آراء وتحليلات
لبنان المقاوم يتحدى رهانات ايزنكوت
جهاد حيدر
لم يكن توصيف رئيس اركان جيش العدو، حتى مطلع السنة الجارية، غادي ايزنكوت، للأزمة الاقتصادية في لبنان على أنها فرصة لإحداث تغيير استراتيجي في مكانة لبنان، مجرد تقدير أو موقف عابر، بل ترجمة عملية لما سبق أن شخصه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بأن لبنان يواجه "هزة أرضية"، واعتبار ذلك فرصة جديدة لمواجهة حزب الله في لبنان والدفع نحو محاولة تغيير المعادلة التي عجزوا عن اختراقها واحداث تغيير فيها طوال 13 عاما.
يأتي الرهان الاسرائيلي المتجدد في أعقاب انسداد آفاق الرهانات الاقليمية والاميركية في مواجهة الجمهورية الاسلامية التي صمدت ورفضت المساومة على دعم حلفائها في لبنان والمنطقة، وبعدما نجح حزب الله في التأسيس لمعادلة ردع قيّدت العدو الاسرائيلي ومنعته من احداث تغيير في المعادلة الداخلية اللبنانية، والاقليمية، لصالح المخطط الاميركي.
معنى أن يعلن مثل هذه المواقف، مَن كان رئيس أركان حتى أشهر معدودة، يكشف عن الأجواء السائدة لدى صناع القرار السياسي والامني، أضف الى ذلك أن ايزنكوت انضم الى معهد أبحاث الأمن القومي، الذي يتابع التطورات ذات الصلة بالأمن القومي الاسرائيلي.
من المهم التدقيق في العبارات التي أدلى بها رئيس الاركان السابق، بهدف استكشاف مكمن الرهان الاسرائيلي. من ضمن ما ادلى به أن "مواطنين خرجوا الى الشوارع وتواجهوا مع رجال حزب الله. وهذه فرصة للغرب من أجل اعادة لبنان الى اللبنانيين، واخراجه من يد قوة القدس وحزب الله". يلاحظ انه اعتبر انطلاق الحراك بأنه في مواجهة حزب الله. وهو تعبير عما ينبغي أن يكون أكثر من كونه تعبيرا عن واقع قائم، لكن يحاولون حرفه بهذا الاتجاه.
مع ذلك، الاهم فيما أورده، يكمن في التساؤل حول السبب الذي دفعه لاعتبار ما يجري في لبنان فرصة ـ بغض النظر عن التعبير الذي استخدمه ـ وكيف ولماذا ربطه بالقول إن "هناك واقعًا جديدًا، هناك مسارات اقتصادية لمصلحة الشعب اللبناني، التي ستأتي من جانب اسرائيل، مثل اتفاقات الغاز واتفاقات اضافية تسمح بدفع هذا الامر، توجد فرصة لم تكن في الماضي؟".
الواضح من كلامه أنه يدعو الى ضرورة استغلال الازمة الاقتصادية في لبنان، التي يدرك أن لها حلولًا ومن ضمن هذه الحلول استخراج النفط والغاز الذي سيعيد التوازن الى الوضع المالي، ويؤسس لواقع اقتصادي مغاير لما هو قائم الان. يكمن المخطط، الذي ينطوي عليه كلام ايزنكوت، في ربط السماح للبنان في تحسين وضعه المالي والاقتصادي الضاغط على كل الناس بتحقيق الهدف الاسرائيلي الاهم وهو تجريد المقاومة من سلاحها. والمعبر الالزامي لنجاح هذا المخطط المفترض، هو الجمهور اللبناني عامة وجمهور المقاومة خاصة، الذي ينبغي تعبئته والايحاء له بأن سلاح المقاومة هو المسؤول عما يعانيه، والحل يكمن في نزع هذا السلاح.
اللافت في هذا المخطط الذي تنفذه فعلا الولايات المتحدة، أنه ينطوي على ضغوط تطال كل الشعب اللبناني بمن فيهم جمهور القوى الموالية لهم. ومع ذلك، فهم لا يبالون بهذه النتائج، فهم يستخدمونه كأداة ويضحون بمصالحه وآلامه الاقتصادية لمصالحهم.
من الواضح أن التحدي الجديد الذي يواجه لبنان يتمايز بأدواته وبعض شعاراته المضللة، ولذلك هو يحتاج الى منسوب أعلى من الوعي والصبر. مع ذلك، يتمتع حزب الله بمجموعة عناصر قوة تضمن له الخروج من هذا التحدي بمزيد من الانتصارات. أبرز هذه المزايا، أنه يستند الى جمهور أثبت اخلاصه وصبره، ويثق بقيادته، ويستند في ذلك الى رصيد كبير من التجارب والمنعطفات طوال ما يقرب من ثلاثة عقود، تجلت خلالها خكمتها وشجاعتها واخلاصها لشعبها وقضاياها.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024