ابناؤك الاشداء

نقاط على الحروف

سمّ الجمعيّات الغربيّة في غزّة: NGO`s نسويّة خارج الزمن
22/11/2022

سمّ الجمعيّات الغربيّة في غزّة: NGO`s نسويّة خارج الزمن

ايهاب زكي

في قطاع غزة حالة نادرة من الكوميديا السوداء، حيث لا يوجد مأساة مستبعدة عن الحدوث، من احتلال وحصار، وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية ومعيشية، ونسب الفقر تتعاظم كما نسب البطالة، وانعدام الأفق وفقدان الأمل لدى الشباب، وهي الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطيني، ومآسٍ لا تُعد ولا تُحصى، وبينما كل ذلك واقع، تخرج على القطاع مؤسسات NGO`s نسويّة تعيش خارج الزمن، أو يبدو عليها ذلك.

هذه المؤسسات تريد تكرار تجربة الانقسام الفلسطيني، ولكن بطريقةٍ أشدّ وأكثر حدّة، فالانقسام السياسي رغم آثاره التدميرية للقضية الفلسطينية، سيبدو انقساماً هامشياً مقارنةً بأهداف الانقسام الذي تؤسس له تلك الجمعيات، فهي تستهدف عمود خيمة الصمود الفلسطيني، ألّا وهو المجتمع ونواته الأسرة، حيث تقف الأسرة في مواجهة نفسها، فريق الإناث وفريق الذكور.

تعمل هذه المؤسسات بتمويل غربي ــ أوروبي وأمريكيٍ خصوصاً، وهي تلتزم حرفياً بتعليمات الممول، والتي خلاف أنّها تتعارض مع الشرائع والأعراف، فهي تهدف لإعادة تجربة الهنود الحُمر، حيث يصبح المجتمع الفلسطيني حامل القضية، مجرد وعاءٍ لتفتيت الأواصر والعُرى التي تربط المجتمع بقضيته ويصبح المجتمع عدو نفسه.

إنّ هذه المؤسسات تمارس أعمالاً خطرة، تهدف إلى صناعة مجتمعٍ مسخ يغرق في ظلمة الاحتلال، لكنه في ذات الوقت يتصارع مع ذاته، دون القدرة على رؤية النور أو حتى البحث عنه.

إنّ الممول الغربي الذي يعمل بالقطع لمصلحة الاحتلال، لا يقبل ممن يمولهم بأقل من هذه النتائج، وهو يواصل تدريس استراتيجيته وتكريسها عبر البحث عن ثغراتٍ وحالاتٍ فردية، ثم العمل على تعميمها، لتصبح وكأنّها ظاهرة اجتماعية بحاجة إلى علاج، ثم يأتينا بالأمصال المصنّعة سلفاً والمسمومة، ويغرق المجتمع في دائرة صنع الأزمات، ثم البحث عن أزمات لحلّ الأزمات.

وفي ظل الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة، والذي يُعتبر الغرب أحد أهم أركانه تأييدًا أو صمتاً، يأتي الغرب بتمويلاته لاستغلال حاجة الناس، ودفعهم لهذا التشاقق، عبر إغوائهم بفتاتٍ مادي، لكنه كافٍ لاستقطاب بعض المتسلقين المسترزقين، الذين يتعاملون مع الأمر باعتباره وظيفةً مجزية، رغم إدراكهم المسبق للأهداف بعيدة المدى، لما يقومون به من عملٍ خطرٍ على أسس المجتمع، وبالتالي على مستقبل القضية بكليتها.

هؤلاء يتوشحون بشعاراتٍ فارغة عن حقوق المرأة وحقوق الطفل، حتى باتت الأُسر تخشى على أطفالها وبناتها من هذا الطوفان، وكأنّه لا يكفي اللجوء والشتات الفلسطيني، يريدون أن يصبح الفلسطيني لاجئاً في وطنه، حيث تتم ممارسة نزع الأطفال من الأسرة كما يحدث مع اللاجئين في أوروبا، بحجة عدم الأهلية أو التعنيف.

وتسعى هذه المؤسسات لفرض تشريعات قانونية، وأيضاً تحت سيف الإغواء بالتمويل، تشريعاتٍ تناسب عملهم وتتوافق مع أهدافهم، وكثيراً ما نجحوا في فرض تلك التشريعات، إن لم يكن عبر النصوص فعبر الممارسة العملية.

المسألة لا علاقة لها بالشعارات البراقة، التي يتم التلطي خلفها، بل لها علاقة بشكلٍ مباشر بأهداف الاحتلال ومخططه لتفكيك المجتمع الفلسطيني. ويقع على عاتق الحكومة بحكم مسؤولياتها وأهدافها المعلنة بحماية بيئة المقاومة، أن تتنبه لتلك الخبائث، وأنّ تكون حماية المجتمع من براثن تلك المؤسسات ومموليها أولى أولوياتها، بغض النظر عن الحاجة الاقتصادية أو مخلفات الحصار، فحماية المجتمع الفلسطيني والذي نواته الأسرة، أهم الواجبات وأوجبها لحماية بيئة المقاومة وثقافتها، حتى لا يحقق الاحتلال بالمال والاختراق، ما عجز عن تحقيقه بالنار.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف