نقاط على الحروف
قراءة هادئة في عنصرية "النهار": الناس "ماركات" و"نوعيّة"
ميساء مقدم
في قراءة أرادها الكاتب غسان الحجار "هادئة" في صحيفة "النهار"، الكثير من الفوقية التي تضح بها سطور مقاله "قراءة هادئة في "تطورات" معرض الكتاب". الغياب الفرنسيّ عن المعرض أثر بحسب الكاتب على "نوعية المشاركة، وعلى نوعية الحضور". هي حكاية "نوعيّات" إذًا! فهناك في لبنان مواطنون من "ماركات" محليّة لا ترتقي "ثقافتهم" أو كتاباتهم أو قراءاتهم الى المستوى الذي يتطلع إليه الحجار. الأخير يُنشد حصرًا حضورًا تعتلي جبينه دمغة الـ"براندات" العالمية الفرنسية أو الغربية، ودون هذا المستوى لا يكون للحضور في المعرض "نوعية" تناسبه!
يكمل "الحجّار" شرحه للتقيؤ اللافكري حول "النوع" ليقول: "لا يُقصد بالأمر الانتماءات المذهبيّة والطائفيّة كما حاول البعض أن يصوّرها فقط وإنّما المستوى الاجتماعي والثقافي لأُناس من مختلف المذاهب، إذ غالبًا ما تحوّل المعرض، في الأعوام الأخيرة، نزهة للعائلات غير القادرة على الشراء، لكنّه أيضاً كان يجذب أصدقاء أصحاب التواقيع وأصدقاء المكرّمين ممّا يُحافظ على مستوى اجتماعي ثقافي مُعيّن، وهو ما ينقص معرض هذه السنة".
يريد هذا الصنف من كتاب "النهار" القول إن مشاركة صنف من الناس لا تنتمي الى "بؤرة" ثقافتهم في محفل ثقافي هام كمعرض بيروت الدولي للكتاب يشكل كارثة فكرية ثقافية. بل إنهم مستعدون الى الغاء الحدث الثقافي من جذوره ما دام ممثلا لما يحاربونه. فالكاتب في خلاصة مقاله العنصري يتوصل الى أن "معارض الكتب على هذا النحو، صارت جزءًا من الماضي، ولم تعد جاذبة، وما يُباع فيها أشبه بـ"سوق الأحد""! مرّة أخرى يسقط أحد "وجوه الصحارة" لكتبة "النهار" في مستنقع "الطبقية" المقيتة، فهو "ينقرف" من "سوق الأحد" وما يباع فيه حتى لو كانت "كتبًا وثقافة". لوهلة، خلال قراءة مقال الرجل، تتخيله يقرأ كتبه المستوردة من شرفة مطلة على برج "ايفل" مستعينًا بالسكين والشوكة!
ما عكسه الحجار في "النهار" من طبقية وفوقية وعنصرية مقيتة ليس سوى جزء يسير ممن يدّعون اليوم أن الطرف الآخر يمارسه عليهم تحت "سيمفونية" "الترهيب الفكري". هالهم جلوس "أبناء العتالين" على منصة للثقافة بسلام الى جانب ثقافات أخرى متنوعة ممثلة في المعرض. هؤلاء جزء من بروباغندا رُوّج لها منذ سنوات وتكثّفت مؤخرًا، تتبنى سرديّة تخرج قسمًا كبيرًا من اللبنانيين من دائرة الوطنية والانتماء، وتصورها على أنها حالة منعزلة تابعة للخارج، لا هوية ثقافية لها. لكن الحدث الأخير عرّى هؤلاء من لباس الثقافة والتحضر والانفتاح على الآخر، وبانوا مرتعبين من ثقافة الآخر، منعزلين، مهجوسين بالفكر المستورد المعلّب، مقيّدين بالطبقية الاجتماعية وزمن "النوعيات".
في لبنان الثقافة منارة ما دامت "ثقافتهم هم"، والفكر ذهب ما دام "فكرهم هم"، والكتاب منهجٌ ما دام "منهجهم هم"، والفن حضارة ما دام "فنهم هم"، والأيقونات والرموز قدوة ما دامت "أيقوناتهم ورموزهم هم"..
العنصريةمعرض بيروت الدولي للكتاب
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
25/11/2024
بيانات "الإعلام الحربي": العزّة الموثّقة!
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024