مجددًا.. جرائم الحرب تلاحق "إسرائيل" دوليًا

لم يستثن العدو الصهيوني في حربه الوحشية على لبنان وغزة أيًا من القطاعات الخدماتية والحياتية المدنية الأساسية التي لم تسلم هي أيضًا من استهدافاته المتعمّدة، ويأتي في مقدمتها القطاع الصحي والإسعافات والمستشفيات والفرق الطبية التي قدمت تضحيات عظيمة في نشاطاتها المختلفة فاقت الـ250 شهيدًا.

بعد أشهر قليلة على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان، بدأت "منظمة العفو الدولية" البحث في سجل  الإجرام الصهيوني الذي طال على نحو علني ومتعمد الصرح الطبي في لبنان، عبر تحقيقات أعدتها المنظمة ووجهتها لكيان العدو بانتظار أجوبة لها، مما يضع الكيان المحتل مجددًا تحت مجهر المواجهة القانونية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، والتداعيات الوخيمة التي  قد تنتج عنها.

في سياق الحديث عن القوانين الدولية التي تجرّم استهداف القطاع الصحي في أي حرب،  تشير رئيسة "منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب" ICAI-HOKOK، المحامية مي الخنسا، إلى أن القانون الدولي الإنساني يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية وذلك في اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي (1954)، وتشمل المواقع المدنية كلًا من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات والقطاع الصحي ودور العبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب القانون، وأن القوانين تؤكد على وجوب حماية المنشآت الطبية وأطقمها.

وفقًا للخنسا، فقد تم تصنيف استهداف القطاع الصحي في القانون الدولي الإنساني العرفي كجريمة حرب، كما أن المادة 28 من موسوعة القانون الدولي الإنساني العرفي نصّت على أنه "يجب في جميع الأحوال احترام وحماية الوحدات الطبية المخصّصة لأغراض طبية دون غيرها، وتفقد هذه الحماية إذا استخدمت لارتكاب أعمال ضارة بالعدو وتخرج عن نطاق وظيفتها الإنسانية."

المحامية الخنسا تحدثت أيضًا عن المادة 18 من الاتفاقيات الدولية والقوانين التي تحمي الأطقم الطبية والمستشفيات، والتي تنص على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والأمهات هدفًا للهجوم، بل يجب على أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات".

 وبحسب الاتفاقية نفسها، فإن أي خرق لحماية هذه المؤسسات الصحية، من خلال هجمات تؤدي لمفاقمة معاناة الموجودين في هذه المؤسسات، أو تتسبب في إصابتهم أو جرحهم تعتبر خرقًا خطيرًا للقانون الدولي أو جريمة حرب، ويمكن أن تؤدي بمن يقترفها إلى مواجهة تهم جنائية حسب القانون الدولي.

وفي السياق عينه، يرى الباحث والأكاديمي المتخصص في العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، الدكتور عمر نشابة أنه يعود للصليب الأحمر الدولي أيضًا الاختصاص للنظر في قوانين الحرب ومراقبة الدول التي يفترض أن تكون ملزمة قانونيًا بتطبيق هذه القوانين، وقد تم تحديد الصليب الأحمر الدولي لهذه المهمة لأن الفكرة انبثقت أساسًا من هذه المنظمة، عندما كانت تلجأ لرفع الجرحى والجثث ومساعدة المدنيين وإغاثة المحتاجين.

الدكتور نشابة أضاف أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الجهة المخولة محاسبة الدول التي ترتكب جرائم حرب، حيث يعتبر من صلاحياتها النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والاعتداء وفقاً لنظامها الأساسي (نظام روما الأساسي)، وكذلك الأمر بالنسبة للمحاكم المحلية في الدول المختلفة الموقعة على اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الإضافية، حيث تمتلك هذه الدول اختصاصاً لمحاكمة أشخاص ارتكبوا جرائم حرب بحسب القانون الدولي الإنساني.

وعن إمكانية نجاح "منظمة العفو الدولية" في تجريم "إسرائيل" بسبب ارتكابها مثل هكذا جرائم في لبنان، تشير المحامية الخنسا إلى أن "منظمة العفو الدولية هي منظمة عالمية تشمل العديد من النشطاء يعملون للدفاع عن حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا، ودون شك إن من حقها كما من حق المنظمات الدولية كافة مقاضاة "إسرائيل" على جرائمها، حيث تعتبر الكيان الصهيوني أكبر كيان مجرم في العصر الحالي، وأن المنظمة ستنجح بمقاضاته رغم أنها ما زالت تعتبر نفسها فوق القانون.

وحول تأثير تحقيقات "منظمة العفو الدولية" في مجرى المحاكمة، يشرح الباحث الأكاديمي أن المنظمة الدولية غير الحكومية تصدر تقارير تتضمن معطيات قامت بتجميعها بالإضافة الى خلاصات وتحليلات، وهذا الأمر يعد مفيدًا للهيئات الحقوقية ولهيئات المحكمة الجنائية الدولية، إذ بحسب نظام المحكمة الجنائية الدولية يحق للمدعي العام أن يستعين بكل من يمكنه أن يقدم معلومات وقرائن ودلالات، من ضمنها التقرير الذي تودعه "منظمة العفو الدولية" لمكتب المدعي العام، وبعد التحقيقات يطلب هذا الأخير من هيئة القضاة أن يتخذ هو قرارات متعلقة بالأشخاص المشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب.

يوضح المتخصص في العدالة الجنائية، أن الدعوة التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا بتهمة ارتكاب الاحتلال الصهيوني إبادة جماعية في غزة، والتي انضم لها لاحقًا ما يقارب الـ 15 دولة، أدّت إلى دفع الجنائية الدولية لإصدار أربعة أوامر للكيان بوقف الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الغذائية والإنسانية لغزة، إلا أنه لم يستجب والمحكمة ما زالت تنظر بالأمر.

في الإطار نفسه، تشدّد الدكتورة الخنسا على أن الجرائم المرتكبة من العدو "الإسرائيلي" ثابتة بحقه، حيث أظهرت المجازر المروّعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الصورة الحقيقية للكيان المغتصب ولحجم جرائمه ووحشيته، ولكن مع الأسف فإن "إسرائيل" كيان مدعوم بإجرامه من أميركا وألمانيا وبريطانيا وعدد من الدول الغربية وربما بعض الدول العربية أو الدول الإسلامية، وإجرامه لم يدفع أيًا من الدول في العالم إلى اتخاذ أي اجراء ضده ولو بأقل تعديل، بسحب التمثيل الدبلوماسي مع الكيان الصهيوني لمحاولة الضغط عليه لوقف مجازره، ولم يتم أيضًا اتخاذ أي اجراء لوقف التعامل الاقتصادي معه.

بنيامين نتنياهوالمحكمة الجنائية الدوليةمنظمة العفو الدوليةالجيش الاسرائيلي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف