معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

اليمن: مأرب إلى الواجهة مجدداً
17/06/2020

اليمن: مأرب إلى الواجهة مجدداً

محمد علي خازم

تعود الأنظار إلى جبهة مارب مجددًا، وسط التقارير الواردة من هناك، والتي تشير إلى اشتداد المعارك بين القوات المسلحة اليمنية، والمرتزقة المدعومين من التحالف السعودي بقيادة الرئيس المخلوع عبدربه منصور هادي.

مارب جغرافيا واقتصاديًا

تقع مأرب إلى الشمال الشرقي من العاصمة صنعاء وتبعد عنها بحدود (173) كم، وعدد مديرياتها (14) مديرية. ومدينة مارب هي مركز المحافظة، وتتصل المحافظة بمحافظة الجوف من الشمال، ومحافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، ومحافظتي حضرموت وشبوة من الشرق، إضافة إلى صنعاء من الغرب، كما وتبلغ مساحتها أكثر من 17400 كم مربع. وتشكل مارب العمق الاستراتيجي للتحالف السعودي الأمريكي في شمال اليمن، حيث تعتبر أيضًا البؤرة الأكبر والمعقل الرئيس لحزب الإصلاح التكفيري، حيث تعتبر مارب "إدلب اليمن"، بعد تحرير محافظة الجوف، وأطراف صعدة ونهم، خلال عمليات "نصر من الله" و"البنيان المرصوص" ثم عملية "فأمكن منهم"، حيث انطلقت هذه العمليات الثلاث نهاية شهر أيلول من العام 2019، وكان آخرها عملية فأمكن منهم مؤخرًا، والتي أدت لتطهير محافظة الجوف بشكل كامل. وأمام هذه العمليات الثلاث، فقد فرّ عدد كبير من المرتزقة والتكفيريين إلى مارب، حيث باتت تشكل التجمع الأكبر لهم الآن، وهي كانت في الأصل وقبل العدوان معقلًا لحزب الإصلاح التكفيري.

وفي الأهمية الاقتصادية لمحافظة مارب، فهي تحتوي على العديد من المعادن أهمها الجرانيت، الاسكوريا، الملح الصخري، الجبس، الرخام، إضافة إلى أنها أولى المحافظات اليمنية التي اكتشف فيها النفط، وبدأ إنتاجه في عام 1986. وكذلك تم اكتشاف الغاز المسال أيضًا، أما على مستوى انتاج الكهرباء، فإن محطة مأرب الغازية هي أولى المحطات التي تعمل بالغاز على مستوى الجمهورية اليمنية، بالتالي نحن نتحدث عن إحدى أهم المحافظات اليمنية اقتصاديًا لناحيتين، الثروة النفطية والمعدنية، والقدرات الإنتاجية. أما سياحيًا، فإن عددًا من أهم المعالم السياحية في اليمن تقع في مارب، مثل سد مأرب القديم ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب.

ما يحصل مؤخرًا وبحسب مراقبين، هو استكمال لعمليتي "البنيان المرصوص" و"فأمكن منهم"، حيث بات الهدف بالنسبة للقوات المسلحة، التقدم نحو مارب بعد تأمين طوق صنعاء ومحافظة الجوف بنسبة تفوق الـ90%، التقدم الأول كان خلال عملية البنيان المرصوص، حيث دخلت القوات اليمنية إلى محافظة مارب من بوابة مديريات مجزر وصرواح ومدغل، والتي تقع إلى غرب وشمال غرب المدينة، ما شكل أولى خطوات المعركة الكبرى لتحرير مدينة مارب، حيث يتوقع أن تكون المعركة كبيرة وشرسة، كون قوات المرتزقة المتواجدة فيها تمتلك عديدًا ضخما، وتحصينات عالية تم تشييدها سابقًا للدفاع عن المدينة، إضافة لوجود الجماعات التكفيرية منذ سنين سابقًا، وكونها المعقل الكبير الأخير في شمال اليمن، فمن المتوقع أن تكون المقاومة شرسة وقوية، مع الأخذ بعين الاعتبار وقوع مفاجآت ميدانية قد تقلب المعادلة وتدفع المرتزقة إلى الفرار في الصحاري، أو باتجاه "وادي عبيدة"، والذي يشكل مركز التكفيريين الرئيسي في مارب منذ سنوات. ولوحظ في الفترة الأخيرة تكثيف الغارات من طيران التحالف السعودي، حتى بلغت المئات خلال ساعات قليلة، وتركزت بشكل واضح على مناطق الاشتباك الحاصل غرب محافظة مارب وتحديدًا على مديريات مجزر وصرواح، ونسبةً للمعطيات التي كُشفت خلال العمليات السابقة، فإن هذه الغارات هي محاولات من الطيران المعادي لإسناد المرتزقة ميدانيًا ولإعاقة تقدم قوات الجيش اليمني المهاجمة، إلا أنه وبحسب المعطيات، فإن القوات المسلحة اليمنية، تعمل على تعطيل حركة الطيران الحربي المعادي عبر مسارين، الأول هو عبر عمليات قوات الدفاع الجوي، حيث يتم إطلاق صواريخ أرض جو باتجاه الطائرات المعادية، والمسار الثاني هو قصف مرابض الطائرات والمدرج الخاص بالطيران الحربي في المطارات السعودي الجنوبية، ولعل آخر هذه الضربات كانت عملية استهداف قاعدة خميس مشيط العسكرية بعملية لسلاح الجو المسير عبر 5 طائرات من طراز قاصف 2k الهجومية وبحسب متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، فإن العملية استهدفت مرابض الطائرات ومخازن التسليح وأهدافاً عسكرية حساسة أخرى في القاعدة، وكانت الإصابة دقيقة.

المعارك مستمرة إذاً على الأرض، وإن كان الإعلان لا زال مؤجلًا حتى إشعار آخر، إلا أن جولة سريعة على قنوات التحالف والمرتزقة، تؤكد شراسة المواجهات في أطراف مارب، وحتى حين الإعلان الرسمي عن مجريات الميدان وتفاصيل المعارك والعمليات، فنحن أمام واقع لم تحسبه السعودية في أسوأ كوابيسها، وهو الانتقال من معارك السيطرة على صنعاء، إلى معركة الدفاع عن مارب.

مأرب

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل