نقاط على الحروف
أزمة أوكرانيا تفضح سياسات أمريكا القذرة تجاه المقاومة
إيهاب شوقي
تعد الأزمة الدولية بين روسيا من جهة والغرب والناتو من جهة أخرى، أزمة كاشفة لسلوك امريكا ومن يدور في فلكها وتعاطيها مع الصراعات، وكذلك أزمة كاشفة لسلوك القوى المختلفة والدول التابعة وخاصة التي تحاول مسك العصا من المنتصف وتمارس الخداع والنفاق.
فمن جانب أمريكا والغرب، وخاصة بريطانيا، تتجلى أبرز الأساليب الدعائية والضغوط التي تدفع الأمور إلى حافة الهاوية، وتتجلى معها سياسة التوريط والاستنزاف المعتادة، ويمكن أن نرصد ذلك فيما يلي:
1ـ تكثيف التقارير التي تزعم استعدادات روسيا لغزو أوكرانيا، مع إغلاق سبل حل الأزمة دبلوماسيا، ودفع الروس دفعا للتورط في صراع عسكري.
2ـ إغلاق منافذ الحل الدبلوماسي بفرض شروط تعجيزية على الروس، تعلم أمريكا جيدا أن روسيا لن تقبل بها، بهدف تصوير الأمور بأن روسيا هي المعتدي وهي من يرفض "السلام".
3ـ التحلل من أي التزامات بالاشتباك المباشر مع الروس والتلويح بفرض عقوبات وحصار، وهو من جهة يعد حلا آمنا لا يورط العسكرية الأمريكية في خسائر ومساس بالهيبة، ومن جهة أخرى يجعل سياسة العقوبات شرعية ومبررة!
ومن يلمح تصريحات الرئيس الأوكراني والتي تكاد تطالب أمريكا والغرب بالتوقف عن التصريحات والتصعيد، يعلم أن أوكرانيا تعلم جيدا أنها ستكون أول ضحية لهذا التصعيد غير المبرر، والأدهى من ذلك أن اوكرانيا بنفسها تنفي قناعتها بغزو روسي محتمل، بل صرح رئيسها بأن مخابرات اوكرانيا غير مقتنعة باحتمالات الغزو الروسي، ولكنها عاجزة عن مواجهة ما يبدو أنه قرار أمريكي بدفع الأمور للتصعيد والتوريط في استنزاف عسكري وبهدف أكبر يجعل سياسة العقوبات ومحاصرة الروس أمرا شرعيا.
هكذا تتعاطى أمريكا مع صراعاتها وهكذا تعاطت ولا تزال مع محور المقاومة، حيث تبث الدعايات عن مخاطر المقاومة وتهديداتها لجوارها، ثم تحاول فرض شروط استسلام عليها وهي تعلم أنها لن تقبل بها، ثم تفرض عليها العقوبات والحصار وتصورها أنها أمر شرعي، مع السعي الدائم للتوريط العسكري للخصوم في صراعات بينية لا تتورط بها مباشرة، بل تقف موقف المتفرج والمصدر للسلاح والمنتفع من الدماء.
وبخصوص الدول التابعة، فإن ديدنهم هو مسك العصا من المنتصف في الصراعات ومحاولة الانتفاع من جميع الأطراف، ومحاولة اتقاء غضب القوى الأخرى التي لا تنتمي لمعسكرها، بينما تضطر عند لحظة المواجهة والوصول إلى حافة الهاوية أن تفضح حقيقتها ويضيق هامش مناورتها.
هذا ما يمكن رصده من تعاطي كثير من الدول مع الأزمة الراهنة، حيث ساعدت عدة دول في الدعايات الأمريكية، وطالبت رعاياها بمغادرة أوكرانيا، وهي خدمة مباشرة للدعاية الغربية، ناهيك عن المساعدات المباشرة لأوكرانيا والتي يعتبرها الروس استعداء مباشرا ويعدونها في إطار الغدر.
لمحنا تعاطي تركيا المنافق مع الأزمة ودورها في تسليح أوكرانيا رغم محاولة إظهار الحياد، ولمحنا مطالبة دول الخليج رعاياها بعدم التوجه لأوكرانيا، خدمة للدعاية الأمريكية، ناهيك عن الدور الإسرائيلي في بث الشائعات والتقارير عن الغزو الروسي واعتراض المخابرات الامريكية لاتصالات روسية توجه الأوامر للجنود بالاستعداد للغزو في تاريخ بعينه، والتقارير الاسرائيلية عن أن المانع الوحيد للغزو يتمثل في الوحل الذي يغطي أراضي شرق أوكرانيا وهو ما يؤجل الغزو، ناهيك عن التسليح الإسرائيلي لأوكرانيا بطلبات رسمية يقول العدو الإسرائيلي إنه يدرسها.
إن كانت أهداف أمريكا معلومة وهي الاستنزاف وشرعنة الحصار والعقوبات، فإن هدف الدول الأخرى يجب أن يكون معلوما، فهو يتعلق مباشرة بمحور المقاومة، حيث الأتراك والعدو الصهيوني والخليج يساومون الروس على التموضع في سوريا ودعمهم لمحور المقاومة، ويرون في الأزمة فرصة لانتزاع تنازلات روسية، أو فرصة لإضعافهم واستنزافهم عسكريا، ويؤكد ذلك الاصطفافات الجديدة بين تركيا والامارات والعدو الاسرائيلي وتزامنها مع الازمة الراهنة.
وهنا نرصد ارتباط الأزمات الدولية بالإقليمية، ويمكننا أن نؤكد أن الجبهات المحتملة للصراع ستكون منطقتنا من ضمنها لا محالة، وأن الاصطفافات الراهنة تؤكد أن الأزمة التي تبدو دولية، هي في وجهها الآخر، أزمة إقليمية.
ومن يرصد محور المقاومة وتصريحاته وممارساته، يعلم أن المحور بفطنته، يرصد ويتابع ويعلن جهوزيته لجميع الاحتمالات، وأن تقديراته الاستراتيجية تبطل أوهام الغرب والصهاينة بإمكانية مفاجأته أو ابتزازه.
يحبس العالم أنفاسه ولا يستطيع توقع مصير الأمور في أوروبا وانزلاقاتها، بينما يحاول الانتهازيون استغلال الأزمات لمصالحهم الضيقة، وتقف المقاومة ثابتة وجاهزة لامتلاكها توصيفا مبدئيا للصراعات وتقديرا استراتيجيا لتطوراتها.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024