معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

"الانفتاح" اللبناني بحلّته الجديدة: فوبيا "التشادور"!
15/04/2022

"الانفتاح" اللبناني بحلّته الجديدة: فوبيا "التشادور"!

ميساء مقدم

يبدو أن الانتخابات النيابية اللبنانية 2022 ستشهد ما يُضاف الى عجائب الدنيا السبع. في لبنان "قطعة السما" تلك، لا مكان لمللٍ أو سقم. النظريات الاجتماعية والسياسية في تطور مستمر، آخرها ما شاهده اللبنانيون على شاشة قناة "الجديد" من خلطة "عيش مشترك" و"ديمقراطية" و"انفتاح" و"تجديد" أضيفت إليها رشة "فوبيا" وتخويف من "التشادور" و"العادات الاسلامية المستجلبة" لتشكّل قالبًا "شيزوفرينيًا" جديدًا!

تعرّف المرشحة عن المقعد الماروني في جبيل على لائحة "صرخة وطن" السيّدة نجوى باسيل عن نفسها بأنها "وجه جديد ومستقل"، هي تقدم "خيارًا آخر للمواطن"، أمّا شعارها فهو المناداة بـ"دولة المؤسسات والكفاءة والديمقراطية بالعمل السياسي وتنزيه الناس عن المصالح الخاصة والعمل على أساس المصالح العامة".

الى هنا المشهد نموذجي محمّس ومشجّع لما فيه من انفتاح وتجديد وفكر مؤسساتي. فجأة تنقلب الصورة. يخطر ببال مقدّمة الحلقة جوزفين ديب أن "تشلْبن" سؤالًا - لم "يتشلْبن معها" - حول المقعد الشيعي في جبيل بهذا الأسلوب: "ماذا عن المقعد الشيعي؟ المقعد الشيعي عامل قصة وكل سنة بيعمل قصة لإن حزب الله بيعتبر عندو قاعدة شيعية وحقو يكون عندو نائب ما موقفكم؟"، لتتبعه بما هو أكثر فجاجة: "هناك أحاديث بالصالونات السياسية من تخوف في المدينة من، مثلًا، بدي اشرحا بلا حساسيات طائفية، من لون ثقافي ديني جديد عالمنطقة أن تتوسع أكثر؟ كيف بتنظروا لعباءة حزب الله على القاعدة الشيعية في المنطقة؟".

ما هو الجواب المرجو من هكذا سؤال يضع في صلب صياغته مجموعة لبنانية واسعة التمثيل في خانة "الدخيل" على المنطقة؟ الجواب المأمول حاضر جاهز.

أتيحت الفرصة أخيرًا للمرشحة المنقذة للشعب اللبناني للتعبير عما تؤمن به من "انفتاح" و"ديمقراطية": "مؤخرًا مش من زمان كتير بلشنا نشوفا.. ما كنا نشوف مسيرات عاشوراء أو حتى "التشادور" أو حتى..عم نشوفا صرنا أكتر".

يا للهول! إنها ترى "تشادورات!" ما هذه الكارثة التي تنسحب سلبًا على "العيش" المشترك" والدين العام" و"أزمة الكهرباء" وحالة الانهيار الاقتصادي التي يعاني منها البلد!

لا تنتهي القضية هنا. "تتفتّق" عبقرية المقدّمة عن سؤال آخر يفترض أن يكون من "المسلمات" في بلاد تحترم مواطنيها وحقوقهم وحرية معتقداتهم: "بتعتبروا حرية دينية؟".

جواب المرشّحة "المنفتحة": "الأخطر من هيك.. مش هيدا اللي بيهمني.. كان عنا تماسك اجتماعي أكثر، كنا نسهر عند بعض ومنتبادل عادات ثقافية منا الدبكة ولعب الورق انفقدت هالإيام.. كان حدث مشترك احتفالي يصير فيه شرب عرق.. هيدا من عاداتنا وتقاليدنا وهذا ما نفقده وهذا حرام وهذا خطر أن يستجلب العادات التي أساسًا ليست من عندنا وبل جلبت من غير محل"! مع صدمة جليّة على الوجه واستئناف لحالة الفوبيا: "ولا مرة كنا نشوف هذه المظاهر الدينية بهذه الكترة علمًا اننا في بيتنا ربينا على التنوع الديني ولكن هذا التنوع لم يكن لديه هذه الصبغة الدينية بهذا العمق".

سيّدتي الفاضلة، ما أسميته في مقابلتك "تبادلًا ثقافيًا" اعتدتِ عليه ليس الا فرضًا لثقافتك على ثقافة الآخر الذي يتمتّع بذات حقوقك المدنيّة لا أقل. سيدتي المرشّحة لأجل التغيير في بلادنا: "التبادل الثقافي والاحترام والعيش المشترك يفرض أن يحترم المواطنون عادات بعضهم البعض، فإن احترم الناس حريتك بممارسة عاداتكِ الثقافية التي لخّصتِها بالرقص والشرب، فإن من أقل واجباتك احترام عادات الآخر بحرية الإيمان والمعتقد وحق ممارسة المعتقدات الدينية دون منّة".

كيف يمكن لناخب أن يأمن على الوطن بين يدي مرشحين لا يخبَرون أبناء بلدهم ولا قيمهم ولا عاداتهم ولا تقاليدهم ولا معتقداتهم؟ وكيف يمكن أن يدعي الانفتاح والتغيير من يتحدث بلغة إلغائية عن شريكه في الوطن، فقط لأنه اختار نوعًا من اللباس أو نمطًا من الحياة لم يعتدِ فيهما على غيره؟

لم ينته الحوار "العنصري" عند هذا الحد من الازدراء لقسم كبير من اللبنانيين. تختم ديب هذه الفقرة بسؤال يحدد الجواب مسبقًا: "توسع قاعدة حزب الله بالمنطقة يؤثر على عاداتها ويزيد من تقوقعها وانفتاح المجموعات على بعضها؟".

"أظن أن هذا ليس فقط بمنطقتنا بل أيضًا في مناطق أخرى مثل الجنوب!"، تضيف مرشّحة التغيير والانفتاح التي تسعى لانتشالنا من بؤرة الطائفية التي حكمتنا منذ تأسيس "دولة لبنان الكبير.. العجيب".

الانتخابات الاميركية 2020انتخابات 2022

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف