نقاط على الحروف
الاستثمار في المقاومة
فيصل الأشمر
تواضع المقاومة الإسلامية في الحديث عن إنجازاتها، وهو التواضع المحبذ لدى قيادتها والمنتقَد لدى كثير من جمهورها، ساعد عن غير قصد في جرأة خصومها عليها، حتى باتت عند بعضهم كأنها لم تكن ولم تحرر لبنان من العدو الصهيوني ولم تحفظه من العدو التكفيري، فإن ذكروها ذكروها على أنها احتلال إيراني للبنان أو على انها ذراع عسكرية إيرانية فيه.
هذه "الولدنات" الإعلامية من كارهي المقاومة في لبنان تبقى مجرد تسليات لأصحابها في وسائل التواصل الاجتماعي، و"فشة خلق" لا وزن ولا قيمة حقيقية لها أمام ما يراه العدو الصهيوني رأيَ عين وخبرة وتحليل في مكاتب أجهزة مخابراته ودراساته السياسية والأمنية والعسكرية، وما يصدر عن قادته في الإعلام وما لا يصدر فيه عن قوة حزب الله ومقاومته، وحدود ما تفرضه هذه المقاومة من قيود شديدة على قرارات العدو وتفكيره سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا نحو لبنان.
لأكثر من عشرة أعوام والمفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو "الإسرائيلي" حول الترسيم البحري لم توصل إلى نتيجة، وكان يمكن أن يمر عشرات مثلها دون جدوى أيضًا، لولا جملة واحدة صدرت عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "لا يمكن أن نسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقّة"، كانت كافية ليتغير المشهد في البحر الأبيض المتوسط كله، وليس في المياه اللبنانية الفلسطينية فقط، لأن القارئ الجدي ـ لا الصبيان أصحاب التغريدات الحماسية ـ لمواقف السيد نصر الله والذي اختبر صدق وعيده وذاق لوعات هذا الوعيد، يعرف جيدًا معنى كل حرف من جملة السيد نصر الله ويعلم أن خلف كل حرف صاروخًا دقيقًا موجهًا نحو منشأة حيوية ما داخل فلسطين المحتلة.
هنا، في موضوع الترسيم البحري، دعونا من "جعدنات" خبراء "الجعدنة" و"التنقير" ومن انتقادات المنتقدين الجديين حول حق لبنان وما سيحصل عليه وما أضاعته الدولة في تفاوضها غير المباشر مع العدو، والنفاذ من خلال هذا الموضوع إلى إنكار انتصار لبنان والمقاومة ـ ولا سيما المقاومة ـ على العدو في موضوع الترسيم البحري، إذ منذ البداية أعلن السيد نصر الله أن المقاومة تقف خلف الدولة، التي على عاتقها مسؤولية الترسيم، بينما تعنى المقاومة بالدفاع عن حق لبنان الذي تحدده الدولة، فإن كانت الدولة قد قصرت أو تخلت عن بعض الحق اللبناني في حقول الغاز والنفط فهي الملومة في ذلك، لا المقاومة.
منذ أكثر من عام استطاعت المقاومة كسر الحصار الأميركي وجاءت بسفن المازوت من الجمهورية الإسلامية في وضح النهار، ووزعته في كل المناطق اللبنانية في وضح النهار، واليوم تثبّت المقاومة حق لبنان في نفطه وغازه في وضح النهار، بل وتدفع الأميركي إلى الطلب من "الإسرائيلي" المسارعة إلى التوقيع على الاتفاق مع لبنان، طبعًا يفعل الأميركي هذا لأجل مصلحته الشخصية، لكنه يذعن شاء أم أبى لقوة حزب الله ومقاومته، واليوم يذعن العدو "الإسرائيلي" لأول مرة في تاريخ كيانه المؤقت لا لدولة عربية إنما لحزب أو فئة عربية خبرته وخبرها وعرفته حق المعرفة، وعرفت كيف تعمل على تأديبه إن تجاوز حدوده.
وبعد، مثل هذه القوة اللبنانية العربية، هذه المقاومة اللبنانية العربية، أليس من الأجدى الاستثمار فيها، بدل الاستثمار في مشاريع خارجية كل ما لديها مجرد وعود كاذبة ومشاريع مشبوهة، تخفي في طياتها مصالح الدول التي تقف خلفها؟
على الجميع الاستثمار في المقاومة، تلك المؤسسة التي لا تبغي ربحًا، ولا تتعامل بفائدة، ولا تبحث عن ربا، ولا تضيع لديها وديعة أو حق مواطن أو بلد.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024