معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

سلام يا مهدي.. سلام كشافة المهدي(عج)
26/07/2022

سلام يا مهدي.. سلام كشافة المهدي(عج)

ابتسام الشامي

 

لم تكن كشافة الامام المهدي(عج) بحاجة الى جهد دعائي للتسويق لنفسها، وهي المؤسسة الملتصقة بالمقاومة منذ الولادة والمنتشرة في بيئتها المترامية الأطراف. لكن نشيد "إمام زماني" وضعها تحت الأضواء حين تألق كادرها البشري بمستوياته القيادية والكشفية المختلفة في "الانسكاب" بنشيد يحاكي قيمها، ويناجي مقدسًا تربي المؤسسة أجيالها على أمل اللقاء به في يومه الموعود.

 

صحيح أن النشيد مستلهم من نسخته باللغة الفارسية المعدّة بتوجيه من الامام الخامنئي دام ظله، إلا أن النشيد الذي أنتجته جميعة كشافة الامام المهدي (عج)، نجح في أن يكون معبّرا عن "بيئته اللبنانية" بما تحمله هذه البيئة من قيم مرتبطة بالمقاومة وشهدائها وشخصياتها، فضلًا عما تؤمن به على مستوى الاعتقاد الديني لا سيما بالامام المهدي الذي ينتظره المستضعفون على امتداد العالم "ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا". ولعل كلمات النشيد البسيطة والمباشرة والبعيدة عن التنميقات الشعرية في مناجاة الامام وكذا في تأكيد التمسك بمسيرة الشهداء ومتابعة الطريق حتى ظهوره الشريف، مضافًا الى ذلك لحنه الجميل، سمح له بأن يعبر الى القلوب مباشرة، وأن يتحول إلى ترنيمة على شفاه الكبار والصغار على حد سواء، حتى اذا ما جاءت التجمعات المهدوية في المدن والقرى للانشاد الجماعي، وجدت الناس نفسها معنية بالحدث متحمسة للمشاركة فيه، من دون جهد "تحشيدي" كبير من قبل الجهات المنظمة أو الداعية.

روحية الانطلاقة وتحديات العمل

وعند الحديث عن التجمعات المهدوية، عودة مجددًا الى كشافة الامام المهدي(عج)، إلى حيث تألقت في صناعة الحدث والمشاركة فيه بعناصرها وقادتها الكشفيين الذين لفتوا الأنظار، في حسن تنظيمهم وانتظامهم في مختلف التجمعات وفي أعدادهم المتعاظمة التي ربما فاجأت البعض ممن كتبوا لاحقًا عن الكشفيين، سواء عن حسن نية أو بهدف التحريض والاخافة، بأنهم "جيش حزب الله" للأربعين عامًا القادمة.

وبعيدًا عن الأهداف الكامنة لدى البعض في التركيز على هذه النقطة بالتحديد، فإن عديد كشافة الامام المهدي الذي بات يربو اليوم على سبعين ألفًا أو يزيدون يعكس جهدًا متواصلًا بذله منذ ما قبل ولادتها الرسمية عام 1985 آلاف الكشفيين المخلصين والمجدين ممن وهبوا الجمعية كل طاقاتهم في سبيل تطويرها وجعلها واحدة من أهم المؤسسات الكشفية ليس في لبنان فحسب وإنما على صعيد المنطقة برمتها.

سلام يا مهدي.. سلام كشافة المهدي(عج)

على أن التجربة الرائدة لجمعية كشافة الامام المهدي(عج) التي أشعر بفخر الانتماء لها منذ الطفولة وحتى انخراطي في العمل الاعلامي، بدأت كما المقاومة بإمكانات بسيطة ومتواضعة، لكن بروحية عالية من قبل القيمين عليها. ولا زلت أذكر هنا بحثنا الدائم عن الأفضل والأجمل والأكمل في كل نشاط كنا نقوم به سواء في إحياء المناسبات أو في الأنشطة الروتينية، أو حتى في السلوك الشخصي لكل منا، آخذين في الاعتبار أننا في المجتمع أبناء مؤسسة تحمل اسم المهدي(عج) الحاضر بيننا وبالتالي فإن علينا أن نكون لائقين بالاسم الذي نحمل.

هذه الروحية التي ظللت الانطلاقة كانت بلا شك أحد العوامل الجوهرية في نجاح عمل الجمعية، خصوصًا وأن تجربتها بدأت في ظروف صعبة على المستوى الوطني في ذروة الحرب الأهلية، حيث ارتفعت في أرجاء الوطن الصغير المتاريس الطائفية والمناطقية والحزبية في وقت كان العدو يحتل جزءًا عزيزًا من أرضه في الجنوب والبقاع الغربي. وعليه لم يكن بالأمر السهل العمل في بيئة مليئة بالتحديات على هذا النحو، لا سيما لناحية صياغة "خطاب" كشفي يشكل استجابة لتلك التحديات ويعمل على التخفيف من آثار التشظي الوطني وتداعياته على المجتمع.

هنا بالتحديد كان نجاح كشافة الامام المهدي(عج) في استقطاب الأطفال والناشئة الى صفوف أفواجها، ضمن أجندة تربوية دينية وطنية على حد سواء، ففي الوقت الذي تعلمنا في الكشافة تلاوة القرآن وكيفية الصلاة وشروط الصيام وتلقينا دروسًا في الفقه والعقائد، تربينا على منهج أهل البيت(ع) الاجتماعي والسياسي، في إغاثة الملهوف ومعاونة الضعيف ونصرة المظلوم، وأن حب الاوطان من الايمان، وأن دون حماية الوطن وحريته وسيادته وكرامة أبنائه وعزتهم، تبذل المهج والأرواح.

وهي تربية لم تبق أسيرة النصوص بل تحولت الى سلوك عملي التزمه الكشفيون، فكان منهم الشهداء والمتفوقون في دراستهم، والمتطوعون لخدمة مجتمعهم في مختلف المجالات والميادين. نتذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر الدور الذي أداه الكشفيون بعد حرب تموز وقد انتظموا في فرق عمل لإزالة ركام البيوت المدمرة، ومساعدة العوائل للعودة الى منازلها التي نجت من التدمير، وهو ما تكرر أيضًا بعد انفجار مرفأ بيروت في شوارع العاصمة الحزينة. نتذكر مساهمتهم في العمل للحد من تفشي وباء كورونا، وفي التخفيف من تداعيات الأزمة الاقتصادية على العوائل الفقيرة والمحتاجة عبر تأمين ما أمكن من احتياجاتها. على أن الصورة الجميلة لكشافة الامام المهدي(عج) هي تلك المرتبطة بصناعة الفرح، وقد باتت بالنسبة الى الكشفيين حرفة يبدعون فيها، لا سيما في الأعياد والمناسبات، حين يرنمون الأناشيد الهادفة وينظمون العروض المسرحية والموسيقية الرائعة.

خاتمة

من العبارات التي كنا نرددها أن "الكشاف دائما نشيط" وأن "الكشاف دائما مستعد"، وقد كانت تلك الشعارات "ذخيرتنا" وزادنا للنشاط والعمل المثمر، لكن في الوقت ذاته كان لها أثر ممتد في السلوك الفردي لكل منا ضمن مستويات مختلفة من التأثير طبعًا. فأن تكون كشفيًا يعني في "القاموس الكشفي" أن تكون فعالًا في محيطك وبيئتك، ويعني بالتالي أن تكون مسؤولًا اتجاه مجتمعك، وهذه تربية حافظت جمعية كشافة الإمام المهدي(عج) على الانتقال بها من جيل إلى جيل مع تطوير أدواتها ومفاهيمها وكل ما يرتبط بها على المستوى العملي، وهذا ما ألاحظه اليوم في أولادي ورفاقهم، الذين أشعر بأن انتسابهم إلى الكشافة شكّل قيمة مضافة لهم، ومساهمة بناءة في سلامة بنائهم النفسي وصقل شخصيتهم الاجتماعية وأملهم بالغد الأفضل برغم كل ما يحيط بنا من أزمات وما نواجه من تحديات. وهنا أثر طيب لنشيد "إمام زماني" الذي يعزز فكرة الأمل، ويقيم صلة جميلة بين الاطفال وإمام زمانهم، يجعله لحنًا عذبًا وكلامًا طيبًا على ألسنتهم، علّه يكون مسرورًا منهم، مستجيبًا لمناجاتهم، ولعله.. قريبا بينهم.
فسلام يا مهدي
وسلام كشافة المهدي(عج)

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل