نقاط على الحروف
أصداء انتصارات لبنان تصدح في العراق
منذ اليوم الأول لمعركة "طوفان الأقصى" قبل عام وشهرين، وما ارتبط بها من مواجهات بطولية ظافرة على الجبهة اللبنانية بين حزب الله والكيان الصهيوني، كان العراق، بمرجعياته الدينية، ومؤسساته الحكومية، وقواه ونخبه السياسية والمجتمعية، وأوساطه الجماهيرية، حاضراً بقوة وفاعلية.
فالمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، حثت كل أبناء الشعب العراقي، على تقديم مختلف أشكال الدعم والإسناد للشعبين الفلسطيني واللبناني وهما يواجهان همجية الكيان الصهيوني الغاصب ودمويته وإجرامه. والحكومة العراقية، أطلقت جملة مبادرات سياسية وإنسانية-إغاثية، والشرائح الاجتماعية العراقية، على اختلاف مشاربها وانتماءاتها، سارعت إلى الاستجابة، وقدمت ما لم يقدم أي شعب آخر لفلسطين ولبنان. والمقاومة الإسلامية العراقية، فتحت جبهة على الكيان الغاصب، ووجهت له عشرات الضربات القاصمة في الصميم، ووسائل الإعلام العراقية-الرسمية وغير الرسمية-لم تترك شاردة ولا واردة في ميادين المواجهة إلا وسلطت عليها الأضواء الكاشفة، لتوضح وتبث الحقائق والوقائع كما هي لا كما يصورها الإعلام الغربي والعربي التضليلي الزائف.
عاش العراق وتعايش مع كل تفاصيل وجزئيات المعارك، ليس بيومياتها فحسب، بل بدقائقها وثوانيها، ومثلما كانت الانتصارات تشيع الفرح والسرور في نفوس العراقيين، كانت جرائم الكيان الصهيوني ضد المدنيين، وضد قادة المقاومة، تبعث الأسى والحزن والألم في نفوسهم، وهذا ما بدا واضحًا عند استشهاد سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله، واستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، ومن ثم استشهاد خليفته يحيى السنوار، وآخرين غيرهم.
وفي ما بعد جاء إذعان الكيان الصهيوني للأمر الواقع، وقبوله بوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية، بعدما فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافه، ناهيك عن تكبده خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة، جاء ذلك ليظهر ويعكس مدى تفاعل العراقيين واندكاكهم بكل أجواء المعركة ضد الكيان الغاصب ومن يقف وراءه ويدعمه ويسانده. والملفت أن العراقيين احتفلوا وابتهجوا بانتصارات المقاومة الإسلامية اللبنانية على الكيان الغاصب مع آلاف الضيوف اللبنانيين المتوزعين بين شتى محافظات ومدن البلاد، والذين لم يجدوا أفضل من العراق والعراقيين في احتضانهم ورعايتهم ومواساتهم والتعاطف معهم في أفراحهم وأتراحهم.
في الواقع، يرتبط فرح العراقيين بانتصارات حزب الله، وكذلك انتصارات المقاومة الفلسطينية على الكيان الصهيوني، بجملة عوامل، لعل من بينها:
*القواسم والثوابت السياسية والعقائدية المشتركة، المتمثلة في معاداة الكيان الصهيوني، ورفض كل مشاريع ومخططات التطبيع المذلة معه، أياً كانت عناوينها ومسمياتها وحججها ومبرراتها.
*الوقوف بوجه السياسات الإجرامية للكيان الغاصب، ورفضها جملة وتفصيلاً، سواء الحاصلة حالياً، أو تلك التي وقعت وارتكبت في أوقات سابقة. والتأكيد على مبدأ حق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام وأمان على كل أرضه، دون تجزئة ولا تقسيم ولاتبعيض.
*المواقف المبدئية المتبادلة في الظروف الصعبة والحساسة والحرجة، ففي الوقت الذي وقف فيه حزب الله بكل ثقة مع العراق ووضع إمكانياته تحت تصرفه، حينما تعرض للهجمة البربرية الداعشية صيف عام 2014، سخّر العراق كل إمكانياته لدعم ومساندة حزب الله في معركته الأخيرة ضد الكيان الصهيوني، فضلاً عن مواقف مساندة وداعمة في ظروف ومواجهات سابقة.
*مثلما يصنف حزب الله اللبناني بأنه طرف مهم في محور المقاومة، يعد العراق طرفًا مهمًا أيضا، سواء كحكومة لها مواقف مناهضة للكيان الصهيوني الغاصب، ومساندة لفلسطين، أو كقوى وفصائل مقاومة، كانت وما زالت تذل الكيان بضرباتها الموجعة والقاصمة، ووجود الحزب والعراق في نفس المحور، يعني في ما يعنيه، مواجهة ذات المخاطر والتحديات، والتي تتمثل أساسًا بسعي ساسة تل أبيب المحموم لإضعاف العراق وإغراقه في مستنقع الفوضى وأتون الصراع والتناحر والانقسام.
ولعل الكيان الصهيوني وحلفاءه وأصدقاءه وداعميه، يدركون تمام الإدراك، أن عراقاً قوياً ومتماسكاً ومستقلاً، يمثل واحداً من أكبر التهديدات والتحديات لهم.
*إن انتصار حزب الله في مقابل هزيمة وانكسار وخذلان الكيان الصهيوني، خفف من الآلام والأحزان الكبيرة التي سببها استشهاد السيد حسن نصر الله في نفوس العراقيين، هذه المشاعر بشقيها، نجدها واضحة وشاخصة للعيان في مدن العراق وشوارعه وأزقته وأسواقه ومدارسه وجامعاته. متمثلة بصورة الشهيد نصر الله والقادة الشهداء الآخرين، وإعلام الحزب، وشعاراته الثورية.
*إن طبيعة شخصية السيد الشهيد نصر الله الجهادية الترابية التضحوية، واهتمامه بالوضع العراقي، ومواقفه الداعمة للعراق في ظل أحلك وأصعب الظروف، جعله يحتل مكانة متميزة لدى العراقيين، قبل وبعد استشهاده، وصولاً إلى انتصار حزب الله التاريخي، وكل ذلك انعكس على أرض الواقع، لتبدو بغداد ومدن العراق الأخرى كأنها بيروت والضاحية وبعلبك والبقاع، وغيرها من المدن اللبنانية، ومثلما ردّد الكثير من العراقيين، قائلين: "إن انتصار المقاومة في لبنان انتصار لنا ولكل الأحرار في العالم، وهزيمة لكل الانهزاميين والمطبّعين والمتخاذلين".
وارتباطاً بحقيقة وحدة الساحات في إطار محور المقاومة، فإن أي انتصار يسجله طرف من المحور يعد انتصاراً للأطراف الأخرى، والعكس صحيح، فحينما حقق العراقيون الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي قبل سبعة أعوام، كان ذلك انتصاراً لإيران ولبنان وسورية واليمن، ونفس الشيء اليوم بالنسبة لانتصار حزب الله على الكيان الصهيوني، ونفس الشيء بالنسبة لانتصار حركة أنصار الله اليمنية، ونفس الشيء بالنسبة لانتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أعدائها وخصومها، وكذلك انتصار سورية. وذلك لأن مخططات استهداف محور المقاومة وأجنداته ومشاريعه واحدة، من حيث مصادرها وأدواتها وأهدافها. وتجارب أربعة عقود من الزمن-أو أكثر-أثبتت وأكدت كل ذلك.
حزب اللهالانتصار الإلهيالعراقالمقاومةنصر من الله
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
08/12/2024
هنا الضاحية.. بعد حرب!
06/12/2024
عدنا منتصرين ومفتاح "الشرق الأوسط" بيدنا
05/12/2024
أصداء انتصارات لبنان تصدح في العراق
02/12/2024