نقاط على الحروف
يوم الروحية الساطعة: أقمار القنيطرة
ليلى عماشا
18 كانون الثاني/ يناير 2015، وفي القنيطرة، معبر إلى السماء. سبعة أقمار تربّوا في جيش الأرواح المقاتلة، وفازوا بأن ما عادوا إلّا شهداء. في يوم عروجهم، عادت صورهم لتملأ ساحات العين، وحلّت أسماؤهم في القلوب، بل نطقت بها النبضات على وقع مشاهد تشييعهم:
محمد أحمد عيسى "أبو عيسى الإقليم"
القائد الجهادي الذي يعرفه تراب الجنوب حبّة حبّة، العتيق في الحبّ وفي الجهاد، مسؤول محور الإقليم في حرب تموز ٢٠٠٦، المحبّ الحنون كما يعرّف عنه كلّ الأخوة الذين عملوا معه، المدرك بحزم ويقين كيف يكون السعي نحو عالم خالٍ من "اسرائيل".
محمّد علي أبو الحسن.. "كاظم"
الفنان المتألق في مهنة التصميم "الغرافيكي"، العريس الذي مضى في عرس الشهادة قبل زفافه إلى خطيبته بفترة وجيزة، الحاد والواضح في عدائه للصهاينة، صاحب البصيرة والوعي والمحارب الذي جعل العمل المقاوم في أعلى أولوياته.
عباس ابراهيم حجازي "السيد جواد"
الذاهب إلى الشهادة بلهفة العاشقين المشتاقين للقاء من سبقوه من الأخوة، صهر الشهيد "أبو حسن سلامة"، والقمر الذي توفي والده في يوم استشهاده، كي يشيّعا معًا إلى مثواهما الأخير. بدا وكأن الوالد ظلّ يصارع المرض بانتظار عودة حبيبه.
علي حسن ابراهيم "ايهاب"
المصرّ على خوض الجهاد مترفّعًا عن كلّ مغريات الدنيا، موقنًا بالسبيل الموصل إلى الجنة، الذي تربّى في كنف جدّه وعاد إلى مثوى يجاور أباه الشهيد، شهيدًا مثله.
الجميل الذي لم يُعرف سرّ عمله وغيباته إلا حين زُفّ إلى والدته وجدّه واخوته شهيدًا عبر من القنيطرة.
غازي علي ضاوي "دانيال"
هذا القمر تعرفه "القصير" جيّدًا، ابن الخيام الذي جمع كلّ أهلها في تشييعه، والذي جاهد في كلّ ميدان باحثًا عن خاتمة يريدها وتريده، بعد مسيرة بدأها صغيرًا في السنّ، طاعنًا في اللهفة إلى الشهادة.
جهاد عماد مغنية "جواد"
جهاد، وفي البدء كان الخبر "استشهد ابن عماد".
مَن؟ ذاك الفتى الذي في تأبين والده وقف في الجمع الباكي فلملم الدّمعات وسكبها فوق جرح يتمه الطازج ملحًا يحفظ عهود الابن لأبيه، والجنديّ للقائد، والموالي للوليّ.
مَن؟ إنّه هو، الجميل ابن الجميل الذي شقّ ضلوع أهل الحب يوم ارتقى، وهو الكريم ابن الكريم الذي في يومه جدّد في الضلوع كسرها القربان، كي يرضى ربٌّ جميل، وكي تحيا أمّة ما رأت إلّا جميلًا.
مَن؟ روح الأب الناطقة وامتزجت بروح الابن الذي شبّ في دار "الرّوح هي يلي بتقاتل".. القمريّ ذو بسمة الشهداء منذ ابتسم في مهد وداعِ الأب والقائد، والبكّاء في مجالس العزاء واللّطم، والنّاظر باستصغار إلى الدنيا، سالكًا خير الدروب فيها كي يصل. في مثل هذا اليوم، قبل سنين ثمانية، ومع خمسة أخوة له من حزب الله، وصل.
يوم بلغ خبر استهداف القافلة في القنيطرة بيوت أهل المقاومة، انسكب الحبُّ دمعًا والدّمعُ عزّة تنطق بأن "لم نعلم منهم إلّا خيرًا"، وبأن "أرضيت يا ربّ؟" وبأن "حسن الخاتمة" كان على قدر أمنيات من عبروا. كانت شهادة دوّت في الأرض فحملتهم إلى جوار الأولياء المعشوقين في السّماء. يومها، أعلن الشهداء بصوتِ عبورهم أن الهدف واضح ودقيق ومحدّد "إزالة إسرائيل من الوجود"، ويومها، أمكن للجميع أن يشهدوا سيل الضوء من الأرض إلى السماء.
ومنذ ثمانية أعوام، تتجمّع القلوب في هذا اليوم حول القافلة القمرية، تسمّي اليوم بيوم الروحية، الروحية التي هي الأصل.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024