معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

بين شمالها وجنوبنا..
21/11/2023

بين شمالها وجنوبنا..

ليالى عماشا
منذ صباح الثامن من أوكتوبر حتى الساعة، تدور معركة عند الحدود مع فلسطين المحتلة.. معركة تجري للمرّة الأولى ونحن نرى الأنوار منطفئة في مستوطنات الشمال الفلسطيني، والشوارع خالية، والبيوت المثبّتة فوق الأرض المغتصبة بلا حياة، فيما تشعّ الأضواء من القرى في الجنوب وتشع الحياة، باستثناء القرى المحاذية للحدود والتي نزحت منها العائلات احتياطًا.

هذا المشهد الذي لم يتوقف عنده وعند دلالاته الكثيرون في لبنان، شكّل أزمة بالنسبة للصهاينة الذين رصدوه وقرأوا معناه.

على سبيل المثال، أشارت صحيفة هآرتس بعد جولة في "مستوطنات الشمال المهجور" أنّ أزمة ثقة نشأت بين المستوطنين شمالًا، والذين هاجروا من المنطقة نحو المستعمرات البعيدة عن الحدود قبل أن يتلقوا تعليمات رسمية بوجوب المغادرة، وبين الجيش وقدرته على تأمين حمايتهم وأمانهم.

وفي الإطار نفسه، صرّح رئيس منتدى مستوطنات الشمال موشيه دافيدوفيتش إلى صحيفة معاريف أن أكثر من ٧٠ ألف مستوطن هاجروا من الشمال ولن يعودوا ما دام حزب الله على الحدود، وأكّد أن وجود الجيش الإسرائيلي في المنطقة لن يشكّل عامل أمان لهم، وهم الآن مشتّتون في المستوطنات البعيدة عن شمال فلسطين.

وكانت صحيفة "إسرائيل اليوم" قد كشفت عن دراسة أعدّتها منظمة "الحارس الجديد" عشية طوفان الأقصى بأن ٥٥٪؜ من المستوطنين يقرّون بانعدام شعورهم بالأمان في "إسرائيل"، ولا بدّ أنّ النسبة ارتفعت جدًا اليوم بعد أن أدركوا جميعًا أن لا أمان لهم على الأرض المحتلّة، بفعل ضربات المقاومة.

من جهة أخرى، وبحسب إحصاءات "سلطة المعابر والمطارات الإسرائيلية" فإن أكثر من ٢٣٠ ألف مستوطن غادروا "اسرائيل" مع حلول الأسبوع الرابع من الحرب.
كلّ هذه المعطيات، بالإضافة إلى المشهد المرئي من جنوب لبنان، وشبيهه في مستوطنات "غلاف غزّة" تؤكّد دخول الكيان المؤقّت آخر مراحل وجوده وقرب انتهاء وقت وجوده في المنطقة، وبالتالي قرب تخلّص بلادنا من البؤرة التي أوجدها الغرب فيها لإحكام السيطرة عليها وعلى شعوبها ومقدّراتها.

نعود إلى المشهد جنوبًا: المستوطنات خالية، معتمة في الليل، خالية في النهار، لا حياة فيها ولا صوت سوى صوت المعركة. بالعادة، كانت المعارك ضدّ الصهاينة تُخاض على أرضنا، تخلو قرانا وبيوتنا من ناسها وتتعطّل فيها حركة الحياة وكلّ مظاهرها اليومية. ما يجري الآن هو العكس تمامًا، يسهر الجنوبيون على شرفات منازلهم ليتفرّجوا في الليل على المواقع "الإسرائيلية" وهي تُقصف، وفي النهار يزاولون حياتهم المعتادة، على وقع بيانات المقاومة التي تعزّهم باستهداف الصهاينة وتحقيق الإصابات المؤكدة في صفوفهم. وهذا الأمر يثير امتعاض الصهاينة كثيرًا، فقد علقت صحيفة معاريف على المشهد بالقول:

"شعب لبنان في الجنوب يتمتّع بالحصانة ببنما أصبح عشرات الألاف من الإسرائيليين في الشمال نازحين". يأخذنا الأمر مباشرة إلى مقارنة أمسنا باليوم، وزمان "الجيش الذي يُقهر" بزمن الكيان الذي "أوهن من بيت العنكبوت".. ويأخذنا إلى فيض العزّة والمجد المصنوع بدم الشهداء، يضعنا تمامًا عند عتبة إزالة إسرائيل من الوجود، الهدف الواضح، والمحدّد والدقيق!

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف