ابناؤك الاشداء

نقاط على الحروف

تهديدات و"هشاشات" واستراتيجيات
27/06/2022

تهديدات و"هشاشات" واستراتيجيات

ايهاب زكي

حين يواجهك أحدهم بسؤالٍ بدا له سؤال المليون، وترتسم على ملامحه إشارات النصر والتشفي معاً، باعتبار أنّ سؤاله هو فتح علمي وحواري، ويكون سؤاله الفرط إعجازي هو عن عدم ردّ حزب الله رسميًا على تهديدات وزير الحرب الصهيوني بني غانتس باجتياح صور وصيدا وبيروت، أخبره أنّ الحزب طرفٌ جادٌ جداً، لا يلقي بالاً للدعابات، فكيف إن كانت سمجة؟ ولا علاقة للحزب بهذه التصريحات، لأنّها تخصّ الجبهة الداخلية للكيان المؤقت، حيث قرر وزير حربه، أن يلعب دور المهرج.

 

الحقيقة أنّ تهديدات غانتس ما هي إلّا ردّ أهوج، على حديث سماحة السيد حسن نصر الله حول الترسيم البحري، وما هي إلّا شاهد ضمن شواهد كثيرة على تعمق المأزق "الإسرائيلي"، حيث لا قدرة على مواصلة الصلف حدّ الحرب.

ونلاحظ محاولات الكيان الدؤوبة لإقحام الولايات المتحدة في كل مناورة، رغم المسارعة الأمريكية في كل مرة لنفي ما يعلنه الكيان، عن مشاركة أمريكية بهدف مهاجمة لبنان، وهذا يعني أنّ الولايات المتحدة تتجنب التورط في مواجهةٍ مباشرة في عموم المنطقة، وهذا لا مفاجآت فيه، أمّا الاستنتاج الأهم، فهو أنّ الكيان لن يذهب إلى حربٍ على الجبهة الشمالية منفرداً، حتى وهو يحاول اختراع عمقٍ استراتيجي عبر التطبيع، أو بالأحرى عبر احتلالاتٍ جديدة، لأراضٍ عربيةٍ ارتأى شيوخها تسليمها دون ثمن.

في الوقت الذي أراد غانتس دعم المفاوض الصهيو ـ أمريكي في مفاوضات الترسيم عاموس هوكشتاين والتهويل على حزب الله من نتائج الإصرار على التمسك بالحقوق اللبنانية ورفع معنويات مستوطنيه، تحوّل إلى مهرج، حيث أنّ ما قاله من المفترض أن يصدر عن مصارعٍ أرعن في حلبةٍ استعراضية، لن يخسر فيها سوى تصفيق الجمهور، لا عن وزير حربٍ لكيانٍ يعيش أعمق أزماته الوجودية، ويدرك يقيناً أنّه على شفا حربه الأخيرة.

يقول العميد "عميت ساعر" رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية إن "المقاومة في لبنان والمنطقة تمتلك ما كان حكراً على الدول العظمى، من الدقة والمسيرات وإصابة أهدافٍ موضعية"، وهذه المعرفة كانت بادية في تصريحات غانتس عن حجم الضربات التي ستتلقاها الجبهة الداخلية في حال نشوب الحرب.

ويحاول قادة الكيان إبعاد ربط هذه التهديدات بملف الغاز وترسيم الحدود، حيث يريد الكيان إيهام الجميع بقدرته على تأمين هذه الثروة، لكنها محاولات فاشلة لأنّ الارتباط قائم بالأصل أولاً، كما أنّ الصراع شامل ومفتوح.

وفي هذا الإطار لا شيء يحدث خارج السياق، والـ"خبريات" عن "ناتو" شرق أوسطي، وعن نشر منظومات مراقبة في دول خليجية، لا تشبه سوى تهديدات غانتس، خصوصاً إن كان الهدف منها تهديد إيران، لإجبارها على التنازل عن حقوقها ومواقفها بخصوص العودة للاتفاق النووي، ولكن الأنكى أن تكون هذه "الخبريات"، في سياق تخويف إيران للضغط على حزب الله أو مساومته على الثروات اللبنانية، مقابل أن تكفّ أمريكا عن محاولات إنشاء الـ"ناتو" الشرق أوسطي.

وبعيداً عن الهزل الذي يحاول الكيان تقديمه كتهديدات، أو الهشاشات التي تحاول أمريكا تقديمها كاستراتيجيات، فإنّه لا عودة للاتفاق النووي دون تلبية الشروط الإيرانية، ولا غاز من كاريش دون مراعاة المصالح اللبنانية.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف