معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

بين رسالة الكناني البالغة، وحملة كاتس البائسة!
28/07/2019

بين رسالة الكناني البالغة، وحملة كاتس البائسة!

بغداد ـ عادل الجبوري
علي الكناني، شاب عراقي، لم يتجاوز ربيعه الثاني والعشرين، يمارس رياضة المواي تاي(الملاكمة التايلندية) ضمن صفوف المنتخب الوطني العراقي، وبين ليلة وضحاها اصبح علي محط اهتمام مختلف وسائل الاعلام المحلية والاجنبية، لاسيما تلك التي كانت تقوم بتغطية وقائع بطولة العالم المقامة هذه الايام في العاصمة التايلندية بانكوك.


موقف مهم وكبير ومشرّف جعل اسم الكناني يصدح في فضاءات الاعلام، ذلك الذي تمثل بانسحابه من مواجهة اللاعب الاسرائيلي "دين حزيزا" في الدور نصف النهائي من البطولة، بعد ان بلغه الكناني بفوزه على منافسه الجنوب افريقي في الدور السابق.

لم ينسحب هذا اللاعب الشاب ـ الذي من المؤكد انه كان يحمل طموحا كبيرا لتحقيق افضل الانجازات له ولبلده ولشعبه ـ لانه كان يخشى الهزيمة امام اللاعب الاسرائيلي، وهو الذي حقق نتائج طيبة ومتميزة في البطولة، وانما  جاء قراره بالانسحاب انطلاقا من شعور وطني واسلامي وانساني، ربما لايحمله ولايؤمن به الكثيرون ممن هم اكبر عمرا واثقل مسؤولية منه.    

وقوبل موقف اللاعب العراقي الشاب بترحيب واسع من قبل الاوساط الرياضية والسياسية والشعبية العراقية، وسط دعوات الى تكريمه والاحتفاء به بالشكل الذي يتناسب مع جوهر واهمية موقفه البطولي الشجاع، الذي مثل بحد ذاته انتصارا مشرّفا يفوق في دلالاته ومعانيه الانتصار في نزال رياضي داخل الحلبة.

وفي هذا المعنى، قال وزير الشباب والرياضة العراقي، احمد رياض العبيدي، "نؤكد أنه لا يمكن التطبيع مع "إسرائيل" بأي شكل من الأشكال، وان الانسحاب أمام لاعب من الكيان الصهيوني وخسارة ميدالية هما إنجاز بحد ذاته، وانتصار للقيم والمبادئ، وأكبر من أية ميدالية أو كأس".

ومن جانبه عدّ رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيخ همام حمودي، رفض اللاعب الكناني مواجهة لاعب اسرائيلي بأنه يمثل تجسيدا لروح الثبات الاسلامي، والهوية الوطنية، ويعكس موقف كل الشعوب العربية والاسلامية برفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل"، معبرا عن فخره وإعجابه الكبير، "بأن يأتي هذا الموقف من شاب يافع، مترجما رسالة صريحة مفادها ان فلسطين هي قضية الأمة التي ستحملها شعوبنا الإسلامية جيل بعد جيل، وأن كل ما دونها محض فقاعات واستعراضات اعلامية يوهم الكيان الصهيوني بها نفسه".

هذا في الوقت الذي اشاد النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي بالموقف المشرّف للوفد العراقي المشارك في بطولة تايلند، واعتبر ان اللاعب الكناني، سطّر تأريخه بماء الذهب، دعا الحكومة العراقية الى تكريمه بما يستحق لموقفه البطولي المشرف له ولبلده ولكل رياضي في البلاد.

وبحسب مصادر رسمية في وزارة الشباب والرياضة، فأنه تم تشكيل لجنة خاصة، مهمتها ترتيب مراسيم استقبال للاعب الكناني وعموم البعثة الرياضية، تليق بالانتصار المعنوي الكبير الذي حققوه.
   
ولعل مراجعة سريعة لمسيرة الرفض العراقي للتطبيع الرياضي مع الكيان الصهيوني، تكشف لنا مواقف سابقة مماثلة لموقف اللاعب علي الكناني.

ففي بطولة العالم برياضة الجوجيتسو ـ احد الفنون القتالية ـ التي اقيمت بمدينة كازان التتارية عام 2014، انسحب الفريق العراقي، بعد ان اوقعت القرعة لاعبين عراقيين بمواجهة لاعبين اسرائيليين.

وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2017، انسحب بطل العراق وآسيا في نفس اللعبة (الجوجيتسو)، أمير يحيى من بطولة العالم التى اقيمت حينذاك في كولومبيا، بسبب القرعة التي أوقعته في مواجهة مع لاعب إسرائيلي.

وشهدت بطولة العالم للمواي تاي في العام الماضي انسحاب اللاعب العراقي محمد عدنان أيضاً من مواجهة مع لاعب اسرائيلي.

وربما من سوء حظ الاسرائيليين والداعين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تزامن انسحاب اللاعب العراقي من مواجهة اللاعب الاسرائيلي، وما تركه ذلك الانسحاب من اصداء، مع حملة ترويجية قادها وزير خارجية الكيان الصهيوني "يسرائيل كاتس" بمناسبة ذكرى تأسيس صفحة على  موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تحت عنوان (اسرائيل باللهجة العراقية)، مهمتها تلميع صورة الكيان الصهيوني في نفوس العراقيين، وتسويق فكرة ان الحياة في اسرائيل مريحة وممتعة وامنة ومستقرة.

وقد تلقى العديد من العراقيين حملة الوزير الصهيوني بكثير من الاستهجان والسخرية، عبر العشرات من التعليقات والمنشورات، مؤكدين، ان الكيان الذي يقتل يوميا الفلسطينيين الابرياء ويستبيح حرماتهم ومقدساتهم، لايمكن حتى التفكير بالتصالح معه، معتبرين استغلال الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لتسويق افكار التعايش والتصالح، امر عبثي لاجدوى منه، لان الحقائق والوقائع على الارض، تسير باتجاهات اخرى متناقضة.

وقال البعض في منشوراتهم وتدويناتهم، يبدو ان وزير خارجية الكيان الصهيوني المبتهج بصفحة على الفيسبوك لم ينتبه الى الصفعة القوية التي وجهها اللاعب علي الكناني لكيانه الغاصب، لانه لو كان قد تنبه لها، لفكر قليلا قبل ان يوجه رسالته البائسة والمخادعة للعراقيين، لانها لم تصمد ولا للحظة واحدة امام رسالة الكناني البالغة!.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف