معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

"يوم المرأة العالمي" والمفاهيم المعلبة.. أي نموذج يُقصون؟
08/03/2022

"يوم المرأة العالمي" والمفاهيم المعلبة.. أي نموذج يُقصون؟

ليلى عماشا

مع تنامي الحديث والدعوات إلى تفعيل دور المرأة في ميادين العمل السياسي، ومع تخمة الشعارات الداعية إلى حرمان المرأة بشكل أو بآخر من دورها الفطري والطبيعي والذي لا يقلّ شأنًا ولا يتنافى مع أي دور إضافي قد تقوم به إذا شاءت، ومع تكاثر المحاضرين في دور المرأة ولا سيّما بمناسبة ما سُمّي بيوم المرأة العالمي، تصحّ أسئلة كثيرة عن ماهية دور المرأة، عن فعاليتها في الميادين التي تنشط فيها، وعن مدى تأثيرها في بناء القوّة التي نحتاجها جميعًا كبيئة تقاوم أعداء الإنسانية، وترتقي بناء على سلّمها القيميّ الدقيق والمنظّم، وحكمًا المتين.

ما رأيكم لو نغضّ الطرف برهة عن نموذج المرأة الذي يحاول "المتحضرون" وفقًا للمعايير الهجينة أن يقحموه في ثقافتنا، وأن نتوقّف قليلًا عند النموذج النسائي الذي يريد هؤلاء طمسه وتغييبه، لغايات في نفوس مشغّلهم؟

إذا سلّمنا جدلًا أنّ هذا اليوم هو يوم المرأة العالمي، وشاهدنا كيف يقوم الغرب والمستغربون والموظّفون لدى هذا وذاك بأيقنة النماذج التي لا نتشابه وإيّاها بشيء، لِمَ لا نرفع عاليًا حكايات نساء صنعن حكاية المقاومة، أدخلنها في عجينهم والخبز، وفي "الحِدا" قرب المهد وعند رأس الشهيد. نساء اخترن أن لا يتخلين عن حقيقتهن لصالح النموذج السائد، فصرن سيّدات زمن المقاومة والانتصار، وأن لا ينتزعن فطرتهن النقية ليضعن مكانها شعارات فارغة وملوّثة. عن أمهات وأخوات وزوجات وبنات كنّ التراب الذي نبت ونما وأزهر فيه ورد القتال واشتدّ فيه جذع المقاومين. عن نساء آثرن الحبّ ولا شيء سوى الحبّ، فلقّنَّ أبناءهن وبناتهنّ معنى القيم، وحقيقة الثقافة، وجدوى المقاومة وشرف المحاولة ورفض الخضوع؟

"يوم المرأة العالمي" والمفاهيم المعلبة.. أي نموذج يُقصون؟

عن أم ياسر، سند السيد عباس الموسويّ التي مضت إلى جانبه شهيدة. عن أمّ عماد التي جعلت بيتها غارًا فيه يُوحى بالشهادة. عن مريم فرحات، الأم الحارسة لجيش الشهداء في روضة الحبّ. عن سيّدات نجهل أسماءهنّ ونعلم أنهنّ أوّل من علّمن رجال الله كلمات الحقّ التي بها ينطقون في الميدان.
سيقول قائل أليس للمرأة في حكايتكم دور غير تجهيز المقاتل؟. اسمع. كلّ ما في أرواحنا يقاتل، وما التجهيز إلّا نعمة اصطفى الله من بين نسائنا من يستطعن تحمّلها.

أمّا البقية، فلكلّ منها دورٌ تؤدّيه؛ من مطبخ الحبّ الذي فيه يُطهى الطعام الذي ما مسّه ترفٌ، إلى حكاية ما قبل النوم قرب أذن طفل يسمع ويراكم في ذاكرته الطرية الأسماء والصّور. من ميدان العمل الذي يُخاض وفقًا للمعايير الإنسانية البحتة بعيدًا عن المعيار الجندري، ظاهرًا ومضمونًا. من الإعلام إلى السياسة، من الطب إلى التعليم، من الصناعة إلى التجارة إلى الزراعة وإلى كلّ مجالات العمل. ومن منصّات التواصل التي تحوّلت إلى أداة تساهم في تشكيل الوعي المقاوم وتصويبه عند الحاجة، إلى الحلقات وورش العمل التوعوي بين الناس.

في كلّ ميدان من هذه الميادين، لا تحتاج نساء بيئة المقاومة إلى شهادة من أحد، فهنّ يقدّمن النموذج ذا المعايير العالية التي لا تتيح بأي شكل من الأشكال أن يقوم بتقييمها أو بتصنيفها من هم وهنّ دونها.
إذًا ما الذي يدفع بالفجّار إلى محاولة توهين هذا النموذج تارة عبر التشكيك بحريّته وبوعيه وبرميه بالإسقاطات المريضة، وطورًا بتغريبه واعتباره من خارج النسيج المجتمعي الذي ينتمي إليه؟ قد يطول البحث عن الإجابة بالتفصيل على هذه المسألة، ولكن يمكن اختصار كلّ التفاصيل بكلمات قليلة: لأنّه نموذج مقاوم!

يوم المرأة العالمي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف