نقاط على الحروف
الأهداف الجوهرية للحروب النفسية والإعلامية في لبنان
يونس عودة
تزداد الأزمات الداخلية اللبنانية تعمقًا على المستويات كافة من الاقتصاد إلى الخدمات والأمن المترنّح داخليًا في ظل تصعيد سياسي يرتبط بالاستحقاقات المحورية، وبالأخص ما يرتبط حاليًا بالانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة.
عملية استفزاز واسعة النطاق تدور كي لا تعالج الاستحقاقات بسلاسة أو بعقل بارد، وواضح في كل مناحي الاستفزاز أن ركيزته خارجية تمتد من السعودية الى الولايات المتحدة الأميركية وما بينهما من القوى المتربصة شرًا بلبنان وفي المقدمة الكيان الصهيوني المؤقت.
إن ما يشهده اللبنانيون في هذه المرحلة، شبيه إلى حد كبير بما شهدته البلاد عشية اجتياح لبنان عام 1982 من العمل على تدمير قيم الاعتزاز الوطني، وهزيمة الناس في دواخلهم، لا سيما مع الاستفادة الكاملة من الأوضاع المالية والاقتصادية المتهالكة، وهذه تتحمل مسؤوليتها تحديدًا السلطات المتعاقبة، التي زادت في الأمر سوءا وتعقيدا، من خلال ربط كل ما في الاقتصاد بالدولرة القاتلة حتى وصلت البلاد الى الانكشاف الحالي، واستفادة الجهات المجبولة بعقول وقلوب سوداء، المنخرطة في عملية منع قيام دولة من هذا الانكشاف للسيطرة على السلطة، ومن ثم رهن البلاد في سوق النخاسة الاميركي.
ليست الضغوط الأميركية سواء في الحصار الاقتصادي والمالي، أو في ملف الثروة الوطنية الا القاعدة المركزية في المخطط الذي تنفذه بعض الجهات الداخلية، التي لا تقارب هاتين المسألتين الا في استخدامهما كقنابل صوتية ضد القوى التي تعمل جديًا على معالجتهما، وإلا كيف لا يؤتى عليهما بكلمة تشخيص واقعي في مناسبة الشتم والذم والاعلان عن الذهاب الى المواجهة ولو أدى ذلك الى احتراب داخلي تستفيد منه "اسرائيل" والولايات المتحدة الاميركية من ضمن مشروعها للمنطقة؟
من بين التقديرات الخاطئة في بال الذين يسهمون من الداخل في هذه الحرب (إلا اذا كانوا يريدون اعادة التجربة المريرة عن سابق اصرار وتعمد في ارتكاب الحماقة والجريمة، والاستمرار في التموضع الذي جر ويجر الكوارث على لبنان، مسألة في غاية الأهمية)، وهي أن المرحلة الحالية لا تشبه من حيث الجوهر المرحلة التي عاشها اللبنانيون قبيل 40 عامًا، من حيث نشأت ارهاصات جديدة، منها جوهرة ثقافة المقاومة وتطوير مفاهيمها التي لا تجيز التفريط والمساومة على الحقوق الوطنية. وهي الثقافة التي أدت إلى طرد الاحتلال من بيروت قبل 40 عامًا وراكمت القوة لطرده من الشريط المحتل حتى ما يسمى الخط الازرق بالتوازي مع اعداد قوة مانعة للعدوان بأسلحة كاسرة يعلم القادة الاسرائيليون فعاليتها أكثر من غيرهم، ولا سيما الذين يتماهون مع مشروعهم في الداخل اللبناني عن قصد أو عن غباء تحركه مصالح فئوية أو شخصية، ومن دون الادراك أن جلدهم مصاب بالجرب، أو الحكاك على الأقل، وبالتالي يحكمون على أنفسهم بجني محصول زرعهم الخبيث.
ليس بعيدًا عن الحرب النفسية والاعلامية، ما نشر عن وجود 10 آلاف خلية للموساد في لبنان، للايحاء بأن اللبنانيين بغالبيتهم عملاء، لكن ذلك لا يعني عدم وجود جهات ومؤسسات وأفراد مخترقين، ولا سيما قطاع الاتصالات وما يتفرع عنه في عملية التجنيد، والذي جرى اكتشاف حالات خطيرة جدا فيه خلال فترات سابقة، لا سيما مع الاستمرار في محاولة ارساء مفهوم "الحاجة تبرر العمالة"، في ظل قضاء رازح تحت ضغوط سياسية بأن لا تكون أحكامه توازي جريمة "الخيانة الوطنية".
ان الواقع ينطق بأن عمليات التشويه مهما بلغت في اتقانها، ومهما حشد لها من شذاذ الافاق، فإن الحقيقة ستسطع، ما دام هناك نبض في القوى التي تقدم المصالح الوطنية على كل اعتبار، فكيف اذا كانت هذا القوى المقاومة في ذروة سطوعها؟
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024