نقاط على الحروف
في ذكرى انطلاقته الــ 44: مسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد.. المتراس الأول
يوسف الشيخ
سَبَقَ انتصارُ الثورةِ الاسلامية الايرانية بشهرين في لبنان، وتحديدًا في ضاحية عاصمته بيروت الجنوبية، تحوّل مهمّ موازٍ كان له أثر كبير في جمع وتشكيل الشباب المؤمن الذي كان نواة حزب الله.
هذا التحول كان افتتاح مسجد الإمام الرضا(ع) في بئر العبد وتولي سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله (رض) إمامته وتصديه فيه لمهمة الوعظ والارشاد، يعاونه نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم.
أقيمت صلاة الجماعة الأولى في المسجد يوم الجمعة في غرة شهر محرم الحرام عام 1399 هجري الموافق لـ 2 كانون الأول/ ديسمبر 1978 ميلادي.
بدأ الإحياء المركزي لعاشوراء ذلك العام بطور جديد ببرمجة وخطة تبليغية وتثقيفية وتوعوية سياسية يجري البناء عليها عاماً بعد عام. تولى الراحل الشيخ عبد الوهاب الكاشي في ذلك العام الخطابة والنعي الحسيني طيلة أيام عاشوراء، فيما بدأ سماحة السيد فضل الله (رض) بسلسلة من المحاضرات العاشورائية المخطط لها جيداً (على النمط العراقي الدعواتي). ومن الليلة الأولى امتلأ المسجد والدرج الملحق به والشارع الملاصق بالمعزّين.
أما البرنامج الثابت لمسجد الإمام الرضا (ع) في بئر العبد خارج أيام عاشوراء فكان على الشكل التالي:
1ــ إقامة صلاة الجماعة يومياً مرتين لصلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يلي كل صلاة تعقيب يبدأ بدعاء الوحدة ثم بدعاء اليوم من الصحيفة السجادية وذلك بعد صلاة الظهر تليه صلاة العصر جماعة مع تعقيب هو جزء من المناجاة الـ 15 من الصحيفة السجادية.
ثم يسلم الإمام -وغالباً ما يكون السيد فضل الله- على المصلين، ويجلس ما أمكنه من وقت بين 5 و 15 دقيقة ليجيب عن أسئلة المصلين (الذين يتجمعون حوله) في الفقه وجميع أمور الدين.
عند المغرب تصلى صلاة المغرب جماعة ثم يعطي الإمام (السيد غالباً) فرصة لمن يريد أن يتنفل منفرداً بصلاة الغفيلة. ثم يقيم صلاة العشاء جماعة ويعقب بعدها بإحدى المناجاة الـ 15 للإمام زين العابدين (ع) ويقرأها كاملة.
2ــ يتشابه البرنامج اليومي لأيام السبت والاثنين والثلاثاء والاربعاء وتضاف إليه ليلة الجمعة محاضرة قرآنية أو مفاهيمية اسلامية بين صلاتي المغرب والعشاء. وبعد صلاة العشاء جماعة يبدأ السيد بقراءة دعاء كميل بالمصلين وعند نهاية الدعاء تتلى الزيارة المختصرة للمعصومين الـ 14.
3ــ أما يوم الجمعة ظهراً فكان السيد يخطب خطبة سياسية يتطرق فيها إلى الأمور الراهنة في لبنان والعالم الاسلامي ثم تقام صلاتا الظهر والعصر جماعة وفق ترتيب الايام الباقية، إلا أنه كان يجهر في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر ويقرأ سورة الجمعة بعد الفاتحة في الأولى وسورة القدر أو العصر أو الكوثر بعد الفاتحة في الثانية. أما صلاة العصر فكانت تصلى كالعادة إخفاتاً.
4ــ يوم الأحد ظهراً كان السيد أو في معظم الأحيان الشيخ نعيم قاسم يقوم بإلقاء درس بين صلاتي الظهر والعصر غالباً ما كان يتم التركيز فيه على المواضيع الأخلاقية والسلوكية حصراً من خلال تفسير أحد الأحاديث الشريفة أو الأدعية المنسوبة لأهل البيت عليهم السلام.
5 ــ كانت معظم المحاضرات تسجل وتطبع على أشرطة كاسيت "ذات جودة عالية" ليستفيد منها الجمهور لقاء بدل مالي يتم استخدامه لتمويل متطلبات محددة للمسجد. هذه الكاسيتات كانت تطبع على آلات نسخ الكاسيت السريعة في لجنة المسجد الكائنة تحت المبنى، وغالباً ما كانت تطبع محاضرات السيد فضل الله ومجالس عزاء الشيخ الكاشي وأدعية كميل وما كان يحصله الأخوة في لجنة المسجد من محاضرات أو قراءات قرآنية باصوات كبار القراء أو لطميات أو أناشيد.
وللتنويه فإن جودة الصوت والسمعيات في المسجد كانت منذ اليوم الأول ممتازة وهو ما جعل الفيديوهات والكاسيتات المسجلة في ذلك الوقت، بنفس الصفاء والدقة بعد 44 عاماً.
إضافة الى البرنامج العبادي والدعووي الخاص بالسيد فضل الله والشيخ نعيم قاسم، كانت تقام حلقات تثقيفية قد تتعدى 4 حلقات يومياً يقيمها الشباب المؤمن والمشايخ الصغار الذين هم في طور الدراسة في الحوزة وكانت هذه الحلقات تتسع أو تضيق حسب قدرة ولياقات من يعطي الدرس وفي بعض الحالات وخاصة في الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 حيث كانت القذائف تنهمر عشوائياً في ضاحية المستضعفين.
مثَّل مسجد الإمام الرضا (ع) لأبناء الضاحية الملتزمين عموماً وحي ماضي خصوصاً طاقة نور حيث كانوا من رواده الأوائل وساهم بعض شبابه المؤمن في الحلقات التثقيفية التي كانت تعقد يومياً ومن المسجد أطلقوا فوج الإمام الرضا (ع) في الكشاف الذي كان أحد الروافد الأساسية المؤسسة لكشافة الإمام المهدي (عج) لاحقاً. وبدأت آثار وبركات المسجد تظهر سريعاً على الشباب مع زيادة المتدينين في حي ماضي والملتزمات بالحجاب ثم العباءة الزينبية كما انعكس تأثيره على حضور الشباب في الأحداث لاحقاً عندما بزغ فجر حزب الله، حيث كان الشباب يتداولون بيانات الإمام الخميني (قده) ويقوم أحد الكوادر بشرح مطالب البيان في بعض الجلسات مركزاً على التوصيات للشباب والثوريين.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رعيل حزب الله الأول الذي كان مسجد الإمام الرضا (ع) حاضنته الثقافية والدينية تربى في المسجد من معين واحد هو المعين الثوري الحسيني من البيان الخميني ومن الثقافة الخمينية كما بنيت شخصيتهم الدينية من علوم منبر ذلك المسجد الذي قضوا ردحاً من شبابهم يتلقون العلوم والمعارف الاسلامية في روضته وصار قطعة من حياتهم.
ونتيجة لتفاصيل كثيرة سياسية وثقافية واستقطابية وأمنية لا مجال لذكرها بالتفصيل ولوجود نشاط كبير من المسجد وإليه أصبح مسجد الإمام الرضا (ع) قبل العام 1984 بيت حزب الله في المنطقة بل متراسه الأول.
الإسلاممسجد بئر العبدالسيد محمد حسين فضل اللهالحالة الاسلامية في لبنانالشعائر الدينية
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024