نقاط على الحروف
المقاتلون المرتزقة في كيان العدو
ليس مفاجئًا في الحقيقة أن تكون "إسرائيل" بلد استقدام المرتزقة من كلّ مكان في العالم. فهؤلاء باتوا حاجة تؤمنها شركات خاصة للمقاتلين المرتزقة حول العالم ومن أهمها بلاك ووترز. ومنذ اليوم السبعين للحرب على غزّة وقف أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القَسَّامِ، ليقول بأن هناك مرتزقة تقاتل في غزّة ومعظمهم من حملة الجنسيتين "الإسرائيلية" والبلد الأساس الذي جاؤوا منه. وليس بالجديد على دولة الكيان استخدام المرتزقة في تشكيلاتها فقد شرح أليعازر اسحاق في دراسة نشرها بعنوان "المرتزقة في الجيش "الإسرائيلي""، تاريخ التعامل مع هذا النوع من القوى وكيف تم دمجها في الجيش الصهيوني خلال مراحل الخمسينيات حتّى السبعينيات، كما أن التقرير الذي وضعه موقع "الأمورومتوسطي لحقوق الإنسان"ً في العام 2013، عن أعداد المرتزقة الذين يعملون في الكيان وعن جنسياتهم، بعنوان: "مئات المرتزقة الأوروبيين يقاتلون في صفوف الجيش الإسرائيلي"، يجعل المرء يتساءل بحق عن عدد دول العالم، التي يقاتلها أبطال فلسطين والمقاومات العربية منذ بدء الكيان وحتّى اليوم.
تاريخ حافل بالاسترزاق تظهره هذه الدراسات، والمبالغ التي دفعت كرواتب لهؤلاء كانت هائلة على مدى السنين التي عاشت فيها "دولة" الكيان، وبدعة القتال العقيدي، والجيش القوي الذي لا يقهر، هي مجرد دعاية إعلامية حملتها وسائل الإعلام الصهيونية والغربية. فبداية، نشأ عند مجتمعنا وشعبنا وبسبب القتل العشوائي وارتكاب المجازر، التي ارتكبها ويرتكبها هؤلاء، تحسّب وخوف وقلق. ثقافة قتل المدنيين كانت وما تزال غريبة على ثقافة شعبنا، والحرب القائمة منذ طوفان الأقصى تشهد على نظافة كف مقاومينا ومقاتلينا، الذين لم يستهدفوا يومًا إلا النقاط العسكرية وعسكريي الصهاينة. وثانيًا، ما جعلنا نتخيل أن جيش الصهاينة جيشًا لا يقهر هو جهلنا، وقد كتبنا عنها مفصلًا في العهد، بأننا كعرب لم نحارب يومًا الجيش الصهيوني منفردًا، بل كان هناك بشكل دائم دعم عسكري غربي: أوروبي وأميركي، حاضر في ساحة المعارك وجاهز للتدخل منذ ما قبل العام 1948، ودراسة اسحاق تثبت ذلك، وخاصة لناحية استخدام المرتزقة والجيوش الغربية. ونحن شهدنا مؤخرًا، تدخل كلّ من فرنسا وبريطانيا وأميركا في إسقاط مسيرات وصواريخ إيران، عندما قصفت الصهاينة في النقب في 13 نيسان/ إبريل، ردًا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
المرتزق بالتعريف، هو جنديّ يعمل مقابل المال لصالح جيش أو حكومة أجنبية. ومن الأمثلة على ذلك الحرس السويسري والفيلق الأجنبي الفرنسي والشركات الخاصة مثل بلاك ووترز. وكان هنا ملفتًا زيارة صاحب شركة بلاك ووترز السابق، إيريك برينس، لفلسطين المحتلة. برينس ضابط سابق في فرقة Seal 8، في البحرية الأميركية، وهو يعلم تمامًا كيف يقرأ أرض المعركة. ظهر برينس في برنامج [Off Leash] "بلا قيود"، أو "خارج القيود"، مع مارك سيرانو، في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وتحدث من إحدى غرف فندق في "تل أبيب" عن زيارته الميدانية التي كانت قبل أسبوع من لقائه. وإذا لم يكن معنى ذلك أن بلاك ووترز مرتبطة بمعارك غزّة، فما الذي يمكن تفسيره بغير ذلك؟ وبرينس يتحدث عن حماس وكأنه يتحدث عن مجرمين، فهو يعتبر من المسيحيين الصهاينة المتشددين في الولايات المتحدة، ومؤسسته تعتبر مؤسسة نظامية وقانونية ويمكنها العمل في تجنيد الأميركيين كما غيرهم للقتال في أي مكان من العالم. ومن الجدير ذكره، أنه بحسب القوانين الإنسانية الدولية فإن العمل كمرتزق لا يخالف القوانين الدولية وهذا ما يؤكده موقع https://guide - humanitarian - law.org/. ولكن في الوقت نفسه، وفي حال ارتكاب جرائم حرب فإن هؤلاء يمكن أن تتم محاسبتهم في بلادهم وفي محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم حرب.
يهتم برينس اليوم بالحرب السايبرية، وهو يتعامل مع الصهاينة بهذا الشأن منذ العام 2022، ويضع جميع إمكاناته في خدمة الصهاينة، مقابل المال بالتأكيد! على المقلب الآخر تقدم "إسرائيل" عبر قوة "ناحال"، المجال لجميع اليهود، أو الذين يريدون القتال لصالح الدولة العبرية، دون أن ينتقلوا مع عائلاتهم إليها، وشروط القتال مع كتيبة "ناحال" باتت معروفة، وهي أن يكون أحد أجداد المتطوعين من اليهود، من الشباب أو الشابات، فهو لا يقبل الشباب فوق سن 24، ولا الشابات فوق سن 21، وبالعادة يقرر حاخام إذا ما كان المتطوع مؤهلًا أن يصنّف كيهودي. وبحسب موقع “Washington Report on Middle East Affairs”، في مقال بعنوان: " مقاتلون أجانب من أجل "إسرائيل": مرتزقة أم حراس للديمقراطية "الوحيدة" في الشرق الأوسط، نشر في 30 أيار/ مايو 2024، أنه بحسب دراسة أجراها المنتدى الاجتماعي في حزيران/ يونيو 2022، هناك ما لا يقل عن 1200 أميركي يخدمون في الجيش الصهيوني. وبعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أبلغ حوالي 10000 شخص مقيم في الولايات المتحدة إخطارًا بوجوب الالتحاق بالخدمة العسكرية في الكيان. وبحسب مقال نشر في واشنطن بوست في 22 شباط/ فبراير 2024 فإن أميركيين من اليهود وغير اليهود، وجميعهم لا علاقة لهم بدولة "إسرائيل" قد التحقوا بالقتال ويقدر عددهم بـ 23380 شخصا، قتل منهم 21 في غزّة وواحد على الحدود مع جنوب لبنان.
وأعلنت وزارة حرب العدوّ أنه في العام 2016، كان هناك 3500 أجنبي يخدمون في جيش العدو "معظمهم من اليهود"، وأن أعداد المتطوعين من الفرنسيين هي الأكبر ويمثلون 45% من هذا العدد، والأميركيون 29%، والبريطانيون 5%، وهذا العدد يشكّل لواءً كاملًا، والذي يكون عادة تعداده ما بين 3000 - 5000 جنديّ. بالتأكيد العدد زاد بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كما زاد عدد المتطوعين الأجانب. وبحسب مقال واشنطن بوست، هناك متطوعون أيضًا من عدة دول أوروبية ومن جنوب إفريقيا.
يوجد اليوم في فلسطين 1000 جنديّ من أصل إيطالي يقاتلون في المعركة، حيث كان يعيش في الكيان قبل الحرب 18000 مواطن إيطالي، بحسب تصريح وزير الخارجية الإيطالي انطونيو تاجاني. كما أنه بموجب قانون حرية المعلومات، اضطرّت حكومة بريطانيا برئاسة ريشي سوناك، للكشف عن العدد الحالي للمواطنين البريطانيين الذين يقاتلون مع الصهاينة وعددهم 100 حتّى أواخر آذار/ مارس 2024، وكان عدد البريطانيين الذين يخدمون في الكيان يقدر بـ 80 فقط ما قبل طوفان الأقصى، في حين أن هناك 60 ألف أميركي وجميعهم يقطنون في المستوطنات في الضفّة الغربية. وأما مواطنو جنوب إفريقيا الذين انضموا للقتال في غزّة، فلا أرقام حولهم، وقالت وزيرة الخارجية، ناليدي باندور، إنها منزعجة من هؤلاء لأنهم يرتكبون مجازر جماعية. أما فرنسا، فهناك رسالة كتبها عضو البرلمان اليساري، توماس بورتس، إلى وزير العدل الفرنسي، يطالب فيها بالتحقيق مع 4185 مواطنا فرنسيا لأنه يعتقد أنهم ارتكبوا مجازر جماعية في غزّة، "معظمهم" من حملة الجنسية المزدوجة.
نضع في كلّ مرة كلمة "معظمهم" ضمن مزدوجتين، لأن هؤلاء يعملون كمرتزقة في جيش الكيان، وعدد القتلى من هؤلاء في الحقيقة لا يدخل ضمن الحسابات الصهيونية، وخاصة من جاءت بهم شركات المرتزقة، وخاصة في فرنسا والولايات المتحدة. وقد تحدثت العديد من المواقع عن أرقام العائدين من القتال من روسيا وهم كانوا يحاربون كمرتزقة إلى جانب أوكرانيا، ومنهم من حملة جنسية الكيان وذلك في تقرير عرض على محطة CBS الأميركية، جاء فيه أن هناك ما بين 1500 - 2000 مرتزق كانوا يعملون في أوكرانيا جاؤوا للقتال في غزّة، وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية قد تحدثت عن ذلك في مؤتمر صحفي، إلا أن يورو نيوز في مقالها الذي نشر في 26/10/ 2023، حاولت دحض ذلك. وقد ابتدأت قضية المرتزقة من غير اليهود تصعد على السطح منذ نشر المقال في جريدة "ال موندو" أي "العالم" الإسبانية، وفيها تحدث أحد المقاتلين المرتزقة، بيدرو دياز فلوريس، عن عمله كمرتزق، وقال فلوريس: "إن "إسرائيل" تدفع مبلغًا جيدًا من المال [ذكر في موقع روسيا اليوم، نقلًا عن الصحيفة الإسبانية أن المبلغ يصل إلى 3900 يورو أسبوعيًا عدا عن التعويضات والطبابة والسكن وغيرها]، وأنهم يعطون معدات جيدة وأن العمل كان هادئًا"!. عمل هادئ! هكذا يراه هؤلاء.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024