معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

سمير القنطار.. لم ولن يُقفل الحساب
19/12/2023

سمير القنطار.. لم ولن يُقفل الحساب

ليلى عماشا

علم سمير القنطار دائمًا أن غليل الصهاينة وحقدهم سيدفعهم إلى اغتياله بعد أن تحرّر من أسرهم، رغمًا عن أحكامهم، ولأنّه لم يشعر لحظة أنّه أدّى قسطه في العمل المقاوم وفي سنين الأسر، لم يكن من الممكن أن يحاول اجتنابهم بأن يعيش حياته بعيدًا عن العمل المقاوم والفاعل في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فحسابهم لديه لا ينتهي إلّا بزوالهم.. وبهذا، يمكن الجزم بأنّه في عليائه ضحك حين قالوا بعد اغتياله أنه أُقفل الحساب.. ضحك لأنّه يعلم أنّه هو الذي يلاحقهم، وهو الذي يحاسبهم، وهو الذي يصرعهم وإن بدا لهم في لحظة ما أنّهم باغتياله انتصروا عليه وعلى روح المقاومة..

في التاسع عشر من شهر كانون الأول العام ٢٠١٥ في جرمانا قرب دمشق، اغتال الصهاينة سمير القنطار وصار اسمه مقترنًا بالمقاتل والأسير والشهيد.. من نيسان ١٩٧٩ حتى تموز ٢٠٠٨، عاش القنطار مقاتلًا أسيرًا في زنازين العدو داخل فلسطين المحتلة التي وصلها بحرًا بعدّة المقاتل في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتنفيذ عملية محكمة وأسر صهاينة والعودة بهم إلى لبنان بهدف فرض تحرير الكثير من المقاومين الأسرى.. اشتبك سمير ومجموعته مع العدو في مستوطنة نهاريّا، وجهتهم بعد أن نفذّوا العملية كما خططوا لها وأُسر سمير ورفيق له هو أحمد الأبرص، بعد استشهاد كلّ من مهنّا المؤيد وعبد المجيد آصلان.

ثلاثون عامًا من القتال خلف القضبان، بالإضافة إلى ما سبقها من العمليات الفدائية التي شارك فيها القنطار رغم صغر سنّه، لم تكن كافية بالنسبة إليه. فلسطين المحرّرة من رجس الصهاينة ومن الاحتلال كانت وجهته وهدفه، وكلّ ما دون تحرير كامل الأراضي المحتلة كان بالنسبة إليه قليلًا جدًا. ولذلك عند تحريره، التزم في صفوف حزب الله مقاومًا يلاحق العدوّ في كلّ مكان، حتى صنّفته وزارة الخارجية في الولايات المتحدّة الأميركية ضمن لائحة الإرهاب ووصفته بأنه أصبح أحد "أكثر المتحدثين باسم حزب الله شعبية وبروزا".. حمل سمير وسامه هذا بعزّة.. وهل من عزّة تفوق إقرار الأعادي بأنّه ما يزال يوجعهم، ولو بعد ثلاثين سنة في الأسر، سوى عزّة الشهادة التي لم يتأخر سمير في نيل وسامها بعد غارة إسرائيلية استهدفته في سوريا؟

اليوم، بعد مضي ثمانية أعوام على اغتياله، هل تمكنّت "اسرائيل" فعلًا من إقفال الحساب؟ أبدًا. فالحساب مع الصهاينة ليس مع الأسماء، وإنّما مع الرّوح المقاتلة، الروح التي تهزمهم وتلغي وجود كيانهم على المستويات كلها، الروح التي لا تأبه بنوعية سلاحهم وبعتادهم ولا بكونهم أداة عالم الشرّ كلّه في الحرب.

تشهد هذه الأيام إحدى أعتى المواجهات مع العدوّ، وأقساها، وأكثرها حملًا لبشائر النصر واقتراب زوال "إسرائيل" من الوجود، وفي أيام كهذه، يمكن لأهل المقاومة أن يروا في كلّ التفاصيل كلّ شهدائهم، يستحضرونهم وجهًا وجهًا، ويعرفون أن بشكل أو بآخر، جميعهم حاضرون في المعركة، وجميعهم يقاتلون..

سمير القنطار

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل