نقاط على الحروف
رئيس "الموساد" والنباح في الفلاة
ايهاب زكي
"إسرائيل ستحرص على ألّا تكون لإيران قنبلة نووية، لا في السنوات المقبلة ولا إلى الأبد، هذا تعهدي، تعهد الموساد" - رئيس "الموساد دادي برنياع".
يتساءل الكاتب الصهيوني أفرايم غانور في صحيفة "معاريف" عن خلفية هذا التصريح "من أين جاءت هذه الثقة لرئيس الموساد؟ لا أعلم!" ويردف "أنا بخلافه، بعيد عن التفاؤل".
كذلك دعا وزير الحرب الصهيوني بني غانتس إلى مواجهة جماعية ضد إيران، تشبه تلك الطريقة التي يواجه بها "الناتو" روسيا في أوكرانيا، وهو يقصد مواجهة جماعية بتنسيق الكيان مع واشنطن ودول التطبيع الخليجي والعربي، وتبدو هذه الدعوات خارج الحقائق والوقائع، خصوصًا أنّ تلك المواجهة قائمة منذ زمنٍ بعيد، ومُنيت بالفشل الذريع.
حيث استطاعت إيران تجاوز كل العقوبات والتأقلم مع آثارها، كما أنّها سجلت قفزات استراتيجية في تخصيب اليورانيوم، من 3.5% إلى 20% إلى 60%، منذ إنسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ثم تشغيل منشأة فوردو، كذلك هي القفزات العملاقة في تصنيع السلاح المتطور خصوصاً الصاروخي والمسيّر.
لذلك فإنّ هذه الدعوات الإسرائيلية المتكررة للحثّ على المواجهة الجماعية، تشبه إعادة التجربة بذات الطريقة، ثم انتظار نتائج مغايرة، وهذا أحد تعريفات الغباء ودلائله، أو في الحالة الإسرائيلية هو أحد تعريفات العجز ودلائله الدامغة.
أمّا نتنياهو فيقول "لضرورة فعل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، حتى من دون علم واشنطن، فإذا أخبرناهم بما نحن على وشك القيام به، سيقولون نحن نعارض، وفي هذه الحالة سيكون الصراع معهم مباشراً"، وأضاف في حال إبلاغ واشنطن قد يتسرب الخبر لصحيفة "واشنطن بوست" أو "نيويورك تايمز"، حينها سيكون لدى الإيرانيين تحذير مسبق، وسيتم إلغاء إجراءاتنا مقدماً".
هذا الكلام العبثي قاله نتنياهو لموقع "العربية نت" باللغة الإنجليزية، وهو من العبثية بحيث لا يصلح فعلياً سوى للنشر في إعلام عبثي غرائزي هوجائي عشوائي كإعلام النفط مهما اعوَّجّ لسانه، حيث أنّ الخشية من التسريبات لا تنسجم مع فكرة الصراع المباشر مع واشنطن على إثر اعتراضها، ولا يصلح كلاهما كعذرٍ سوياً، هذا فضلاً عن أنّ مجرد اعتراض واشنطن، يعني ضوء أحمر لا يجرؤ نتن ياهو على تجاوزه، ليس لأنّه يخشى عقوبات واشنطن، بل لأنّه لا يجرؤ على الذهاب إلى حربٍ ضد إيران دونها.
ويبدو أنّ أفيغدور ليبرمان أصاب الوصف الأدق لحكومة نتنياهو المرتقبة، وهو "تسونامي" سياسي اقتصادي ودبلوماسي، دون التطرق للجانب العسكري، وهذا ما يشي بأنّ فكرة مهاجمة إيران هي مسألة خارج التصور وخارج نطاق القدرة، حيث سيكتفي نتنياهو وحكومته بـ"تسونامي" سياسي محلياً، عبر التركيبة السياسية وخريطة الأحزاب وتغيير بعض القوانين، لتغيير طبيعة الفصل بين السلطات، ودبلوماسي خارجياً، عبر تكبير الفم نحو إيران وجلب المزيد من الأطراف العربية إلى حظيرة التطبيع.
أمّا مهاجمة إيران سيظل وهماً ساذجاً يداعب مخيلة نتنياهو، كأوهام طفلٍ بقيادة مكوكٍ فضائي، حيث أنّ سيناريو مهاجمة المفاعلات الإيرانية، هو سيناريو الحرب الإقليمية التي ستجعل من الكيان المؤقت أثراً بعد عين، هذا فضلاً عن أنّ الهجوم العسكري على المفاعلات الإيرانية، من ناحية الواقعية العسكرية، لا يمكن له القضاء على البرنامج النووي الإيراني.
يخطئ الكثيرون حين مقارنة الأمر بالمفاعلين العراقي والسوري، اللّذان قام الكيان المؤقت باستهدافهما على التوالي عام 1981 في العراق، وعام 2007 في سوريا، حيث لا وجه للمقارنة على الإطلاق، لناحية طبيعة البلدين وقدراتهما، مقارنة بالقدرات الإيرانية، وطبيعة البرنامجين الناشئين مقارنةً بالبرنامج الإيراني الراسخ والواسع والمحمي، كذلك قدرات العدو بين الماضي والحاضر، وأيضاً فإنّ خرائط النفوذ الإقليمية والدولية تغيّرت كثيراً منذ ذلك الوقت، خصوصاً فيما يتعلق بالولايات المتحدة، وكثيرٌ من العوامل التي ستجعل من عهود رئيس "الموساد" مجرد نباحٍ في فلاة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024