اليمن
السيد الحوثي: استمرار العدوان أكبر تهديدٍ للسلم الإقليمي والدولي وضرره لن يقف على حدود اليمن
أكَّد قائد حركة "أنصار الله" اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أنّ "ثورة الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر أنقذت مستقبل شعبنا من الضياع ومن التردي في الهاوية السحيقة"، مضيفًا "كانت ولا زالت ضرورة بالاعتبار الديني والأخلاقي والوطني ولمصلحة شعبنا".
وفي كلمة له بمناسبة انتصار ثورة الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر، اعتبر السيد الحوثي أنّ "الثورة أتت في ظل واقع سادت فيه السياسات الأمريكية والارتهانية للسلطة التي كانت تتجه ببلدنا نحو الانهيار الشامل".
وأضاف: "كان هناك تدخل خارجي كبير لاستغلال التحرك الشعبي عام 2011 وتوظيفه في ما يعزّز السيطرة الخارجية على اليمن"، مشيرًا إلى أنَّ الأمريكيين تحركوا آنذاك للإمساك بخيوط اللعبة وتوظيف الصراعات بما يخدم مصالحهم كالعادة".
ولفت إلى أنَّ "المبادرة الخليجية كانت صيغة أمريكية قدمت بعنوان خليجي وكانت بإشراف مباشر من السفير الأمريكي آنذاك"، معتبرًا أنَّ "وصاية الدول العشر على بلدنا كانت وصاية أمريكية بالدرجة الأولى، فكان السفير الأمريكي رئيسًا للرئيس اليمني. والأمريكيون سعوا لمصادرة استقلال شعبنا والسيطرة بشكل غير مباشر ودون حرب على بلدنا".
وأضاف السيد الحوثي أنَّ "الذين قدموا أنفسهم كأوصياء لم يريدوا الخير لشعبنا وعملوا فقط لتأمين مصالح بلدانهم، وأنّ الدول العشر عملت بسياسات تدميرية تصل ببلدنا لحالة الانهيار بشكل تلقائي في كل المجالات"، مبينًا أنَّ "الخطة الأمريكية كانت تعمل على تفكيك بلدنا من الداخل برفع مستوى الانقسام السياسي والمناطقي وبشكل تصاعدي".
وشدّد على أنَّ أمريكا سعت لتغذية الانقسامات تحت كل العناوين كي تفقد أبناء شعبنا الشعور بالهوية الجامعة والروابط الأساسية، مؤكدًا أنَّ "سياسة التفكيك كانت تمهّد للسيطرة الأمريكية بما يسهل عملية الاحتلال بشكل كامل".
كما ذكر قائد حركة "أنصار الله" أنَّ "الوضع الاقتصادي قبل الثورة كان يتجه للمجاعة في ظل سلطة خاضعة بالكامل للوصاية الأمريكية، ولم يكن هناك أي مبرر للانهيار الاقتصادي في ذلك الوقت، فالسلطة كانت مدعومة خارجيًّا وتملك كل العائدات النفطية والجمركية".
ورأى أنّ الأمريكيين تحت عنوان إعادة هيكلة الجيش سعوا للسيطرة عليه وتجريده من قدراته وإفساد عقيدته القتالية، كما استهدفوا بشكل واضح القدرات الجوية والدفاع الجوي للجيش فكانت الطائرات تتساقط في صنعاء.
وأضاف: "القوات الصاروخية والبحرية للجيش كانت مستهدفة في إطار السعي الأمريكي لضرب قدرات صد الاعتداءات خارجي"، لافتًا إلى أنّ الأمريكيين حوَّلوا سفارتهم قبل الثورة إلى مقر لإدارة كل أعمال التخريب في البلد، والمكونات السياسية اعترفت أن الدور الذي يقوم به السفير الأمريكي يمثل انتهاكًا واضحًا لسياسة البلد واستقلاله.
وأشار السيد الحوثي إلى أنّ الثورة الشعبية كانت ضرورية في ظل ذلك الواقع، فأدهشت الأمريكيين وحلفاءهم وأربكتهم، وأنّ التحرك في ثورة 21 أيلول/سبتمبر كان مفاجئًا للأمريكيين ومن معهم، وعبَّر عن أبناء الشعب بمختلف مكوناتهم، فالتحرك الشعبي الثوري كان جامعًا في عناوينه وأهدافه وزخمه، وكان تحركًا لكل أحرار الشعب في كل المحافظات.
ووصف ثورة 21 أيلول/سبتمبر بأنَّها "ثورة شعبية أصيلة لم تتحرك بإملاءات خارجية ولا تأثرًا بدعايات إعلامية"، مضيفًا: "المطالب الثورية كانت نقية وصادقة وعادلة، ولم تتضمن أي خطاب فئوي أو عرقي أو معادٍ لأي منطقة في البلد، وأداء الثورة قدم مصداقًا من أهم مصاديق "الحكمة يمانية"، فالتزم حكمة ستبقى صفحة ناصعة في تاريخ شعبنا".
كذلك، اعتبر السيد الحوثي أنَّ "التحرك الثوري استمر رغم الإرجاف الإعلامي الكبير لنشر التفرقة والتحريض والفتنة، وأنَّ شعبنا ثبت بوعي واستمرارية، وبرز بشكل كبير دور القبائل اليمنية الحرة والشريفة بشكل حضاري مشرف".
وقال: "عنوان الاتفاق السياسي بعد الثورة كان السلم والشراكة، وكان هذا مضمونه، لكن الأطراف المرتبطة بالسفير الأمريكي انقلبت على الاتفاق، فيما الأطراف الخاضعة للخارج اتجهت لإثارة الفوضى، فكانت الثورة لها بالمرصاد، وحين يئس الأمريكي من الفتنة اتجه للعدوان المباشر".
وفي السياق، تطرق السيد الحوثي للحديث عن برنامج لتطوير الأجهزة الأمنية وتحسين أدائها بشكل مستمر، مبينًا أنّ "من إنجازات الثورة العمل المستمر في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي في حل المشاكل ومنع الاقتتال الداخلي، كذلك إعادة بناء الجيش والأمن على أسس صحيحة وعقيدة قتالية صحيحة".
وأضاف: "هناك عمل دؤوب في بناء الجيش على أسس سليمة في خدمة الشعب والدفاع عن الوطن وعدم الارتهان للخارج. أيضًا هناك عمل على إعادة بناء الأجهزة الأمنية بعكس الآخرين الذين يسعون للسيطرة على الأجهزة الأمنية لضرب الشعب".
وشدَّد السيد الحوثي على أنَّ "التصنيع العسكري هو من أهم إنجازات الثورة. هذا إنجاز يفتخر به الوطن، فهو إنجاز عظيم وغير عادي، كما أنّ التصنيع يتم من المسدس والكلاشنكوف والمدفع إلى الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة بمختلف مدياتها".
ونوَّه بأنَّ "بلدنا يصنع كل شيء من أسلحة المشاة إلى الأسلحة المتوسطة حتى الأسلحة المتطورة وبعيدة المدى، ومستقبل التصنيع في بلدنا عسكريًّا ومدنيًّا مستقبل واعد، واليوم نصنع ما تعجز الكثير من الدول عن تصنيعه".
السيد الحوثي لفت إلى أنَّه من المتاح أمام اليمن تحقيق نهضة في الصناعة المدنية، فالتقدم بالتصنيع العسكري أصعب بكثير من المدني.
وعن تحالف العدوان، قال قائد حركة "أنصار الله" إنَّ حجم العدوان كان ولا يزال كبيرًا، فأمريكا وبريطانيا والقوى الإقليمية اجتمعوا فيه على كل المستويات، مؤكدًا أنَّه في كل المراحل الماضية كان التصدي للعدوان هو الأولوية، فلو فرطنا فيه لضاع كل شيء معه.
وذكَّر أنَّ "العدوان لا زال مستمرًّا، والحرب لم تنته بعد، فهم لم يرفعوا حصارهم ولم ينهوا عدوانهم ونحن في هدنة مؤقتة فقط"، مشيرًا إلى أنَّه من أهم التحديات التي لا يمكن تجاهلها هي احتلال تحالف العدوان مساحات واسعة من البلد، ويجب أن تبقى قضية للجميع".
وأوضح السيد الحوثي أنَّ الحصار شكل من أشكال التحديات التي تواجه الثورة، فهو يترك تأثيرًا على بعض الأولويات من حيث محدودية الإمكانات، لافتًا إلى أنَّ نهب تحالف العدوان للواردات النفطية وغيرها يعرقل تقديم الخدمات والرعاية اللازمة لأبناء الشعب اليمني.
وشدَّد على مواصلة العمل في التصدي للعدوان ومؤامراته الهادفة للسيطرة على الشعب اليمني واحتلال البلاد، مجددًا الدعوة لتحالف العدوان لإنهاء العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال ومعالجة ملفات الحرب.
وأكَّد السيد الحوثي أنَّ الاستمرار في العدوان هو أكبر تهديد للسلم الإقليمي والدولي، وضرره لن يقف عند حدود اليمن، منبهًا من أنه "لا مبرر في استمرار العدوان، فمواصلته ستجر الكوارث على تحالف العدوان".
كما جدَّد السيد الحوثي التأكيد على موقف اليمن المبدئي الثابت تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الأمة الإسلامية ، محذرًا "تحالف العدوان من مواصلة نهب الثروة الوطنية"، و "أي شركة أجنبية تتواطأ معه في ذلك".
وختم قائد حركة "أنصار الله" قائلًا: "شعبنا يتعرض للحصار في حين تتم سرقة عائدات ثروته النفطية بدلًا من صرفها للمرتبات والاستحقاقات الإنسانية والخدمية".