آراء وتحليلات
"تشابهار" بين الحرير والنار
محمد حسين خليق
قلّل الحرس الثوري من تداعيات الاعتداء الإرهابي على مركز الشرطة في مدينة تشابهار المهمة استراتيجيا واقتصادياً في الوقت الذي توعدت الجهات العسكرية والأمنية بملاحقة الفلول الإرهابية والكشف عن الجهات الداعمة لها ما يعطي الشرعية التامة للعمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية.
تشابهار محور الاتفاق الثلاثي الايراني الهندي الافغاني في ٢٧ مايو ٢٠١٦ بشأن تأهيل بنادرها وإحياء المنطقة الحرة وربط بحر عمان والمحيط الهندي ربطاً مستقبليا - ولعله في عام ٢٠١٩ كما هو متوقع - بطريق الحرير شمالاً وصولاً إلى قفقاز وشرق أوروبا عبر السكك الحديدية الهندية الايرانية من بوابة المياه الدولية في تشابهار؛ وبالتالي تحمل هذه الاتفاقية نتائج اقتصادية ايجابية للأطراف الثلاثة من جهة وتحدياً استراتيجيا واستفزازاً تجاريّاً للسعودية والإمارات بشأن نقل البضائع إلى أوروبا من جهة أخرى.
لا يروق الشيطان الأكبر أمريكا الممزِّقة للاتفاقية النووية عدم حصول نتائج ملموسة بعد الضغوطات الأمريكية الاقتصادية بسقفها الرفيع؛ فلا بد من إرباك الواقع الأمني في المراكز الاقتصادية المهمة بتمويل سعودي إماراتي بدءا من الاعتداء الإرهابي في أهواز وصولاً إلى التفجير الانتحاري أمس في تشابهار حتى الآن.
لم يمر وقت طويل حتى آتت شجرتهم الخبيثة أكلها عندما أعلن "أنصار الفرقان" المسؤولية التامة عن الاعتداء الإرهابي أمس وهذا يعني؛
أولاً: نشاط الحركات "الراديكيلية الإسلامية" الإرهابية في البلاد الإسلامية وغيرها دون استثناء بدعم سعودي مطلق.
ثانياً: استمرار بريطانيا في تمزيق الأمة الإسلامية عبر إيجاد الحركات المتطرفة تحت شعار "فرّق تسد".
ثالثاً: صوابية خيارات خط المقاومة الاستراتيجية والدول الداعمة لها خصوصاً الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسورية مما يعني الاستمرار في هذا النهج حتى إزالة "اسرائيل" جغرافياً وفكرياً وسياسياً.
رابعاً: كسر أهداف أمريكا الرامية إلى إضعاف خيارات الشعوب في المنطقة؛ وذلك عبر تعزيز العلاقات الطيبة بين دول شرق الأوسط بعيدا عن الصراعات الإثنينية.
وأياً يكن: ستنهار خارطة طريق كولن باول ورايس وفوضتهما الخلافة في الشرق الأوسط عند أسوار دمشق وسياسة إيران الحريرية أحياناً والنارية تارة أخرى، ولا ينسى القارئ للمتغيرات الدولية المتسارعة تحقيق الفشل الذريع الذي مُنيت به أمريكا في المنطقة وإخراج الإسرائيلي من سماء سوريا وغزة.
ولعل الإدانة الرسمية الأردنية والكويتية للعمل الإرهابي في تشابهار تشي إلى المزيد من الاصطفافات الشاقولية الحادة في المواقف الدولية تجاه السياسة الأمريكية عام ٢٠١٩ مما يعزز القول: إن عوامل المواجهات العسكرية الكبرى قوية لكن إرادة الحرب ضعيفة.
فهل تنتصر سياسة الصبر الاستراتيجي الناعم الحريري لخط المقاومة على رصاصهم ونارهم؟ نعم والشهور بيننا.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
29/11/2024