معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

لبنان: الأمن الغذائي مقابل استحقاقات الدين العام
07/02/2020

لبنان: الأمن الغذائي مقابل استحقاقات الدين العام

يوسف الريّس

يحاول مصرف لبنان انتهاج سياسة تثبيت سعر الصرف في السوق السوداء محاولًا بذلك خلق الارتياح في الاسواق اللبنانية. إلا أن الأزمة النقدية التي نتجت عن الاستدانة لا يمكن حصرها بالطلب على الدولار في السوق السوداء في ظل محدوديته. الطلب على الدولار في السوق السوداء هو نتيجة الفجوة التي حققها القطاع المصرفي بتأمين الدولار وخلقت أزمة لدى اللبنانيين عموما والمستوردين خصوصا.

عمليا، إن ما تنتجه التقلبات في سعر صرف الليرة هو تضخم بأسعار السلع ومعاناة اقتصادية واجتماعية متواترة. ولكن أساس الأزمة هو انخفاض احتياط العملات الأجنبية في المصرف المركزي. ومع قرب استحقاقات الاستدانة، تتجه الأزمة نحو التعقيد.

لبنان على موعد مع سلسلة من استحقاقات الدين العام والتي تنقسم إلى قسمين، شهادات إيداع صادرة عن مصرف لبنان ويوروبوندز صادرة عن وزارة المال. فشهادات الإيداع هي شهادات يصدرها المصرف مقابل مبلغ مجمد يتلقاه من العملية وجدول زمني لدفع المبلغ الأساسي والفوائد المترتبة عليه، أما اليوروبوندز فهي سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المالية بالعملات الأجنبية.

هذه الأدوات التي استخدمتها سابقا الدولة اللبنانية بشقيها الحكومي والمصرفي باتت هي أساس الأزمة، إذ إن الدولة لا تستطيع الالتزام باستحقاقاتها كما أنها غير قادرة على تلبية الطلب على الدولار للسلع الاستهلاكية الضرورية في البلد.

سلسلة استحقاقات الدولة اللبنانية للعام 2020:

على شكل شهادات ايداع بالدولار صادرة عن مصرف لبنان:

- 560 مليون دولار تستحق في 19 شباط
- 30.8 مليون دولار تستحق في 26 شباط
- 1.5 مليون دولار تستحق في كانون الأول
أي مجمل استحقاقات شهادات الودائع لعام 2020 هي 592.3 مليون دولار.

على شكل سندات دين بالدولار صادرة عن وزارة المال:

- 1.2 مليار دولار تستحق في 9 آذار
- 700 مليون دولار تستحق في 14 نيسان
- 1.427 مليون دولار تستحق في 16 نيسلن
- 600 مليون دولار في 19 حزيران
أي مجمل استحقاقات سندات وزارة المال هي 2501.427 مليون دولار.

وبالتالي مجمل استحقاقات الاستدانة لعام 2020 هي 3093.727 مليون دولار. يستورد لبنان سنويا ما يقارب الـ 20 مليار دولار ويصدر ما يقارب الـ 3 مليار دولار، أي بعجز في الميزان التجاري يقارب 17 مليار دولار. إلا أن تدفقات الأموال من الخارج إلى المصارف اللبنانية كانت تعدّل هذه الأرقام، ولكن في ظل أزمة القطاع المصرفي انعدمت التحويلات الخارجية إلى لبنان.

التقديرات لاحتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي لا تتعدى الـ10 مليارات دولار في أقصى درجات التفاؤل. وبالتالي إن العام الحالي هو عام التحدي النقدي. فالمصرف المركزي والحكومة الجديدة أمام أحد الخيارين، إما استخدام الدولار لتأمين الحاجات الغذائية والطبية والطاقة للمواطنين وإما المضي نحو سداد الدين العام والذي لا شك أن الدولة ستعود وتخفق في دفع المستحقات التي عليها فيما بعد.

بالنظر إلى الأزمة، وعند وضع الحلول الممكنة لا يمكن تجاهل الجهات الدائنة. فالمصارف اللبنانية التي حققت أعلى نسب أرباح على مدى 30 عاما لديها حصة بـ48% من الدين العام، أما المصرف المركزي فلديه حصة بـ 18% من الدين العام. وبالتالي 66% من الدين العام هي لجهات داخلية، لا بد للدولة أن تعمد إلى إعادة هيكلة للدين معها كخطوة أولى.

إن تهديد الأمن الغذائي والصحي للمواطنين لا يمكن أن يكون حلا لأزمة نقدية تأسست على حسابهم ولمصلحة 1% من الشعب. إن المساس بالأمن الغذائي والصحي يعني تدهورًا بالوضع الاجتماعي أكثر وبالتالي انزلاقًا نحو اللااستقرار الداخلي أكثر.

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل