نقاط على الحروف
عن المقاومة.. بِحبّ فقط!
ليلى عماشا
للمقاومة في قلوب الناس مآثر وحكايات حبّ لا تخفى إلا على من أعماه سواد القلب.. ماذا لو خرجنا قليلًا من الزاوية الإخبارية في مقاربة عمل المقاومة، واسترقنا السمع إلى ما يُقال نبضًا، ودمعًا، وحُبًّا.. حبًّا زُلالًا؟
ارتباط القلوب بالمقاومين لا يأتي بعد حيرة وتفكّر واختيارات أرضية ماديّة، وذلك لأسباب عديدة أجملها أن المقاومة، بما هي المفهوم والقيمة الإنسانية، تتولّد في تراب فطرة المرء، ثمّ يأتي الوعي فيشذّبها ويغذّيها ويحصّنها. بكلام آخر؛ نحن نُولد مقاومين، نرفض الظلم.. ويكفي أن تقوم بفعل ظالم بسيط أمام طفل صغير جدًا، سترى انفعالاته وهي تتحوّل بسرعة إلى الغضب وعدم الارتياح تعبيرًا عن رفضه للظلم، حتى ذلك الواقع على غيره. هذا الرفض للظلم هو بذرة المقاومة التي إذا نمت، بشكل طبيعي ومن دون مؤثرات خارجية هدّامة، ستتحوّل بشكل طبيعي إلى قيمة إنسانية عالية وإلى نمط حياة راقٍ ومؤثّر.
جميع الذين فقدوا هذه الفطرة تاهوا.. بعضهم استثمر في تيهه والبعض الآخر حاول ملء فراغه بالمفاهيم الخاطئة وبالمبرّرات الواهية لجعل سقوطه عن فطرته الأولى مسألة مقبولة أو خيارًا رابحًا..
نُولد على حبّ المقاومة إذًا.. وحدث أن وُلدنا في زمان نشهد فيه المقاومة بنيانًا ماديًّا ومعنويًّا وروحيًّا يترجم الفطرة، ويصقل الوعي، ويقوّي كلّ عناصر النموّ الإنساني السليم.. ولهذا، الارتباط الوجداني العظيم بين الناس وبين أبنائهم من المنخرطين في العمل العسكري المقاوم يأخذ بعدًا يعجز من ليس ممتلئًا بالحبّ عن فهمه.. يتخطّى المشاعر الطبيعية التي تربط الأرحام والجيران وسائر الناس.. ثمّة شعور خاص جدًا يملأ الروح في كلّ وصل يجمعها بالمقاوِم، وكأنّها كلّما تلقاه تحسب أنّه الشهيد التالي..
هذا على صعيد الأفراد، أمّا على صعيد الرابطة الوجدانية بين حزب الله كمؤسسة وبين الناس، فالأمر مشابه ولكن بمعنى أوسع وأشمل. وهو ليس كما يرى البعض مرتبط بالخدمات التي يؤديها حزب "سنخدمكم بأشفار عيوننا"، ولا بالمساندة الحقيقية التي يقوم بها دون منّة على المستويات الاجتماعية والصحيّة والتعليمية كافة وغيرها.. وكذاك هو ليس مرتبط بقوّة حزب الله التي تتعاظم وتشتدّ نوعًا وكمًّا بعد كل معركة ونصر.. فالناس هنا يحبّون حزب الله، ولو كان لم يزل عتاده وعديده كما كان في البدايات.. وأيضًا هو ليس حصرًا من تجليّات البعد العقائدي المرتبطة بالانتماء المذهبي والرابط العقائدي هنا هو ارتباط حزب الله نفسه ببنية عقائدية صادقة ومتينة يتفاعل معها المحبّون وإن كانوا على غير دينه ومذهبه.. بمعنى أن الرابطة الوجدانية التي نتحدث عنها ليست ارتباط أبناء الطائفة الواحدة ببعضهم البعض..
في الحقيقة، العامل الوحيد الذي يؤسس لهذه الصلة الوجدانية، قل الوصل المهيب، هو الدم.. الدم الفادي، والدم الطاهر، والدم المبذول صونًا للناس وكرامتهم وأرضهم..
اليوم، ومنذ شهرين ونصف، يعيش أهل الحبّ على وقع بيانات الإعلام الحربي.. يشعرون بالرغم من أصوات القذائف بالأمان، ولا ترهبهم المسيّرات القاتلة ولا يجزعهم ارتقاء الأقمار الشهداء، عزيزًا تلو عزيز.. فهؤلاء، أهل حبّ شعاره أن "أبالموت تهدّدني …".
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024