نقاط على الحروف
المستوطنون وجيش العدو: حلقة هزيمة مفرغة
ليلى عماشا
لطالما انقسم عالمنا هذا بين فرقتين: فرقة تستهيب العدو، فيرهبها ويهزمها قبل أن يطلق النار حتى، وأخرى ترهبه وتهزمه بالرغم من تفوّقه العسكري وعتاده الثقيل ووحشيته التي لا تعرف حدودًا، وتمرّغ بأنف هيبته المزعومة بالتراب!
وإن كان خطاب "العين لا تقاوم المخرز" قد وجد طوال عشرات السنين آذانًا تصغي وعقولًا تصدّق، فقد بدأ بالتدهور منذ العام ٢٠٠٠، وتزايدت وتيرة تدهوره سقوطًا منذ ٢٠٠٦، لتبلغ أقصى سرعتها انحدارًا منذ ثلاثة أشهر تقريبًا إلى الآن، بالتزامن مع الانحدار السريع لهيبة العدو التي باتت محطّ استهجان أصدقائه حول العالم ومدعاة خيبة المستوطنين المسمّين زورًا بالمدنيين.
منذ السابع من تشرين الأول / أوكتوبر إلى الآن، تشهد صورة جيش العدو الاسرائيلي حالًا من التدهور السريع، والتي لا يمكن للصهاينة تداركها أو حتى العمل لاحقًا على تجميلها. وإن كان مشهد اندحاره عن قرى الشريط المحتل العام ٢٠٠٠ ومشاهد هزيمته في تموز ٢٠٠٦ في الجنوب وما يعادلها من مشاهد كلّ محاولة خوض قتال برّي في غزّة على مدى السنوات الأخيرة، قد كسرت من صورة "الجيش الذي لا يُقهر" وأسّست لتحطيمها، فما يجري اليوم حطّمها تمامًا، وعلى مرأى ومسمع كلّ أهل الأرض.
الأمر لا يتعلق فقط بالفشل الأمني والاستخباري والعسكري إزاء بداية طوفان الأقصى في السابع من تشرين، بل بكل الأحداث التي جرت منذ ذلك اليوم، وفضحت أمام الجميع، ولا سيّما الخاضعين لوهم القدرات الصهيونية، هزال جيش الكيان، والذي لا يزيده ارتكاب المجازر الوحشية سوى ضعفًا وسقوطًا.
بداية، ليس هناك تقسيم حقيقي بين "عسكري" و"مدني" في الكيان الصهيوني. ولا يمكن الحديث عن موقف المستوطنين "المدنيين" وكأنّهم حال اجتماعية طبيعية ينفصل وجودها ودورها عن الجيش. بكلام آخر، حين نسمّي الكيان المؤقت بالهجين، يعني أنّنا ندرك أنّ المجتمع الذي يتشكّل منه هو مجتمع وهمي لا يمكن مقاربته كما لو أنّه مجتمع طبيعي نشأ وتطوّر في ظروف طبيعية. وحين نقول ونؤمن إنه لا وجود لمستوطنين "مدنيين" بالمعنى المعلوم لكلمة "مدني"، يعني ألّا نفرق بين مستوطن يخدم في الجيش المحتل، وآخر يعمل في أيّ مؤسسة أخرى تابعة للكيان. فالاثنان مسلّحان، مدرّبان على القتل، قتلنا، ومبرمجان على العيش داخل وهم أن لهما على هذه الأرض حقًّا بالعيش وبالأمان.
ينقسم المستوطنون اليوم إلى عدة فئات، لا يجمع بينها سوى خيبتها الكبيرة بالجيش الذي توكل إليه مهمة حمايتها وتأمين استقرارها على الأرض المحتلة:
فئة تحقد على الجيش الذي عجز عن أداء مهامه، وتفكر بالهجرة أو هاجرت فعلًا. أخرى تحاول تجميل خيبتها بالادعاء أنّها تعارض المجازر التي يرتكبها وتراه مجرد "قاتل أطفال" مع العلم أنّه يرتكب المجازر منذ نشأة الكيان، ما يجعل من هذه الفئة كاذبة أنها ببساطة تعارض قتل الأطفال اليوم لأنّه لم يعد يجدي نفعًا في الترهيب وكسر خيار المقاومة، وكانت ستؤازره بل وتشاركه حتى فيما لو عاد عليها هذا الخيار بما تشتهي من إلغاء لوجود المقاومة. فئة ثالثة وجدت أنها لا تملك سوى مؤازرة الجيش الذي عزّز تسليح المستوطنين في الضفة لمعاونته على قتل الفلسطينيين. وفئة، ما تزال غير مصدّقة أنّها وجيشها هزمت، وتمضي في الإنكار ناحية أقصى الوحشية فتدعو إلى المزيد من القتل والتدمير!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024