أهداف الخطوات والخيارات التي ينتهجها حلفاء "تل ابيب" في المنطقة. ويؤكد أن الهم الأساسي الذي يحتل رأس اهتمامات مؤسسات كيان العدو ذات الصلة بالأمن القومي، يتمحور حول منع تكرار نموذج حزب الله في أي من الساحات الاقليمية، وبطبيعة الحال الأولى أيضًا، محاولة اسقاط هذا النموذج في لبنان.

لم يتبلور هذا الشعار الذي ينطوي في داخله على الكثير من الرسائل، إلا بعد تقدير وضع، خلص فيه قادة العدو الى تحديد أن التهديد الذي يمثله حزب الله في البيئة الاقليمية على واقع ومستقبل "اسرائيل"، يفرض انتهاج خيار منع تكرار نموذجه. ويأتي بعد 14 عاما من آخر حرب عسكرية مباشرة شنها جيش العدو من أجل القضاء على حزب الله. ويؤكد بذلك على حجم الهزيمة التي تلقاها خلالها وما تلاها من مراحل مرت بها المنطقة.

يكشف هذا الشعار ايضا، عن حجم قوة الردع التي استطاع حزب الله فرضها على كيان العدو. فلو لم ينجح (حزب الله) في أن يحفر في وعي صناع القرار السياسي والامني، أن أي مبادرة عدوانية ستُقابَل برد سيضعهم أمام خيارين: اما الارتداع، أو الرد المتدحرج نحو مواجهة عسكرية واسعة. ومن الواضح أن هذه الرؤية بقيت مواكبة مؤسسة القرار في كيان العدو، طوال السنوات الماضية، والتي خلالها نجح حزب الله في مراكمة وتطوير قدراته.

ينطوي هذا الشعار على اقرار بفشل كل الخيارات والرهانات التي توالت خلال أكثر من عقد. وكانت "تل أبيب" تأمل أن تنتهي من التهديد الذي يمثله حزب الله من دون أن تدفع أثماناً تعلم أنها قد لا تطيقها. لكنها عادت ووجدت نفسها مباشرة أمام حزب الله وبشكل مباشر. والجديد أن نموذج حزب الله في المقاومة بكل تكتيكاته في الرد والدفاع والردع، بات يتحول الى نموذج اقليمي. وهكذا يكون اعلان رئيس جهاز التقدير الاستخباري في امان، وقبل ذلك نتنياهو، يُمثِّل اقراراً مباشراً بأن حزب الله شكَّل نموذجاً مجدياً وفعالاً في مواجهة كيان بحجم قدرات "اسرائيل"، وأن همها ينصب الان على محاصرته ومنع تكراره.

في نفس السياق، تكشف مواقف قادة العدو، ايضا، عن حقيقة أهداف "اسرائيل" من وراء اعتداءاتها المتواصلة على الساحة السورية. ويعني ذلك أنها تهدف من وراء ذلك الى منع بناء وتطوير القدرات السورية، بالاستناد الى التجربة الناجحة في لبنان في الصراع مع "اسرائيل".

مع ذلك، تكشف ردود فعل قادة العدو على نموذج حزب الله عن ادراكهم العميق بأنه يمثل بديلًا ناجعًا لشعوب المنطقة في مواجهة التهديد الذي تمثله "اسرائيل". وخطورة هذا البديل أنه ينسف إحدى أهم الذرائع التي يتم تسويقها، زوراً، لتبرير التطبيع مع كيان العدو أن موازين القوى الدولية والاقليمية تفرض التسليم بالوقائع. والواقع أن حركة مقاومة في أصغر بلد عربي في دول الطوق، نجحت في أن تفرض ارادتها على المحتل في التحرير والردع.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل