ابناؤك الاشداء

نقاط على الحروف

الكيان المؤقت.. غربانٌ وحمائم
10/10/2022

الكيان المؤقت.. غربانٌ وحمائم

إيهاب زكي

"المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال مشروعة تمامًا كما أن المقاومة الأوكرانية ضد الاحتلال الروسي مشروعة" ـ الكاتب الصهيوني "كوم رفيد"

الكثير ممن يتعامل مع الكيان المؤقت باعتباره مجتمعًا طبيعيًا فيه المختلف وفيه المؤتلف، فيه الطيب وفيه الشرير، فيه المسالم وفيه المعادي، فيه المتطرف وفيه المعتدل، يكون قد بذّرَ أولى البذور لزراعة "إسرائيل" في رأسه، لتنمو كأيّ شجرةٍ ملعونة، تمتص ما تبقى لديه من بصيرةٍ وضمير.

هذا الكاتب وأمثاله لا يتعدون كونهم صهاينة أوغادًا، مقيتين الى حدّ التقزز، لا يمكن للنفس السوّية إلا النفور منهم، فهو هنا يقصد مشروعية المقاومة فيما يُعرف بمناطق 67، وهو بحد ذاته تشريعٌ لاغتصاب 78% من فلسطين المحتلة، فيما لو انسقنا خلف بريق عبارته، سنجد عبارته التالية، إنّ أمن المستوطنين يتطلب الطرق الالتفافية والجدار الفاصل، ولن يختلف كثيرًا عن أشد المتطرفين عدائيةً.

نجد مثلاً في استطلاع المركز "الإسرائيلي" للديمقراطية، أنّ 65 % من اليهود في الكيان المؤقت، بمن فيهم 45% من العلمانيين، يؤيدون حكم شريعتهم، اعتبار اليهودي هو فقط المولود لأمٍ يهودية، ويرفضون يهودية من يُولد لأبٍ يهودي، ويبدو أنّ هذا الكاتب من العلمانيين كذلك.

هذا الكيان لا حمائم فيه، بل كلهم غربانٌ ناعقة، تؤذن بالخراب لكل من اقترب منهم بلا سلاح،  فنرى مثلاً الرسالة الأخيرة التي أرسلها لابيد للعاهل الأردني، حيث أخبره بكل صلفٍ وتعالٍ، عن نيته زيادة عدد المقتحمين للأقصى فيما يسمى عيداً، وهذا الوصف للرسالة بالصلف والتعالي، ليس لي، بل هذا وصف الإعلام العبري، فإذا كانت صحيفة "هآرتس" تصف رسالة لابيد للملك الأردني بالصلف والتعالي، فما هي بالفعل حقيقة الرسالة؟ وبماذا سيصفها كاتبٌ أردنيٌّ مثلاً؟

إنّ ما يحدث في الضفة الغربية من عملياتٍ فدائية فردية وجريئة، هو اللغة الوحيدة التي يعرفها الاحتلال، وبما أنّها فردية، فقد أصبح الاحتلال متيقناً، من أنّ أخطر التنظيمات، هو تنظيم الفرد الواحد، وهذا ما يجعل من محاولات تطويق تلك العمليات مهمة مستحيلة، تعجز أمامها القوة العسكرية، كما تعجز أجهزة الأمن.

إنّ اتساع رقعة تلك العمليات، هو الهاجس الذي يؤرق كيان العدو، خصوصاً في ظل التوتر القائم على الحدود اللبنانية أولاً، ومع اقتراب موعد الانتخابات في الكيان، حيث سيكون أمام حكومة العدو خيارات حرجة، وقد تكون تهدئة الحدود الشمالية متاحة، في حال الالتزام بحقوق لبنان البحرية، بينما في الضفة الغربية لا وجود لطرفٍ محدد تطالبه بالتهدئة، فشكل النزاع وطبيعته لا علاقة لهما بالحدود، بل بالوجود.

إنّ الجيل الذي يقوم بتلك العمليات، هو جيلٌ خضع للكثير من محاولات غسل الدماغ، بأنّ الحياة أقصر من تضييعها في مقارعة العدو وملاحقة الموت، وأنّ طبيعة الأشياء أن تفكر في تأمين مستقبلك الفردي، وأنّ العمل متاح والمال متاح وكل شيء مستباح، لكنه رغم ذلك، ظل فلسطينياً يحمل جينات الفدائي، مهما تكالبت عليها أموال الشرق وأفكار الغرب.

جيلٌ لم تقنعه كل عمليات غسيل الدماغ، أنّ فلسطين هي حارته أو حيّه الذي وُلد وعاش فيه، والتي تحيط بها المستوطنات من جوانبها الأربعة، وأنّ هذا المستوطن البغيض، هو مجرد جارٍ قابلٍ للاحتمال، بل ظل يعرف بالسليقة، أنّه محاطٌ بعدوٍ يتربص به وأهله وأرضه وبيته ومستقبله، وأنّه عدوٌّ لا فكاك من قتاله ولو بالأظافر.

وإذ يتابع الجميع ما سترتكبه حكومة لابيد من حماقات، تحت وطأة حمى الانتخابات، وهي حماقاتٌ تحت لافتة التذاكي، من خلال كسب الوقت والتسويف، وعبر محاولة اللعب على الاختلافات اللبنانية الداخلية، بينما قد يكون الأمر في القدس أكثر صلفاً، وفي الضفة الغربية أكثر دموية، وهذا ما سيجعل فترة ما قبل الانتخابات، فترة شديدة التعقيد شديدة الحذر.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف