نقاط على الحروف
عن "التكفير" اللبناني: دائرة النفوس في "النهار" و"نداء الوطن"
ميساء مقدم
بعد "معمعة صحافة" بقايا مشروع 14 آذار حول مشاركة "الآخر" الفاعلة في معرض الكتاب الدولي، وتمنيهم لو أن هذا المحفل الثقافي لم يكن، تسود اليوم حالة جديدة من "المعملة" لدى هؤلاء.
موقف رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في الفاتيكان من حزب الله، من أنه مقاومة لبنانية ولا تأثير لسلاحه على الداخل، أثار صدمة مفتعلة لدى البعض. ليست المواقف المعادية لحزب الله بغريبة او جديدة، فمنذ الانقسام الحاد عام 2005 وحتى اليوم، هناك من يعمل على تغذية العداء ضد المقاومة لأهداف خارجية معروفة. لكن اللافت للانتباه هو استفحال لغة التخوين، بل ما بات يرتقي الى "التكفير" السياسي. وتتربع على عرش هذا التكفير الإعلامي كل من "النهار" و"نداء الوطن".
فصحيفة "النهار" هالها تصريح العماد عون الأخير في الفاتيكان حول حزب الله، فقط لأنه أكّد "لبنانية" الحزب وشدد على أهداف السلاح المقاوِم في حماية لبنان. كان هذا التصريح كفيلًا باطلاق العنان لتجديد الهجوم على العهد، فعنونت افتتاحيتها بـ"عون يسوّق "حزب الله".. في الفاتيكان"! تكاد توحي الصحيفة من خلال عنوانها كما لو أن الرئيس "يروّج" لممنوعات ما في احدى دوائر الفاتيكان! ولربما طالعتنا غدًا بمانشيت تهاجم فيه "البابا" نفسه لاستقباله الرئيس عون حليف حزب الله، فالتكفير لا دين ولا حدود له.
وكتبت روزانا بو منصف تحت عنوان "الخارج لرئيس للجمهورية لا يستقوي بسواه": "اعادة تعريف الرئيس القوي يجب ان تعني الرئيس الجامع والقادر على التوفيق بين اللبنانيين وليس الرئيس المستقوي بسواه". ومن الايحاء بـ"استقواء" لم تبيّن معالمه من الرئيس بحزب الله، انتقلت بو منصف الى الهجوم على أصل سفر الرئيس عون الى الفاتيكان على خلفية التكاليف والوضع الاقتصادي السيئ للبنان، دون أن يسبق لها التعرّض لهكذا جانب لدى سفر أي من الرؤساء في مهمة خارجية: "لم يمنع الوضع "المالي الدقيق جدا" بحسب كلام لرئيس الجمهورية في الجلسة ما قبل الاخيرة لمجلس الوزراء دون قيامه بزيارة الى الفاتيكان وايطاليا".
أما لهجة "التكفير" فتبرز مع اتهام الكاتبة عون بمحاولة تعاونه مع حزب الله وكأن هذا التعاون يشكل فعلة أو جريمة تحتاج لتبرير: "بركة الكرسي الرسولي على هذا الصعيد يمكن ان تبرر لتياره استمرار التعاون مع الحزب في الانتخابات وقيادة المرحلة المقبلة".
"نداء الوطن" كان لها نصيب كذلك من "الوهلة" التي أصابت البعض بعد تصريحات الرئيس عون، فقد غطّت الصحيفة زيارة الرئيس الى الفاتيكان بتقرير تحت عنوان: "عون يُدهش إيطاليا والعالم: "حزب الله" مسلح ولكن لا تأثير له".
وجاء في مقال تحت عنوان "العَهدُ المعْزولُ والحِلفُ المقْرُومُ": "يبقى أنّ مَن ذهب إلى الفاتيكان للحجّ ذهب والنّاس كلّها من المحيط إلى الخليج قد عادت من الحجّ. ومَن ينظّر لحماية المسيحيّين بتقوقعهم تحت مظلّة السلاح غير الشرعي إنّما هذه بشارة ذميّة بحلّة جديدة ساقطة شكلاً وجوهراً". يخرج الكاتب عن الشرعية اللبنانية من خلال وصفه سلاح المقاومة المشرّع بالبيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة بـ"اللا شرعي"، غير خجلٍ من استدعاء مصطلحات طائفية تخدم المشروع الكانتوني التقسيمي للقيّمين على كتاباته.
الصحيفة تستنجد على اثر "الدهشة" بتقرير تحت عنوان "حقيقة موقف الفاتيكان" للاعلامي بسام أبو زيد يحاول فيه النطق باسم "الفاتيكان" ويتولى مهمة التصريح باسمه دون أن يتمكن من اخفاء حنقه على زيارة الرئيس عون وتصريحاته الأخيرة.
وفي مقال آخر تحت عنوان "استثمار الفاتيكان" جاء: "يريد اقناعهم أن "الحزب" لبناني بنسبة 24 قيراطاً، ليس أقل. وأن كل حديث عن كونه وكيل الاحتلال الإيراني وباش كاتب الهيمنة والمصادرة الإيرانية للسيادة هو استهداف يتجاوز "الحزب" ليستهدف كل ما هو مسيحي بحاجة لحمايته". لدى هذه الصحيفة يُقسَم اللبنانيون الى "عيارات"، ففيما تحتفظ لطبقة معيّنة بـ"القراريط" الكاملة تستهجن أن يكون لغيرها هذا "العيار"! فهل بات لِلبنانيين سوق يُصَنَفّون فيه مراتب و"عيارات" و"قراريط"؟!
هي شهادات بالوطنية باتت تصدرها دائرة النفوس في كل من صحيفة "النهار" و"نداء الوطن" وما لف لفّهما من منصّات تهدف عبر "الفجور" الاعلامي الى عزل قسم من اللبنانيين ونزع الجنسية عنهم.
أمام هذا الواقع، لا بد من الابتهال حتى لا يتحوّل الهجوم من استهداف الرئيس عون الى استهداف الفاتيكان بذاته في الأيام المقبلة، فهذه "الداعشية" الإعلامية الجديدة في اعتماد التكفير والعزل والترهيب الثقافي والفكري، هي مدرسة لا تقف عند حدود أخلاقية أو مسؤولية ذاتية، حدودها هو ما يرسمه حقدها الأعمى، ووزنة ثلاثين من الفضة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024