معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

جِنين ولّادة المقاومين.. لا تنكسر
27/01/2023

جِنين ولّادة المقاومين.. لا تنكسر

زهراء جوني

"فاقتْ جنينُ توضّأت فاستقبلــــت
نوتِ الصَّلاةَ وأمعنتْ تطويـــــــــلا
صلّت جنينُ الفجْر ثمّ تضرَّعت
دَعَتِ الدُّعـــــــــــــــــــاءَ تبتّلتْ تبتيلا"

يقول أحد الشعراء إنّ الصلاة على أرض جنين لا تشبه أي صلاة لشدّة طهر هذه الأرض وعظمة تضحياتها، وعلى الرغم من أنها ليست أكبر مدن الضفة الغربية إلا أنها من أكثر المدن التي خرّجت مقاومين وشهداء وكانت ولا تزال عصية على الاحتلال.

عمر هذه الأرض من عمر المقاومة. لا يمكن أن تتحدث عن فلسطين بعيداً عن جنين؛ المدينة التي عاشت محطات فاصلة في صراعها مع العدو الإسرائيلي، وقبلها حين قاومت مع القائد الشيخ عز الدين القسام الانتداب البريطاني عام 1936. وهذا ما جعلها على امتداد التاريخ مركزاً للمقاومة وحاضنة أساسية لمجموعات المقاومة التي كبرت وازدادت مع الوقت وضاعفت من كوابيس الاحتلال وقلقه، ودفعته مراراً إلى اقتحام المدينة ومخيمها سعياً للحدّ من تعاظم المقاومة وقدراتها، لكنه في كلّ مرة كان يخرج بإنجاز وحيد هو مضاعفة عدد الشهداء وارتكاب المزيد من المجازر مقابل مضاعفة قوة المقاومة وعزيمتها وإصرارها على القتال والمواجهة.

المدينة التي اقترن اسمها بأسماء أبطال كثر في الاونة الأخيرة خلال قيامهم بعمليات فردية ضد الاحتلال في قلب معقل الكيان، تعود اليوم لتتصدر المشهد عبر محاولات مستمرة للاحتلال لكسر هذه القوة والإرادة، وارتكابه لمجزرة جديدة مع عودة حكومته العنصرية والمتطرفة في تكريس لمشهد يعيدنا إلى شهر نيسان/ أبريل من العام 2002؛ معركة مخيم جنين التي شكلت في حينها علامة فارقة في صراع فلسطين مع الاحتلال، يومها تصدى 200 مقاوم حتى الموت لأكبر حشد عسكري منذ حرب 1967.

يعود اليوم هذا المشهد لكن مع تغير الظروف وموازين القوى. فالمقاومة التي تصدت بروحها منذ عشرات السنين لجيش الاحتلال حين دخل المخيم بأقوى سلاحه وعتاده، وصنعت يومها انتصاراً رغم قدراتها المحدودة، هي اليوم تصنع المعجزات وتُخرج من هذه المدينة الصغيرة أبطالاً جعلوا إعلام العدو يقرّ بالأمس بحجم المقاومة التي تعرض لها كيان الاحتلال خلال اقتحامه للمخيم هذه المرة.

لماذا يسعى رئيس وزراء العدو عبر مجازره؟ تطلق الأسئلة في هذا الإطار، لتعكس صورة أكيدة عن نية نتنياهو العائد مجدداً إلى السلطة تعزيز مسار التصعيد وإشعال المنطقة، وربما الذهاب نحو الانفجار الكبير على الساحة الفلسطينية. لكن علامَ يُراهن نتنياهو في ظل الانقسام الذي تتعرض له حكومته لا سيما مع ارتفاع الأصوات من داخل الكنيست التي تعترف وتؤكد خطر التصعيد الذي تتجه نحوه الحكومة الجديدة والتي من شأنها حسب أعضاء ووزراء وسياسيين إسرائيليين أن تنزع الشرعية عن "إسرائيل" وأن تهدد هذا الكيان بشكل حقيقي.

في الخلاصة، أينما اتجهت حكومات الاحتلال، ومهما سعت وتصرفت واتخذت من قرارات، المؤكد أنّ هذه الأرض التي ولّدت أعظم جَنين للمقاومة لا يمكن أن تموت أو تنكسر.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف