آراء وتحليلات
واشنطن وسياسة الضغط بالإصلاح: بومبيو وحكومة لبنان
د. علي مطر
تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى جعل الشعوب والدول تابعةً لها وبحاجة دائمة للتعاون معها، لا بل فإنها تعمل لتكون متسلطة على هذه الدول وشعوبها. يحصل ذلك بوسائل شتى على الصعيد السياسي والاقتصادي الذي يرتبط بشكل مباشر بسيطرتها على جيوبولتيك الدول والمناطق ذات الثروة الطائلة، وكونها تتحكم بالعلاقات الاقتصادية الدولية بشكل واضح، ومن خلال ما تعتمده من سياسة العصا والجزرة، بالاستناد إلى وسائل متعددة لتجعل العلاقات الاقتصادية متحكمة بالعلاقات السياسية في الكثير من الأحيان، من خلال إخضاع الدول لشروطها عبر المؤسسات الدولية، تارة من خلال صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي وأخرى عبر العقوبات الاقتصادية أو برنامج المساعدات الاقتصادية.
وقد أصحبت الدول العربية التي ترزح تحت هذه المعاناة أنموذجاً للسياسات الأميركية التسلطية نتيجة السياسات الاقتصادية والحكومية السيئة، التي أصبحت تعطي ذريعة لهذه المؤسسات للتدخل في شؤون هذه الدول. وفي مقابل ذلك، فإن الدول ذات الاكتفاء والتي لم تخضع، عادة ما تكون أمام الحروب العسكرية والاقتصادية والإفقار وهذا ما حصل مع سوريا كمثال حي.
لا شك أن التبعية لها أسبابها وهي نتيجة حتمية لهذه الأسباب التي على رأسها تفشي الفساد وسوء الإدارة وعدم الإصلاح الإداري. وهذه الشعارات التي باتت سيف واشنطن المصلت على رقاب حكوماتنا من أجل إخضاع شعوبنا لإرادتها، ومن خلال حثها على الدخول في سياسات الإصلاح المقرة في الصندوق الدولي، وبضرورة الذهاب نحو الاقتراض بشكل دائم من صندوق النقد الدولي أو التعاون المفرط مع البنك الدولي، المؤسستين الماليتين الدوليتين اللتين تحولتا إلى سيف واشنطن المصلت على رقاب الدول التي تعاني من مديونية عالية، ومنها لبنان ومصر والأردن والعراق وغيرها، ما يجعل سلطاتها مهددة بالابتزاز السياسي الدائم من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
ويدفع تاريخ الدول النامية مع صندوق النقد الدولي الدول إلى الخوف، فما من دولة استسلمت لبرنامج الصندوق، إلا وطالها أذى ما في بنية اقتصادها، وقليلة هي الدول التي نجت من تبعات السياسة الاقتصادية العالمية. الصندوق الذي تأسَّس في العام 1944 بعد الحرب العالمية الثانية لإصلاح المسار الاقتصادي العالمي، وتجنب إخفاقات الرأسمالية العالمية في تجنب الحروب تقوم فلسفته على إلغاء الدعم الحكومي، كما أنه يضع شروطاً صعبة للموافقة على القروض. وهذه المؤسسات المالية العالمية تلعب دوراً كبيراً في السيطرة على الاقتصاد الدولي، وفي جعل اقتصاديات الدول تتبع سياسات إصلاحية، لكنها في الحقيقة سياسات تقود إلى تدمير الاقتصاد في تلك الدول، حيث يضرب هذا النظام عملية إعادة الهيكلة الاقتصادية العالمية، وتتمثل النتائج عادةً بارتفاع البطالة وانخفاض الأجور وتهميش قطاعات واسعة من السكان، وتقييد المصروفات الاجتماعية، وإلغاء كثير من إنجازات دول الرعاية.
وبحسب ما يقول نعوم تشومسكي فإنه "لا يمكن الحديث عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ودورهما في تدمير الشعوب وإبادتها، دون الحديث أيضاً عن منظمة أخرى تتظافر جهودها في التدمير لصالح اثرياء الراسمالية مع جهود المؤسستين السابقتين وهي: "منظمة التجارة العالمية".
ما تقدم، هو ما نعاني منه حالياً في لبنان، حيث أبواب التدخل الأميركي مشرعة، وحيث
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024