نقاط على الحروف
جهاد التبيين في فكر الإمام الخامنئي: هداية الرأي العام عبر التنوير والتبليغ
أطلقت دار الثورة الاسلامية لحفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي كتاب "جهاد التبيين" بالتعاون مع المستشارية الثقافية وجمعية المعارف الثقافية، وذلك في حفل حاشد وبرعاية وحضور رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين وفعاليات سياسية واعلامية وثقافية، وقد ألقى المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية في لبنان سماحة السيد كميل باقر كلمة هنا نصها الكامل:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين.
السادة العلماء، أصحاب السعادة والسماحة والمعالي، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله.
من دواعي فخري وسروري أن أعلن لكم اليوم باسم دار الثورة الإسلامية ـ التابعة لمكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي ـ وباسم المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان عن إطلاق النسخة العربية لكتاب جهاد التبيين في فكر سماحة الإمام السيد علي الخامنئي دام ظلّه.
اليوم ـ بالتحديد ـ تصادف الذكرى السنوية الأولى لإطلاق الحكم بوجوب جهاد التبيين من قبل قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي. في مثل هذا اليوم قبل عام، وفي لقائه مع الهيئات الطلابية الجامعية تحدّث سماحته حول هذا المفهوم المهم وحمّلهم واجب التبيين وقال لهم:
«أولوا أهمية لقضية التبيين. هناك حقائق كثيرة ينبغي تبيينها. في مواجهة هذه الحركة المظللة التي تتدفق من مئة اتجاه للتأثير على الرأي العام فإنّ حركة التبيين تُحبط مؤامرة العدوّ وحركته. إنّه بمنزلة الواجب على كلّ واحد منكم أن تنيروا ما حولكم كالمصباح.» انتهى الاقتباس.
ثم في سلسلة لقاءات أخرى مع مختلف الشرائح في المجتمع شرح الإمام الخامنئي هذا المصطلح ـ يعني جهاد التبيين ـ أكثر، وبيّن أبعاده وجوانبه، وضرورته وأهميته، وأساليبه ومنهجياته ومستلزماته، والمواضيع المهمة التي تحتاج إلى التبيين، كما حدّد سماحته وظائف خاصة لبعض الطبقات والشرائح الأكثر تأثيراً على الرأي العام في معركة جهاد التبيين.
ويؤكّد الإمام الخامنئي في هذه اللقاءات أنّ جهاد التبيين فريضةٌ لها ثلاث خصائص أساسية؛ أوّلاً أنّها فريضة حتمية لا يمكن التخلّي عنها وتركها. ثانياً أنّها فريضة فورية غير قابلة للتأجيل والتأخير، وثالثاً أنّها فريضة على الجميع لا تَسقط بقيام البعض بها عن البعض الآخر.
النقطة التي أريد أن أركّز عليها اليوم هي التوجه إلى فلسفة جهاد التبيين والسبب الرئيسي وراء هذا الاهتمام الكبير والعناية الشديدة التي نشاهدها من قبل سماحة الإمام القائد لهذا المفهوم الإسلامي العظيم. في الحقيقة، المنطلق الأساس في وجوب جهاد التبيين تكمن في مكانة "الرأي العام" لدى الإسلام وأهميته البالغة لدى الثورة الإسلامية.
النموذج الغربي المادي في هذا المجال مبنيّ على "صناعة الرأي العام" وذلك عبر امبراطورية إعلامية تقوم بالتحريض والتحريف والتضليل، بينما النموذج الإسلامي الثوري مبنيّ على "هداية الرأي العام" (وليس صناعته)، وذلك عبر التنوير والتبليغ والتبيين.
النموذج الغربي لا يحترم عقول الناس وقلوبهم، ورغم ادعاءاته الفارغة وشعاراته الرنّانة لا يحترم حرّية اختيار الإنسان وإرادته، فلذلك يسعى جاهداً لاقتياد الشعوب والجماهير عبر صناعة الرأي العام وفق مصالحه المادية وليس وفق الحقائق والوقائع، بينما النموذج الإسلامي ملتزم بمبدأ تكريم الإنسان وحريته في الاختيار والإرادة ويؤكّد على احترام العقول والقلوب، فلذلك بدل أن يموّه الحقيقة ويشوّه الواقع يقدّم الصورة الشفافة للأمور أمام أنظار الرأي العام لكي يرى الحقيقة كما هي والواقع كما هو ثمّ يختار الطريق بملء إرادته واختياره.
يؤكّد الإمام الخامنئي دام ظلّه أنّ أساس عملنا هو التبيين، لأنّنا مسؤولون عن الرأي العام وهدايته ومعنيّون بإقناع العقول وطمأنة القلوب، وإذا لم تقتنع العقول والقلوب فلن تتحرّك الأبدان ولن تنهض الشعوب ضد الطواغيت.
إذاً لا ينبغي أبداً إهمال الرأي العام والشعور بالاستغناء عن توضيح الأمور وتبيينها للناس والإجابة عن أسئلة الشباب ورفع الشبهات والشائعات التي قد تتخلّج في أذهان الشعب وترك الساحة فارغة من رواية الحقيقة ليملأها العدوّ برواياته الكاذبة والخادعة والمضلّلة. تبيين الحقائق سلاحنا الفعّال والمؤثر في مقابل امبراطورية الكذب والفتنة والتحريف وقلب الحقائق التي من خلالها يريد أن يسيطر العدوّ الأمريكي على الدول وينهب ثروات الشعوب.
طبعاً، وكما ستقرأون في هذا الكتاب القيّم، صحيحٌ أنّ جهاد التبيين واجب عينيّ على الجميع وفريضة على كل شخص يُسمَع صوتُه وله تأثير -ولو على شخص واحد- لكن ثمّة واجبات ثقيلة تقع على عاتق الأشخاص والجهات المعنية التي عندها جمهور أكبر ولها تأثير أكثر على الرأي العام أو يُتوقّع أن تؤدّي هذا الدور لموقعها المميّز في أخذ القرارات المهمة ووضع الاستراتيجيات الثقافية العامة في المجتمع.
المبلّغون وعلماء الدين المحترمون والحوزات العلمية، الإعلاميّون ووسائل الإعلام، الفنانون والكتّاب والشعراء، أساتذة الجامعات وجميع المسؤولين الثقافيين وكل من يعمل في مجال صناعة المحتوى وتوزيعه عليهم أن يعرفوا تكاليفهم في معركة جهاد التبيين وأن يتصدّوا بقوّة وعزم وحزم لمؤامرات العدوّ للنيل من الرأي العام.
في الختام لا يسعني إلا أن أشكر سماحة العلامة المجاهد حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم صفي الدين على رعايته لهذا الحفل الكريم، كما أشكر الإخوة الأعزاء في جمعية المعارف الإسلامية الثقافية على جهودهم المباركة في ترتيب وتنفيذ هذا الحفل، وأشكركم جميعاً على الحضور وتلبية الدعوة، وأتمنى لكم دوام التوفيق وحسن العاقبة، ونختم الحديث بهذا الدعاء الذي تعلّمناه من الإمام الخامنئي وصاحب هذا الكتاب الشريف: «اللهم اجعلنا من جنود الجهاد العظيم في هذا العصر الذي هو جهاد التبيين.
آمين يا رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جهاد التبيينالمستشارية الثقافية الايرانية في بيروت
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024