معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

ليبيا: هل يصمد اتفاق الهدنة في ظل السباق الدولي على النفط؟
29/08/2020

ليبيا: هل يصمد اتفاق الهدنة في ظل السباق الدولي على النفط؟

تونس - روعة قاسم

منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين فرقاء الصراع في ليبيا، ومقترح "سرت والجفرة منطقة منزوعة السلاح"، تتباين ردود الفعل بين مؤيد ومشكك في مدى نجاعة الاعلان وقدرته على تهدئة الأزمة.

وكان السؤال الأهم يتمحور حول كيفية الحفاظ على هذا الاتفاق وهل سيصمد أمام حجم الضغوطات الإقليمية والدولية، أم أن مصيره سيكون الفشل كما باقي الاتفاقات والتفاهمات التي عرفتها الأزمة الليبية طيلة السنوات الماضية؟ فجلّ هذه المبادرات سواء الإقليمية او الدولية كانت دون أية نتيجة، بل، إن بعضها عمّق التدخلات الخارجية أكثر، مما جعل ليبيا تتحول الى أكبر ساحة للحروب الخارجية في المنطقة.

تحديات عديدة

وجاء اعلان قوات الوفاق عن تسجيل خرق للهدنة من خلال قيام مجموعات بإطلاق 12 صاروخ غراد خلال اليومين الماضيين تجاه مواقع قوات الوفاق غرب سرت، ليضع مصير الهدنة على المحك. كما تلقي الأوضاع المعيشية والاجتماعية المتردية بثقلها أيضًا على هذا الاتفاق، فطوال الأيام الماضية عاشت البلاد على وقع احتجاجات متصاعدة دفعت برئيس حكومة الوفاق فايز السراج الى توقيف وزير الداخلية فتحي باشاغا.

محور حفتر أيضًا يواجه تحديات عديدة بعد أن سجلت في صفوف قواته انسحابات عديدة. فطوال أمد المعركة، جعل القبائل التي كانت مناصرة له تشعر بالاستياء من فقدان أبنائها والتضحية بهم في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل، بل تبين بأن الخاسر الوحيد هم الليبيون أنفسهم، فهم وقود المعركة العالمية، والسباق المحموم على النفط الليبي.

ويؤكد جلّ المتابعين بأن سعي الولايات المتحدة عبر سفيرها في ليبيا الى فرض هذه الهدنة وجعل سرت والجفرة منزوعتا السلاح هو من أجل اتاحة الفرصة لاستغلال هذه الثروة النفطية الليبية التي تتركز في سرت والجنوب الليبي.

أهمية استراتيجية

والمعلوم أن سرت تتمتع بأهمية جيو - استراتيجية بالغة بسبب موقعها الذي يتوسط المناطق التي يسيطر عليها طرفي النزاع أي السراج وحفتر. ويمكن اعتبارها أيضًا حلقة الوصل بين شرق البلاد، وغربها، وجنوبها. إضافة الى ذلك تحتوي المدينة على ثروات باطنية هائلة نفطية وغازية مكتشفة في حوض سرت. ومنذ سنوات تخوض الشركتان العملاقتان "إيني" و"توتال" صراعاً للفوز بعقود التنقيب عن الغاز والنفط في تلك المنطقة. كما أن احتواء المدينة على أحد اكبر الموانئ يجعل منها رقمًا صعبًا في المعادلة الليبية وهي كذلك بوابة الوصول الى الهلال النفطي الليبي، الذي يضم أهم أربعة موانئ نفطية تصدّر 80 في المئة من النفط الخام، الذي تنتجه البلاد يوميًا، وهذه الموانئ هي "رأس لانوف والبريقة، والسدرة، والزويتينة". ولا يفصل هذه الموانئ عن مدينة سرت، سوى 150 كيلو مترًا باتجاه الشرق. فمن يسيطر على سرت يكون قد فتح كل المنافذ والأبواب للتقدم نحول الهلال النفطي. وأمام استحالة حسم المعركة بين طرفي النزاع المدعومين من الخارج أي السراج وحفتر، تمّ الاتفاق على جعل تلك المنطقة منزوعة السلاح.

ميزان القوى لصالح من؟

كل هذه التطورات تقود الى طرح السؤال التالي: هل ما زال حفتر حقًا الرجل القوي في ليبيا؟ وما هي مناطق نفوذ كل من حكومة الوفاق وحفتر؟
 
في هذا السياق يقول المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الليبية مصطفى الجريئ لـ"العهد": "من الواضح أن حفتر وبعد انسحابه من محيط طرابلس وترهونة وانسحابه المفاجئ من قاعدة الوطية فقد تقريبًا نفوذه غرب ليبيا. فقد تراجع نحو الوسط تحت الضغوطات الدولية أولًا، وبعد فشله في تحقيق أهداف عملية "طوفان الكرامة" ثانيًا. اذ منحت بعض القوى الدولية الفرصة لحفتر كي يدخل طرابلس طيلة 18 شهرا لكنه فشل لعدة أسباب، واليوم حكومة السراج هي المسيطرة على طرابلس وكامل غرب البلاد والمنافذ البرية وتقف قواتها على بعد 70 كلم عن سرت".

ويوضح الجريئ: "مع وجود تحركات في سرت وجنوب ليبيا كلها ضد حفتر، تنحصر سيطرة الأخير بمناطق برقة دون تجاهل وجود حالة من عدم الرضا عن القائد العام لدى عدد من قبائل برقة خاصة أن عمليات "الكرامة" كلفتها خسارة الآلاف من أبنائها بين قتلى وجرحى ومفقودين.  فالكثير من أبناء تلك القبائل انشقوا عن حفتر وانضموا للوفاق". وكل هذا يدل على تراجع لنفوذ القائد العام خليفة حفتر وتقدم سريع لحكومة السراج، والأيام القادمة ستكون حاسمة لجهة بقاء قوات "الكرامة" في سرت.

 

ليبيا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل