نصر من الله

نقاط على الحروف

المقاومةُ في صياغةِ الأدب
28/02/2024

المقاومةُ في صياغةِ الأدب

غدير مرتضى 

بِاللهِ الأكبرِ علا صوتُ فجرِنا، كي يكون ضليعًا في تلاوةِ تباشيرِ النّصر الحاسم، الذي غنِمنا بِمُقوِّماتِه.

ليست وليدة اليوم، تلك مُقوّمات اندرجت في سياق تاريخيٍّ مسطورٍ ومعلوم، ولا يختلف على حقائقه اثنان من المحقّين في تلاوَة الأحداث الواقعيّة التي افتُعِلَت على يدِ صانعيها. كما غنِمت تلك المراحل، على تَتاليها بأدبٍ تعطّش العربي لسماعها وتِردادها، واعتبرها فُسحة التعبير التي يمكنُهُ، من خلالها، وصف واقع الظّلم، وكذا وصف واقع رَدعِه بأي أسلوبٍ كان.

ولو أردنا أن نطلِقَ العنان لِلوصف التّاريخي الحقيقي، لحكومات الدول العربية، لأجدْنا قولًا أنّ واقع الخنوع قد شَهِدناه لدى العديد من الحكّام العرب، منذ زمن كان فيه الغربيّ -الفرنسيّ، البريطانيّ والإيطالي- قد فرض استعمارًا واحتلالًا على الشُّعوب العربية آنذاك، ولا شكّ أنّ ذلك الاحتلال قد حظي بمساندة من خانوا أوطانهم.

أمّا ما شهدَه العام ١٩٤٨، من مسارٍ اعتمدَت فيه الصّهيونية على استقدام اليهود وتجميعهم في أرض فلسطين، بعدَ أن سلَبوها من أصحابِها الحقيقين عنوةً وإكراهًا، تلك المراحل على تَتابُعِها، شهدَ خلالها الأدب المقاوم قوّةً بِصناعةٍ حِرفيَّةٍ موصوفة، سواء كان نثرًا بليغًا أو شِعرًا موزونًا مُقَفّى، أو شِعرا حُرًّا.

وكان لبعض الأسماء من الأدباء والشعراء، وفير السّطورِ في أدب المقاومة، أو حتّى في وصف صورة المقاومين بجلالَتِها وعملهم المناهِض للظلم والاحتلال، فضلًا عن التصوير الأدبي لشخصيات القادة الذين كان لهم رسم في السياق العملي لنشاط المقاومة.

الشاعر المصري حافظ إبراهيم والشُّعَراء عمر الفرّا، هشام عمران، محمود درويش، العراقي مظفر النواب، أحمد مطر، قدسي العاملي، تميم البرغوثي، عباس فتوني، عبد المحسن حليت، عبد الله الأسعد، رامي فارس، فتحي حمد الله، عدنان الموسى... وغيرهم من الشعراء والأدباء الذين كان لهم العناية الوافرة في تدعيم أدب المقاومة وتصويب صورتِهِ بأسلوب جاذبٍ مقروء.

ولو أردنا الحديث عن التعبير الأدبي بما يتعلق بالمقاومة، لشَهِدناه يحمل السِّمةَ التي تجعلُه أدبًا معتمًدا في سياق الطّرح، هو التَّعبير الحقيقي عن منهج حقيقيٍّ لا تفريطَ فيه، لأنه المنهج الذي اعتمَدَهُ مناصرو الحقّ، ما كانت ولادة التَّعبير إلّا لإثبات أنّ رَدع الظُّلمِ هو حقّ يستحقُّه الإنسان أينما كان وَحيثُما وُجِد.

إبداء الأدب المُقاوِم، على نحوِه الحيّ والواقعيّ، له من الأهمّيّة القدرُ الوفير، لإعلاء شأن تلك الأحقيّة في مجتمعات تدَّعي الحُرِّيّة، وما أصحابُها إلّا في قوقعةِ القُيود الحقيقية، وغدت أدمغتُهم مُستَعْمَرَة.
هو الأدب الذي يُمْكننا أن نَصفَه بأنَّه شامل التَّأثير، خاصّةً في زمنِ الواقعةِ بخُبثها، إذا فيه التأثير الشامل، غير المُقيّد ونستطيع أن نصفَه بالتّأثير المطلق.

وتواتُر ذلك التأثير، لا بُدّ أن يتحوّل بالتّراكم إلى تشكيلٍ ثقافيٍّ يؤهِّل حقيقةً إلى منهجِ حياةٍ يصعُبُ تعدّيه ويُوَطِّد الأثرَ الفاعل، لأنه أدبُ الحياة ومنه يكون إحياء هذه الثقافة الحُرَّة، البعيدة عن التَّهميش، الفاعلةُ في صناعةِ الأطفال، كي يُصبحوا رِجالًا مَضَوا في طريقِ رَفضِ الخذلانِ والتَّخاذل.

ولا يقتصرُ فِعلُ المقاومةِ قبل أن يكونَ أدبًا على حملِ البُندُقيَّة، فهُناك الأوجُه المُختلِفة، التي بإمكان أي فرد عبرها  أن يسلكَ مسلكَ المقاومةِ الحقيقية ليكون مُعبِّرًا حقيقيًّا عن رفضه. وهنا نشهد أن هذا النوع من الأدب يسمو إلى الحدّ الذي يُقدَّر أهلُه جُلّ التقدير.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف