معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الصلافة الأميركية والسيادة اللبنانية
08/03/2019

الصلافة الأميركية والسيادة اللبنانية

محمد يونس

خلعت الإدارة الأميركية قفازاتها، ونزعت عنها قناعها وباتت أكثر وضوحا في كشف نواياها طالما أن المعركة صارت مباشرة ومن دون أي وسيط، وهي في ذلك لم تعد تعير بالا لتلك المصطلحات والعبارات الرنانة التي طالما تغنت بها هي وادواتها ومن يدور في فلكها والتي تتحدث عن السيادة والاستقلال والحرية وصوت الشعوب وخياراتها.

فخرقها لسيادة الدول أصبح أكثر وقاحة، وذلك المفهوم الذي يتعارض مع مصالحها أصبح ليس بذي بال ولا ضير من نسفه بعد أن انتهت صلاحية استخدامه ولم يعد في مقدوره تغليف المصالح الأميركية، وخير دليل على ذلك أن يأتي مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية (ربما مستواه أقل من مستوى مدير عام) إلى لبنان ثم يجتمع بأطراف لبنانيين بعيدا عن اللقاءات الرسمية ويطلق من عند بعضهم تعليمات وتهديدات للدولة اللبنانية، بينما يروج البعض الآخر مفتخرا أن هذا المسؤول أراد التعرّف على الوزراء الجدد المنتمين لهذا الطرف وكأن عمل هؤلاء الوزراء مرتبط بالعلاقة مع هذا المسؤول الأجنبي الذي يعامله هؤلاء وكأنه مندوب الباب العالي وكأنهم رعاياه، وكأن الوقاحة عينها قد تعدت من الأصيل إلى الوكيل إن أحسنّا التعبير.

لكن ذلك ليس سوى الجانب المظلم والجزء الفارغ من الكوب، أما الجانب المشرق فهو ان الولايات المتحدة ما كانت لتقدم على هذه التصرفات لو أن نظرتها للبنان كانت هي نفسها كما كانت في الماضي. نعم لقد أدركت واشنطن ان لبنان ذلك البلد الصغير الذي مزقته بحروبها ومؤامراتها قد خرج من جيبها وأنها إذا أرادت منه شيئا فعليها أن تمارس الضغوط وتطلق التهديدات وتوفد الموفدين تترى، كل ذلك لأنه أصبح في لبنان من يعطي مفهوم السيادة الفعلية معناه الحقيقي ويضع مصلحة وطنه وشعبه فوق كل اعتبار.
نعم، ولذلك رأينا الموظف الأميركي يحذر لبنان من مغبة الخيارات التي قد يقدم عليها، مقرا أن في لبنان الخيارات الوطنية هي التي تسود وليس غيرها وإن كان حاول مفضوحا تلبيس خيارات بلاده ثوب خياراتنا الوطنية، وبغض النظر عن أنه ما زال بإمكانه إطلاق التهديدات للبنان وشعبه من بيوتات لبنانية لكنه أصبح يعلم تمام العلم أن بيروت باتت تتذوق طعم السيادة الوطنية وهي لم تعد طوع كبسة الزر في جهاز التحكم عن بعد.

وهكذا كلما رأيتم الإدارة الأميركية قد ازدادت صلافة.. فاعرفوا أن السيادة اللبنانية تتألق اشراقا ونضارة.

 

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف