معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

من لبنان إلى العالم: إعلامُنا ثامِن عجائب الدنيا‎!
06/11/2021

من لبنان إلى العالم: إعلامُنا ثامِن عجائب الدنيا‎!

ليلى عماشا

أحصى العلماء سبع عجائب في الدنيا، وتمّ ترشيح مغارة جعيتا في لبنان لنيل لقب العجيبة الثامنة قبل سنوات. يومها، لم تنجح المغارة في الحصول على ما يكفي من أصوات ناخبي العجائب، ولا بدّ أنّ من رشّحها أخطأ في اختيار العجيبة اللبنانية التي يمكنها الفوز بالتزكية لشدّة تميّزها، فهو لو رشّح ثلّة الإعلام اللبناني المتأمرك، لفاز لبنان باحتواء ثامن "العجائب" دون منازعة ولا منافسة، فالدرك الذي بلغه هذا الإعلام لا يمكن لأي أحد، شخصًا أو منظومة، أن يبلغه ما لم يتمتّع بقدرة عجائبية على التسطيح والتتفيه والتناقض الرخيص بين الشعار وبين الممارسة.

أما ذلك الذي أراد لصحن الحمص أن يدخل موسوعة غينيس، فقد غفل أن الخلطات الإعلامية القائمة على تكسير المفاهيم وعجنها بماء الذلّ وبالمواد الانبطاحية، تصح طبقًا يدخل غينيس من باب المأكولات الشديدة السميّة وذات القدرة الغريبة على الإضحاك واستجلاب السخرية.

يا قوم، يا أهل الدنيا، أصدقاء وأعداء، حلفاء وخصومًا، يا كلّ الجماهير من مشرق الأرض إلى مغربها، يا سكان الكوكب، أدغاله وصحاريه، وجزره وجباله، وأريافه ومدنه، يا أيها القاطنون على الأرض بكل معتقداتكم ولغاتكم وتوجهاتكم، إنّ في لبنان، هذا البلد الذي ما سمعتم باسمه إلا يوم اقترن هذا الاسم بانتصار المقاومة فيه على أحد أعتى جيوش العالم، هذه البقعة من الأرض التي ما كان يمكن أن تعرفوا عنها شيئًا لولا أنّ ولد فيها فتية آمنوا بالنصر وصاروا رجالًا يسطرون الكرامة زمنًا من نصرٍ إلهي يتعالى، في هذا المكان الذي بالطبع حين يُذكر اسمه أمامكم لا تدمعون شغفًا بالصدف الأرجواني، ولكن يدمع الطيبون منكم حبًا بمن بذلوا فيه الدم الشريف في سبيل الكرامة والحرية والحق، ويغصّ الخبثاء منكم بحقدهم حين يتذكرون أن فيه من لقّن كلّ العالم دروسًا في كيفية انتصار العين على المخرز، في لبنان يا إخواننا في الإنسانية، "إعلاميون" يروّجون لثقافة تدعى "هيلا هيلا هو" وتقترن بالشتم وبالتطبيع مع العدو أحيانًا وبكل ما يمكن للعقل البشري أن يتصوره من خطايا وآثام، على اعتبار أنّها من أساسيات حريّة التعبير، وفي الوقت نفسه، في المرحلة نفسها والزمن نفسه، يتسابقون إلى رجم وزير إعلام قام بتوصيف عدوان وليّ نعمتهم وساحق كراماتهم على اليمن بالحرب العبثية، على اعتبار أن رأيه هو اعتداء على بلد "عربي"!

ببساطة، كل رأي سياسيّ غير مرضي عنه عند تجار الدم والمواقف هو بالنسبة لبعض الاعلام اللبناني قطع أرزاق لهم، هم الذين اعتادوا "عطايا" السعودية مقابل كراماتهم البخسة وقناعاتهم المفكّكة. والسيادة كما الأخلاق كما الشعارات الوطنجية، "لعق على ألسنتهم". ولذلك لم يكن على المدعوة بماريا معلوف مثلًا أن تستحي بالتحريض على بلدها ومقاومته عبر شاشة "اسرائيلية"، فالمشهورة بطاعة سلمان وابنه وبمعاداة من يعاديهما كقاتلَين تفعل ما تشاء تحت مسمّى حرية التعبير. وكذلك ابتهج الإعلاميّ المعروف بمارسيل غانم بالتعبير عن امتعاضه من اعتبار أنّ الجميع ضد التطبيع ليمرّر الفكرة المحورية في كلّ حركته الإعلامية: التطبيع ليس "تابو" وليس الكلّ ضدّه والأمر يتعلّق بحرية الرأي.

عدنا إلى حريّة الرأي. الخيانة وممارستها والتعبير عنها والتشجيع عليها والتسويق لها وارفاقها حكمًا بكل أشكال الكذب والتلفيق والافتراء والتحريض هي مسألة تتعلّق بحريّة الرأي، أمّا الرأي، فهو جريمة بحق المملكة!

والآن، هل بقي لديكم شكّ أنّ هذا الإعلام هو عجيبة تستحق الذكر، وهو سابقة أشبه بظاهرة فلكية لا يمكن اعتيادها أو اعتبارها "حدثًا عاديًا"؟ ألا يستحق مرتكبو هذه العجائب، كلّهم، دخول العالميّة من باب السلوك الغريب الذي لا يمت بصلة إلى المسمى المهني الذي يعملون في إطاره؟ بلى، هي تجربة يجب أن تُدرّس في المدارس الصحافية حول العالم، ضمن مادة: المسلكيات العجيبة تحت ستار الإعلام.

الإعلامالإعلام والاتصال

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة