نقاط على الحروف
النساء الفلسطينيات مستثنيات من الحقوق
زهراء جوني
لا يشبه الثامن من آذار حال المرأة الفلسطينية. يتوقف الحديث عن حقوق المرأة عند حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة المحاصر.
ستون امرأة فلسطينية بينهن 22 طفلة قتلن على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي في عام واحد فقط بحسب إحصاءات أعلنها مركز الميزان لحقوق الانسان. أرقام جديدة لا تقل عن أعداد الشهيدات والجريحات والأسيرات في سجون الاحتلال طيلة السنوات الماضية، ترتفع وتنخفض قليلاً بحسب معدلات الوحشية الإسرائيلية ومستوى الإجرام والهمجية. وتقبع 32 امرأة فلسطينية في سجون الاحتلال بظروف إنسانية قاهرة، ويحرمن من كافة حقوقهن الدنيا ويتعرضن لإجراءات قمعية متعددة، بما فيها العزل الانفرادي والحرمان من العلاج والتعليم، دون أن تخرج منظمات الدفاع عن حقوق المرأة للحديث عنهن أو المطالبة بأبسط حقوقهن وهي الحرية.
في فلسطين، المساواة بين الرجل والمرأة تأخذ أبعاداً أخرى مع كيان الاحتلال، إذ يستهدف العدو المرأة الفلسطينية كما الرجل بالاعتقال والتعذيب والأحكام التعسفية العالية، وتتحدث الأرقام الصادرة عن مراكز الأسرى بأن حالات الاعتقال بين النساء منذ عام 1967 وحتى اليوم وصلت إلى ما يزيد عن 16 ألف حالة اعتقال، وان السجون لم تخلُ منذ ذلك الوقت من وجود أسيرات في الاعتقال حتى لو بأعداد قليلة. ويعيدنا الحديث عن الأسيرات إلى أسماء حفرت عميقاً في الذاكرة لما عانته من إجرام إسرائيلي بحقها، كالأسيرة إسراء جعابيص التي تعمد الاحتلال إبقاءها تحترق لساعات في سيارتها دون مساعدة، تحت ذريعة محاولتها تنفيذ عملية أمام حاجز للاحتلال، حتى تشوه وجهها بالكامل وفقدت جزءاً من أصابع يدها ثم قام العدو باعتقالها ولا تزال داخل الأسر حتى اليوم.
وتعيدنا الذاكرة إلى الأسيرة ملك سلمان التي لم تتجاوز العشرين عاماً من عمرها وحكم عليها الاحتلال بالسجن عشر سنوات بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن. حالها كحال الكثير من الأسيرات اللواتي لا يزلن يقبعن داخل السجون بحالات صعبة ومأساوية لا يعشن أدنى مقومات الحياة، كحال نسرين أبو كميل، سلام أبو شرار، عطاف جردات، شروق دويات، روان زيادة، أماني الحشيم، واللائحة تطول.
ولو أردنا البحث في الأسماء، لطالعتنا لائحة من المقاومات خارج القيد أيضاً، أمهات وأخوات وبنات وزوجات كان لهن دور لا يقل أهمية عما تفعله المقاومة في فلسطين، فكان حضورهن بارزاً في الميدان، كما رأينا في القدس والضفة والمسجد الأقصى، وكما فعلت نساء حي الشيخ جراح حين وقفن أمام جنود الاحتلال بكل ثقة وقوة ورفضن الاختباء أو القبول بالتخلي عن بيتهن وأرضهن حتى بتن أيقونات المرأة المقاومة. وكان حضورهن لا يقل أهمية في قطاع غزة، وهن يغزلن بصبرهن وإرادتهن وكلامهن قوة المقاومين وبأسهم في مواجهة المحتل.
الحديث عن المرأة الفلسطينية، يعني الحديث عن "العمود الفقري في مسيرة الجهاد والمقاومة"، كما عبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، بما تقدمه للأسرى والمجتمع، وهنّ "الأمهات اللاتي جدن بخيرة شباب شعبنا وقدمن أبناءهن شهداء وهن أم رضوان الشيخ خليل وأم إبراهيم الدحدوح والقائدة أم نضال فرحات والأخت أم إبراهيم السعدي، كما نستذكر معاً عطاف جرادات وأخواتها المناضلات المجاهدات المعتقلات وعلى رأسهن الأخت القديرة منى قعدان أيقونة حركتنا" يقول نخالة.
وهذه النساء أيضاً، هن اللواتي اضطر بعضهن قبل سبعين عاماً إلى حمل أرواحهن ومفاتيح بيوتهن وأوراقها الثبوتية بين أغراضها، ومشين إلى الشتات تاركات قلوبهن في فلسطين، ما يعيدنا سبعين عاماً إلى الوراء، حين بقيت أخريات في بيوتهن وبين جدرانهن المحاصرة بالاحتلال ورفضن أن يُنتزع منهن حقهن ومسكنهن وأرضهن وزيتونهن وبقين يقاومن وينجبن أبطالاً أسرى ومجاهدين وشهداء. هذه نساء فلسطين، لا يعرفن الخوف ولا الاستسلام.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024