معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

الصراع الدولي على لبنان وحتمية انتصار محور المقاومة
17/08/2020

الصراع الدولي على لبنان وحتمية انتصار محور المقاومة

صوفيا - جورج حداد

 العامل الاقتصادي ـ الجيوسياسي (او ما يسمى في اللغة السياسية الدارجة: المصالح) هو العامل الأساسي المقرر في الحركية الجيوسياسية والجيو-استراتيحية الدولية. واساس هذا العامل في مجتمعنا الراهن هو الرأسمال. ولكن الرأسمال ليس، كما قد يبدو في الظاهر، ظاهرة تجريدية منفصلة عن الواقع، بل هو يوجد ويتحرك في ارتباط عضوي بالمجتمع، بتقسيماته الايديولوجية والدينية والقومية والدولانية.

وعلى هذا الأساس ينبغي النظر الى الصراع الدولي الراهن على لبنان. وهنا يجب الالتفات الى نقطتين مركزيتين:

أولًا ـ انه كما كان يجري (ويجب) تقسيم ظاهرة الاستعمار القديم - قوميًا - الى استعمار ايطالي وانكليزي وفرنسي الخ، فإنه ينبغي الآن الأخذ بالاعتبار وجود كتل رأسمالية مختلفة، ارتباطًا بالتقسيم السياسي، الايديولوجي، الديني والقومي للعالم. وهذه الكتل هي:

أ - ثلاث كتل مالية عالمية "غربية" هي:

1 – الكتلة المالية العالمية اليهودية ـ "الاميركية" اساسا.
2 ـ الكتلة المالية الكاثوليكية ـ "الاوروبية" اساسا.
3 – الكتلة المالية (النفطية) "العربية" ـ اطار اسلامي، المتمحورة حول السعودية اساسا.

وهذه الكتل هي موسومة أو موصومة تاريخيًا بأنها مرتبطة عضويًا بالاستعمار القديم (الكولونياليزم) والجديد (النيوكولونياليزم).

ب ـ الكتلة المالية "الشرقية" الصاعدة، المتمثلة في روسيا والصين وايران. وهي كتلة بديلة ونقيضة للكتل المالية "الغربية" الموصومة بالاستعمار والامبريالية والصهيونية.

وهذه الكتل جميعا تتصارع، وتتقاطع في صراعاتها، على لبنان.

ثانيًا ـ والنقطة المركزية الثانية هي لبنان. فهذا البلد الصغير ـ الكبير، الفينيقي العربي العريق، يمتلك ميزات تاريخية وجغرافية تضعه في صميم التاريخ والحضارة العالميين وتجعل منه نقطة ارتكاز في الجيو-استراتيجية العالمية برمتها. ويكفي أن نشير الى المعطيات التالية:

ـ1ـ لقد اعطى لبنان الأبجدية الفينيقية، أم جميع ابجديات العالم. وكل تلميذ ابتدائي في العالم يعلم هذه الحقيقة العلمية التاريخية.

ـ2ـ ان اللغة الارامية (الفينيقية القديمة) قد انتشرت في "العالم الهيلينيستي" القديم، جنبا الى جنب اللغة الاغريقية القديمة. و"السيد المسيح" نفسه، العبراني المولد، تبنى اللغة الارامية وتكلم وبشّر بها. وهذه نقطة ساطعة النور في تاريخ الحضارة العالمية.

ـ3ـ ان الفلسفة الرواقية، التي صاغها وبلورها زينون الفينيقي، كانت هي التمهيد الفلسفي ـ الاخلاقي للديانة المسيحية، أكبر وأفعل ديانة في الزمن الحاضر.

ـ4ـ ان صور الفينيقية القديمة قاومت حتى الرمق الأخير غزو الاسكندر المقدوني.

ـ5ـ ان قرطاجة القديمة، الابنة العظيمة لفينيقيا، حاربت الزحف العبودي الروماني القديم نحو الشرق حوالى 120 سنة، وحينما هزمت في 146ق.م فضلت الموت على الاستسلام.

ـ6ـ ان احفاد الفينيقيين العظام، مجاهدي المقاومة الوطنية اللبنانية، دشنوا عصر الانتصارات على "اسرائيل"، المدعومة بكل قوة الدولة الامبريالية الاعظم اميركا خصوصا، والامبريالية واليهودية العالمية عموما.

ـ7ـ تقع الجغرافيا اللبنانية في منتصف الشاطئ الشرقي لحوض البحر الابيض المتوسط الذي يصل بين اسيا وافريقيا واوروبا، والذي يمثل المسرح الاهم للحركة الاقتصادية والسياسية والستراتيجية والحضارية قديما وحديثا.

ـ8ـ ان لبنان المعاصر هو جزء لا يتجزأ من الامة العربية والوطن العربي الكبير، وهو الرائد الاول والمحرك الحيوي للنهضة العربية الحضارية الحديثة.

ـ9ـ يوجد في لبنان كتلة دينية "كاثوليكية" ترتبط دينيا ونفسيا بالغرب المسيحي، وكتلة اسلامية سنية ترتبط بالسعودية ومصر، وكتلة اسلامية شيعية ترتبط دينيا بالعراق وايران، وكتلة اورثوذوكسية ترتبط دينيا بروسيا.

ـ10ـ منذ الغزو العثماني، المدعوم اوروبيا ويهوديا، للبلاد العربية، و"الامتيازات الاجنبية" التي منحها الغزاة العثمانيون للدول الاستعمارية الاوروبية، ـ منذ ذلك الزمن ولبنان يقع ضمن دائرة النفوذ والمصالح الاستعمارية الغربية، وهو ما كرسته اتفاقية يالطا التي وقعها، في شباط 1945، زعيما الامبريالية العالمية حينذاك روزفلت وتشرشل وخائن الشيوعية الاكبر يوسف ستالين، والتي بموجبها تم اعتراف القيادة السوفياتية الستالينية في 1947 بشرعية قيام اسرائيل.

وبصرف النظر عن التوازنات السياسية الظرفية بما فيها التوجهات السياسية الظرفية لهذه الحكومة او تلك، فإن مؤسسات التركيبة المجتمعية ـ الطائفية ـ الدولوية للبنان هي مؤسسات "عثمانية" تابعة للغرب الاستعماري.

ـ11ـ ولكن في الوقت نفسه فإن نزعة التحرر الوطني والاستقلال وثقافة المقاومة هي متجذرة تاريخيا في وجدان الجماهير الشعبية اللبنانية المناضلة، وقد قدمت في هذا السبيل قوافل من الشهداء، كما برز منها قادة تاريخيون أعلام كانطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفرج الله الحلو احد ابرز قادة الحركة الشيوعية اللبنانية والعربية، وكمال جنبلاط مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، والامام موسى الصدر مؤسس حركة "امل" اللبنانية، والسيد عباس الموسوي الامين العام السابق لحزب الله. وهؤلاء الشهداء الكبار هم مشاعل منيرة على طريق حركة التحرر الوطنية والتقدمية اللبنانية والعربية والعالمية.

وبهذه المعطيات، السلبية والايحابية بالنسبة للغرب، احتل لبنان ويحتل مركزًا استثنائيًا في اهتمام الغرب (والعالم المتمدن) به. وقد تضاعف هذا الاهتمام بعد اكتشاف وجود النفط والغاز في شرقي المتوسط. وتتفق الكتل المالية "الغربية" على الاحتفاظ بلبنان ضمن "الحظيرة الغربية". وهي تستند وتستعين على ذلك بالطابور الخامس اللبناني القديم، الموالي للغرب الاستعماري والصهيونية و"اسرائيل". ولكنها (اي الكتل المالية العالمية "الغربية": اليهودية ـ الاميركية، والكاثوليكية ـ الاوروبية، والعربية ـ ذات الغطاء الاسلامي) كانت تتزاحم فيما بينها لاحتلال مركز الاولوية في الهيمنة على لبنان، وتتسابق لتخريب وتدمير لبنان وذبح الشعب اللبناني، من اجل الاحتفاظ بهذه الهيمنة.

وقد تجلى ذلك في تظافر جهود الكتل الغربية لاشعال وتسعير الحرب الاهلية اللبنانية سنة 1975، لتهجير المسيحيين من لبنان. وقد قال المندوب الاميركي الخاص دين براون، لرئيس الجمهورية حينذاك سليمان فرنجية (الجد) "ان البواخر جاهزة لنقل المسيحيين الى الغرب". كما ان السعودية كانت تمول المجموعات المشبوهة على ضفتي الصراع لذبح المواطنين الأبرياء على الهوية. ثم قامت اميركا والدول الاستعمارية الغربية بتأييد ودعم الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982، بينما وقفت السعودية والدول العربية الاخرى الموالية للغرب (كما تقف اليوم) تتفرج على لبنان وهو يذبح ويدمر. وفي 1983 جاءت "القوات متعددة الجنسية" (الاميركية ـ البريطانية ـ الفرنسية) الى لبنان لقطف ثمار الاجتياح الاسرائيلي ووضع لبنان تحت الاحتلال والوصاية الدوليين. وفي تلك الاثناء قامت البارجة الحربية الاميركية نيوجرسي بقصف الاراضي اللبنانية بالقذائف فائقة الضخامة لترويع اللبنانيين وتركيع لبنان. وجاءهم الجواب بتفجير مقر المارينز الاميركيين قرب مطار بيروت في 23 تشرين الثاني 1983، وسقوط حوالى 250 من جنود وضباط الاحتلال الاميركي، فاجبرت  القوات الاميركية على الانسحاب الى سفنها والاختفاء خلف الافق.

ولكن بعد توقيع ما سمي "اتفاقية اوسلو" في 13 أيلول 1993، نشأ أمل وهمي لدى الكتل المالية الغربية بامكانية اخضاع الشعب الفلسطيني البطل وفرض "السلام الاسرائيلي" في المنطقة. ومن ثم تحويل المنطقة العربية بأسرها الى مصدر وممر لموارد الطاقة (النفط والغاز)، والى منطقة اقتصادية ـ تجارية واسعة تتمحور حول مركز اقليمي موحد سمته اجهزة الاعلام مجازا "هونغ كونغ" العربية. وهنا ظهر تباين حاد بين مخططات الكتل المالية العالمية الغربية.

فالكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية أرادت أن تضطلع "اسرائيل" بدور "هونغ كونغ" الاقليمية المنشودة، على أن تقوم الدويلة الفلسطينية "الاوسلوية" الموعودة بدور السمسار والوسيط بين "اسرائيل" والبلدان العربية والاسلامية.

في حين ان الكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية كانت تميل نحو تحويل لبنان الى "هونغ كونغ" الاقليمية، نظرًا لكونه بلدًا عربيًا، ونظرًا لعلاقاته القديمة مع أوروبا الغربية.

أما الكتلة المالية العربية ـ الاسلامية فتأرجحت ـ ولا تزال تتأرجح ـ بين الكتلتين الأخريين.

ولكن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، اضطلع بدور مميز في التقريب بين الكتلة المالية العربية ـ الاسلامية والكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية ومشروعها لتحويل لبنان الى "هونغ كونغ" العربية ـ الاسلامية. ولهذه الغاية اسس الحريري الاب لعلاقات وثيقة مع الاوساط العالية الحاكمة في فرنسا، وهي علاقات ما تزال قائمة الى الان بين عائلة الحريري وفرنسا. ولكن هذا الدور للحريري الاب اغاظ جدا الكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية. وبعد اغتيال الحريري شنت "اسرائيل" عدوانها الوحشي على لبنان في حرب تموز 2006 لكسر شوكة المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله واحتلال لبنان وتمزيقه وتدويله.

وفي هذه الأثناء كانت روسيا قد تخلصت من الطابور الخامس اليهودي ـ الغربي الذي حكم روسيا وتحكم بها في عهد غورباتشوف ويلتسين. وجاء الى السلطة التيار القومي الروسي ـ الاورثوذوكسي بقيادة فلاديمير بوتين. وأخذت روسيا الجديدة المبادرة لتشكيل "المحور الشرقي الجديد" ونواته المؤلفة من روسيا والصين وايران، بكل امكانياته الهائلة، البشرية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والمالية. ولم يكن هذا المحور ليسمح بسقوط لبنان في قبضة الدول الامبريالية الغربية و"اسرائيل" واليهودية العالمية. وقد تجلى ذلك ميدانيا في الدعم الذي حصلت عليه المقاومة في حرب تموز 2006 والهزيمة المنكرة لـ""اسرائيل" في تلك الحرب.

وبعد هزيمة "اسرائيل" في حرب تموز 2006 تضافرت جهود الكتل المالية العالمية "الغربية" الثلاث لتحريك "الربيع العربي" المشؤوم، تمهيدا لشن "الحرب العالمية للجيش التكفيري العالمي" لاقامة "دولة الخلافة الداعشية" على انقاض النظامين السوري والعراقي. وكان الهدف الاستراتيجي الرئيسي لتلك "الدولة الداعشية" فيما لو قامت هو اجتياح لبنان، بدعم اميركي ـ اوروبي غربي ـ سعودي ـ تركي ـ وطبعا يهودي عالمي، وسحق المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله، ومن ثم اقامة "السلام الدائم" العربي ـ الاسرائيلي، باسم "التآخي" التاريخي لابناء الديانات السماوية "الابراهيمية"(!).  

ولكن مشروع "الخلافة الداعشية"، الذي كلف الكتل المالية العالمية "الغربية" مئات مليارات الدولارات، دفن تماما على الارض السورية، بفضل صمود جماهير الشعب السوري والجيش الوطني السوري، وبفضل الدعم الحاسم الذي قدمته قوات "محور المقاومة"، الروسية والايرانية والوطنية اللبنانية، بطلب من السلطة الشرعية في سوريا.

وهنا يجب التنويه بالدور البطولي المميز الذي اضطلعت به المقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة حزب الله، في دفن المشروع الداعشي وحماية لبنان من الطاعون الداعشي، وهو ما عزز مكانة حزب الله سياسيا وعسكريا في لبنان، بوصفه الضمانة الاولى والاساسية لحماية الاستقلال الوطني للبنان بوجه العدوان والمطامع الاسرائيلية، وحماية الوحدة الوطنية اللبنانية بوجه أي شكل من أشكال الداعشية. وقد تكرس هذا الدور وتعزز اكثر بعد التعاون الذي تم بين المقاومة والجيش اللبناني في تحقيق النصر على الارهابيين التكفيريين في معركة "فجر الجرود" في شهر اب 2017، والتي اطلقت على اثرها مفهومة "الثلاثية الذهبية": الشعب والجيش والمقاومة!

وفي هذه الأوضاع غير الملائمة لجميع أعداء لبنان، مقاومة وشعبًا وجيشًا، "طفح الكيل" لدى جميع الكتل المالية العالمية "الغربية"، فقررت فرض أشد العقوبات وتضييق الخناق على جماهير الشعب اللبناني بأسره، بما في ذلك جنود وضباط الجيش اللبناني وعائلاتهم، لاجبار الجميع على التخلي عن المقاومة، ومن ثم الاستفراد بالمقاومة وضربها أو اخضاعها وتطويعها عن طريق توسيع صلاحيات قوات اليونيفيل وزيادة اعدادها وتكثيف أسلحتها وتحويلها الى "قوات ردع" دولية، كما فعلت فيما مضى "قوات الردع العربية" التي دخلت لبنان في حينه لضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وكانت خطة الحصار على لبنان وخنقه تهدف الى دفع أكبر عدد من اللبنانيين الى الهجرة، وافقار وتجويع من يتبقى من اللبنانيين، وفي الأخير تحويل لبنان كله الى "مخيم لاجئين" كبير، للبنانيين والنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيشون جميعًا على الاعاشات والمساعدات الغذائية وغيرها، التي تقدمها لهم كاريتاس والصليب الاحمر الدولي والهلال الاحمر السعودي وحتى "نجمة داود الحمراء" الاسرائيلية.

ولهذه الغاية قامت عصابات الطابور الخامس اللبناني الموالي للغرب و"اسرائيل"، المعششة في البنك المركزي والمؤسسات المصرفية وجميع الشبكة المالية والتجارية، ـ قامت بمراكمة الديون على الدولة اللبنانية وسرقة أموال المودعين بالعملات الاجنبية المقيمين والمغتربين وسرقة الاحتياطات من العملة الصعبة في البنك المركزي والمصارف، ومن ثم تهريب مليارات الدولارات من الأموال المسروقة والمنهوبة، الى الخارج. و ـ بسحر ساحر! ـ انطلقت في وقت واحد جميع ثعابين الازمات المالية والاقتصاية والاجتماعية والبيئية في لبنان بالتوازي مع ازمة وباء الكورونا: ازمة الدولار، ازمة الغلاء الفاحش، ازمة الخبز، ازمة الكهرباء، ازمة النفايات، ازمة اللحوم الفاسدة، ازمة التعليم، وغيرها وغيرها. وفوق جميع هذه الازمات انطلقت حملة هستيرية ضد المقاومة متهمة اياها بأنها السبب في ما يحدث للبنان، لانها ـ اي المقاومة ـ هي التي تستجر غضب "المجتمع الدولي!" ضد لبنان. وكان الهدف الرئيسي لهذه الحملة توجيه الاحتجاجات الشعبية على الازمات ضد المقاومة تمهيدا لضربها وتطويعها. وكان يقود هذه الحملة الاعلامية عملاء منظمة "المجتمع المفتوح" لمؤسسها الملياردير اليهودي جورج سوروس، المهندس الاول لـ"الثورات الملونة" في جمهوريات الكتلة السوفياتية والاتحاد السوفياتي السابقين.

ولكن هذه الحرب المالية ـ الاقتصادية ـ المعيشية ـ السياسية ـ الاعلامية الشعواء فشلت فشلًا ذريعًا في الوصول الى هدف زرع الفتن وعزل وضرب المقاومة في لبنان. بل أدت الى نتائج عكسية، وهي ازدياد التفاف جميع القوى الوطنية والتقدمية وجميع المواطنين الشرفاء حول المقاومة، التي أصبحت معقد الأمل ليس فقط في حماية لبنان من العدوان والمطامع الاسرائيلية، بل وكذلك في محاربة كتلة الفساد واللصوصية في الدولة اللبنانية.

وهنا طار صواب الكتلة المالية اليهودية ـ الاميركية. وتشير الدلائل الى أن الدوائر الاكثر تطرفا في اميركا و"اسرائيل" قررت تطبيق "الحل النهائي" (على الطريقة الهتلرية) ضد لبنان، اي ازالته من الوجود. وفي تصريح له امام الصحفيين، فضح احد الدبلوماسيين الاسرائيليين في اميركا الخطة الجديدة ضد لبنان بالقول حرفيا "اننا سندفن حزب الله تحت انقاض لبنان".

وفي هذه الاجواء الملبدة والمعقدة حدثت "صدفة" تفجير بيروت بواسطة قنبلة الامونيا, والرغم من فظاعة هذه الجريمة الوحشية ضد الانسانية ومضاعفاتها المأساوية على الشعب اللبناني، فإن المعطيات الواقعية وموازين القوى على الارض، محليا واقليميا ودوليا، كانت تشير بقوة ان "محور المقاومة" الاقليمي والدولي، الذي دفن المشروع الغربي ـ الاسرائيلي ـ الداعشي في سوريا، لن يسمح بتاتا بدفن لبنان، بل على العكس سيتم دفن اصحاب مشروع حفر قبر لبنان، جنبا الى جنب مشروع الداعشية.  

 وقد ألقى تفجير بيروت الهلع لدى الكتلة المالية الكاثوليكية ـ الاوروبية، التي وجدت ان "خسارة" لبنان تعني خسارتها لأهم موقع لها في الشرق العربي.

ومن هنا جاءت الزيارة السريعة للرئيس الفرنسي الى لبنان، للملمة الاوضاع ومحاولة اقناع القيادة الاميركية بافضلية الاقتصار على مخطط تطويع لبنان، وربما ـ لهذه الغاية ـ التوصل الى "تسوية استراتيجية" مع محور المقاومة حول الوضع اللبناني و"ربط النزاع" وضبط المواجهة اللبنانية ـ الاسرائيلية.

والسؤال الكبير الآن، المركب والمتعاكس، هو:

ـ هل سيتمكن المعسكر الامبريالي ـ الصهيوني من "تحييد" لبنان عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وبالتالي تمكين "اسرائيل" من الاستفراد بالشعب الفلسطيني وطرده وتهويد فلسطين بالكامل، قبل الانقضاض من جديد لتأسيس دولة "اسرائيل الكبرى" من الفرات الى النيل، أم أن لبنان سيتحول الى القاعدة الرئيسية وطليعة المقاومة الانسانية، لتحرير شعوب العالم من مشروع الداعشية اليهودية المعادي للبشرية جمعاء؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل