معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

سوريا وأحاديث الخونة
05/06/2019

سوريا وأحاديث الخونة

أحمد فؤاد
شهر كريم جاء مشحون بالأحداث، من محاولات الرجل الجالس على عرش الولايات المتحدة، وريثة كل إمبراطوريات الشر في العالم، الدخول في مواجهة عسكرية مع الجمهورية الإسلامية، وصولًا إلى فشل محاولات الخونة العرب تمرير "صفقة القرن"، وخروج وزير الخارجية الأميركي نفسه ليفضح توجهات محمد بن زايد المعادية كليًا للأمة العربية، وختامًا بخطاب سيد المقاومة والانتصارات، الواضح القاطع البات، باستهداف المصالح الأميركية في المنطقة، وعلى رأسها الكيان الصهيوني وآل سعود.

خطاب سماحة السيد حسن نصر الله أتى في وقت بالغ الدلالة، اجتماع جامعة الأنظمة الصهيوعربية، في أقدس بقعة إسلامية، للاتفاق على بيع فلسطين للمرة الثانية، ونهائيًا، ليثبت –الخطاب- أن هذه الأمة لا تزال قادرة على الفعل والحركة، متحملة لعواقب فعلها، وقادرة أيضًا على المضي للأمام، وراء من رفعوا من مبادئ المقاومة هرمًا، يعجب مواطني الأمة من المحيط للخليج، ويغيظ به الكفار.

لكن وفي غمرة الأحداث المتسارعة والساخنة، خرج أحد أهم اللاعبين السابقين على ساحة الوطن العربي بحديث "صادم"، لأبعد مدى، مبارك الرئيس المصري الأسبق، وشريك السياسة الصهيوأميركية لعقود طويلة، نحو 35 عامًا كنائب للسادات ثم كرئيس، ليضع نقاط الضوء على مساحات واسعة من ظلام الفترة التي قضاها على رأس أكبر دولة عربية.

الجزء الأهم من الخطاب كان يخص سوريا، التي بدأت أخيرًا في حسم المعارك الأخيرة، وسط تيار عالمي يؤمن أن المؤامرة الكونية المستمرة للسنة الثامنة قد فشلت وانتهت، ويتعامل مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد كواقع ومنتصر، بعد أن كان الساسة الغربيون يتسابقون في دعوته للتنحي وترك بلده في أتون الحرب الإجرامية الدموية.

"مبارك" يكره سوريا، وهو عدو لمحور المقاومة، هذه حقيقة ينبغي التأكيد عليها قبل تناول أي كلمات يقدمها الرئيس الأسبق، المخلوع بثورة شعبية هائلة، وساهم عبر موقعه في حشد وتجييش العالم لضرب العراق في حرب الخليج الثانية، وهو ابن مخلص لسياسات سلفه السادات، موقع كامب دايفيد، والبائع الأول للقضية العربية، وكنز الصهاينة الإستراتيجي، كما قال عنه أصدقائه في كيان العدو، عشية الثورة عليه.

وكما تعلم من سلفه الخيانة، وشربها حتى ارتوى، ردد "مبارك" في حديثه، إلى صحفية كويتية، ما كان يقوله السادات ذاته، عن عرض الصهاينة السلام على السوريين، لكن السوريون رفضوا وأضاعوا الفرصة.. وكأن الكيان العدو يوزع الصدقات ويرد الأراضي العربية مجانًا، يريد مصلحتنا والسلام، بينما نرفض يده الممدودة بلطف وكرم!

الحديث الي كان يتردد مبتورًا لسنوات طويلة، منذ منتصف السبعينيات، أضاف له مبارك ما أزال الكثير من غموضه، فقال: "إن سوريا عُرض عليها استرداد الجولان كاملة، بلا مناطق عازلة، وبغير قيود على انتشار جيشها"، لكن "الأسد" رفض أن يفتح سفارة صهيونية في دمشق، وبالتالي تعثرت المحادثات، ومن ثم، انهارت.

ببساطة ووضوح شديدين، ومن حديث رئيس مصري، يتفاخر علنًا بصداقته والثقة المتبادلة بينه وبين قادة الكيان الصهيوني المجرمين، فإن سوريا رفضت سلامًا، أفضل من الذي حصلت عليه القاهرة، لإن قيادتها رفضت أن يدنس علم صهيوني سماء دمشق.

الحديث الذي يقطر كراهية ضد كل من ينتمي لمحور المقاومة، جاء من خلفية رجل يؤمن أن الاستسلام لعدو وطنه وأمته هو السلام، وأن المقاومة هي الشر والدمار، وهكذا كل نفس ذليلة ترى الخسة واقعية، والخيانة تفهمًا للواقع العالمي.

من باعوا شعوبهم لأعدائهم، ومبارك مجرد مثال لهم، يكرهون محور المقاومة، لإنه يكشف سوءتهم على الملأ، ولا يكفون عن اتهام "حزب الله"، لإنه التعبير الأصدق والأقوى عن القدرات العربية الموءودة، وأوراق القوة الكامنة، استطاع حزب الله الانتصار على الصهاينة سنة 2000، واكتسح الأرض اللبنانية، وهرب الجيش الأقوى في الشرق الأوسط بليل، دون معاهدات استسلام، وبلا شروط!

سوريا الرافضة لبيع شرفها، كما فعل ويفعل الساقطون من حكام خونة، لم ترفض أن تسترد أرضها، وقيادتها الشرعية لا تساوم على الجولان المحتل، لكنها لم تقبل أن تدخل العصر الصهيوني، وتصبح عضوة في بيت الدعارة الأميركي، المفتوح علنًا في المنطقة العربية، ويتسابق إليه كل من سقط وباع وفرط.

الغرب لا ـ ولن ـ يقبل بأي نظام يعمل من أجل استقلال بلاده، لا يريد أن يستمر النظام السوري يومًا واحدًا، في منطقة يريد تثبيت وضع نهائي لها ضمن الفلك الأميركي، وسوريا بما تقدمه من مثال ناصع هي كابوسهم المروّع، بما تدعو إليه من دولة العدالة الاجتماعية، وتبشر به من نظام عالمي يعتمد العلاقات الدولية المتكافئة والعادلة، وكلها تضرب في مقتل أسس الرأسمالية الغربية المتوحشة، التي يحكمون لصالحها وعبرها.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف