معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

صفقة القرن سباق مع الزمن
30/01/2020

صفقة القرن سباق مع الزمن

علي الدرواني
لم يكن كيان العدو الاسرائيلي مهددا في وجوده كما هو حاله اليوم، فبعد ان كان التفكير الامني الاسرائيلي محصورا في غزة وجنوب لبنان طوال العقود الاخيرة الماضية، ونوعا ما بسوريا، فد توسع اليوم ليشمل شعاعا بمدى يتجاوز ألفي كيلو مترا، لتشمل العراق واليمن، كتهديدات حقيقية وخطيرة.

الواقع الجديد الذي فرضته شعوب المنطقة على كيان الاحتلال دفع الولايات المتحدة الراعي الاكبر للغدة السرطانية الاسرائيلية، ان تفكر بطريقة مختلفة، للتعامل مع هذه التهديدات والمخاطر، وما يجري في اليمن من عدوان مستمر سيدخل في عامه السادس في آذار/ مارس القادم،  وكذلك ما يعتمل في العراق من اذكاء للفتن الداخلية، بالاضافة الى محاولة اشغال لبنان، كلها تصب في محاولة الالتفاف على الواقع الجديد، وتجاوزه.

العدوان السعودي على اليمن، لم يأت بثماره المرجوة، بل على العكس، ازدادت الارادة لمواجهة الهيمنة الامريكية والاسرائيلية، وتنامى الوعي الشعبي الجمعي المضاد للمارسات والسياسات العدائية للولايات المتحدة، وتضاعفت القدرات العسكرية اليمنية لتسجل ضربات نوعية في عمق السعودية، الحليف الأبرز لواشنطن والدرع الاول لكيان العدو الاسرائيلي، بانواع الاسلحة البالستية والمسيرة، حيث منيت السعودية وادواتها في اليمن هزائم منكرة، سواء من حيث الوضع العام في جنوب البلاد، والانقسامات التناحرية هناك، او ما نتج عن عملية نصر من الله شمال صعدة، وتبخر جهود دول العدوان أربع سنوات هناك، واليوم هناك عملية لا تقل اهمية من حيث النوعية ولا من حيث النتيجة.

لا ننسى هنا ان اليمن، هو اول بلد تفر منه القوات الامريكية في القرن الحادي والعشرين، حيث ان قوات المارينز الامريكي جرت اذيال الخيبة من اليمن بعد 21 ايلول/ سبتمبر 2014.

في سوريا ايضا حيث هزمت التنظيمات التكفيرية والجماعات المسلحة، وبدات تتعافى وتلتقط انفاسها، وتستعيد كل الاراضي السورية من ادوات واشنطن، وفي الاثناء الجيش السوري يبدأ بالدخول الى معرة النعمان ثاني اكبر مدن إدلب، بما تعنيه من ضخامة الانجاز والصمود، وستعود سوريا قريبا اقوى مما كانت.

وليس العراق ببعيد ايضا ، فقط بدأ العراقيون بسحب البساط من تحت اقدام الامريكي، وما رأيناه في البرلمان العراقي بعد استشهاد الجنرال سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، وما تلاه في مليونية الغضب الشعبية، كلها مؤشرات للعد التنازلي لخروج القوات الامريكية المحتلة من هذا البلد العربي المسلم الذي عانى الكثير جراء الوجود الامريكي التخريبي الشيطاني، وبطرد القوات الامريكية من العراق، يكون خروجها ايضا من سوريا تحصيل حاصل.

بالنسبة لغزة ولبنان فمن نافلة القول ان يشار الى ما تحقق على يد المقاومة فيها من هزائم لا تزال تمثل هاجسا ومانعا للمحتل من اعادة التجربة العسكرية ويضرب الاخماس باسداس قبل ان يفكر حتى في العدوان مجددا عليها، ما يعني انه يعاني من حالة شلل كامل وعجز شامل.

الواقع المنتظر يقول ان كيان العدو الاسرائيلي سيكون محاطا بالكثير من الاخطار، لاسيما في حال دخلت بلدان وشعوب المقاومة في حالة من الاستقرار النسبي، لان العدو الصهيوني سيكون هو الشغل الشاغل، وسيكون العمل فقط لهزيمته واخراجه من المنطقة، وتطهير فلسطين من شرهم ، وتحرير المقدسات من دنسهم.

هذا الواقع هو الذي يجعل واشنطن تسابق الزمن في سبيل حماية الكيان، وخصوصا ان كل مخططاتها لاضعاف المقاومة تبدو فاشلة الى الان في منع الاخطار، بل قد ضاعفت من الاخطار والتهديدات الوجودية للكيان الغاصب، وتظن ادارة ترامب ان وضع الدول الخليجية الحالي والازمات التي تعاني منها انظمة النفط والرمال، يمكن ان يساعد في تمرير صفقة ترامب لتصفية القضية الفلسيطينية، مقابل وعود بالحماية لتكتل عربي اسرائيلي، تقوده السعودية والامارات، ومعها دول سباقة في التطبيع مع العدو الاسرائيلي كالاردن ومصر.

تقديرات واشنطن ان تسريع عجلة التطبيع يمكن ان تؤمن الحماية المطلوبة لـ"اسرائيل"، مع انشاء تحالف عسكري لمواجهة ايران وحلفائها في المنطقة، وهذا قد يحقق هدفين، ان لا تبقى "اسرائيل" وحيدة في المواجهة، والثانية ان لا تبقى دول الخليج في حالة الحياد، بل تدخل في تحالف علني، ودون اي تحفظات.

وبالاضافة الى التقديرات الامريكية الخاطئة، فرب ضارة نافعة، مثلما سيكون اعلان الصفقة لاعادة القضية الفلسطينية للواجهة العربية والاسلامية، فسيمثل توضيحا لمن يقف بصدق مع الشعب الفلسطيني وقضية القدس، وانكشافا لمن يتخلى عنها ويبيعها بثمن بخس، وهذا بحد ذاته يمثل قيمة مهمة لشعوبنا وامتنا.

صفقة القرن

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل