معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

هجوم السعودية وأذيالها على قرداحي: قنابل دخانية للتعمية
29/10/2021

هجوم السعودية وأذيالها على قرداحي: قنابل دخانية للتعمية

محمد باقر ياسين

 

بعد أعوام على امتهان السعودية سياسة تكميم الأفواه اشتبه عليها ما قاله الوزير جورج قرداحي. ظنته كان يتحدث عبر شاشة قناة mbc فجن جنونها ولم تتمالك أعصابها، وحتى لم تتكبد العناء لكي يتثبت المعنيون  لديها من تاريخ المقابلة التي تعود إلى قرابة الثلاثة أشهر إلى الوراء. اشتبه عليها الأمر كونها اعتادت حجب ومنع وحتى تقطيع وتذويب من يخالفها الرأي، وظنت أنها تستطيع فعل هذا ببلد الحريات الإعلامية لبنان. فلماذا هذه الحملة المسعورة على الوزير قرداحي الآن؟ وهل يستحق موقف إعلامي رد دولة "السعودية العظمى" بتسمية بعض كتابها؟

استيقظ اللبنانيون منذ أيام على صراخ السعودية وونويح أزلامها ومطالبة الوزير جورج قرداحي بالاستقالة والسبب مقطع فيديو له نشره ذبابها الإلكتروني يعود تاريخه لقرابة الثلاثة أشهر إلى الوراء وكان يتحدث فيه الإعلامي -آنذاك- جورج قرداحي عن حرب اليمن مبديًا بطبيعة الحال رأيه بالموضوع. وكان من المستغرب جدًا أن ترد "السعودية العظمى" الآن على ما ورد بتلك المقابلة الإعلامية. فهل علاقات الدول تبنى على التصاريح الإعلامية، حيث تمتعض دولة من تصريح إعلامي لا يمثل إلا رأيه الخاص بغض النظر عن تقييم صواب رأيه من خطئه؟

السعودية لم تتذكر هذا التصريح فجأة، ولكن توقيت استثماره قد حان وأرادت من احتجاجها وشجبها تصريح الوزير جورج قرداحي أن ترمي قنبلة دخانية ذات هدفين، الأول: تؤمن سببًا لانسحاب قناة mbc  التي تعاني من أزمة مالية نتاج تداعيات فيروس كورونا، ونقل مقرها من لبنان إلى المملكة بحجة الإساءة من إعلامي كان يعمل لديها. والثاني: التغطية على استدعاء رئيس حزب القوات للتحقيق على خلفية قضية الطيونة، من خلال إلهاء اللبنانيين بقضية دبلوماسية مع السعودية. وبهذا تنحرف الأنظار عن قضية الطيونة لانشغال المسؤولين بالقضية المستجدة.

وبالعودة إلى تصريح الوزير قرداحي الذي وصف حرب اليمن بـ"العبثية"، وهو ما لم يرق للسعودية، فقد سبقه في إطلاق هذا الوصف الكثيريون ومنهم شخصيات أممية وشخصيات أمريكية وأوروبية وحتى خليجية. ولكن لماذا دولة لبنان هي التي يُرد عليها وتُفتعل معها أزمة دبلوماسية؟ الجواب واضح وصريح لأن السعودية تعتبر لبنان بلدًا مستضعفًا وتستطيع أن تملي عليه ما تشاء متخذةً من دعمها للبنان وإيواء اللبنانيين العاملين لديها دروعاً بشرية تساوم بهم لكي تملي على لبنان ما تريد. واستضعاف لبنان ليس فقط في هذه القضية؛ ففي قضية المخدرات أيضا تضبط المملكة شحنات كبيرة ترد من دول الجوار ومن تركيا ومصر وغيرهما ولا تسمي أي دولة منها ولا تتخذ أدنى اجراء ضدها وعندما يصل الدور الى شحنة لبنانية -وهي مستنكرة طبعًا- تقوم قيامة "السعودية العظمى" لكي تتخذ الإجراءات والتدابير التي تطال لبنانيين لا دخل لهم أصلاً بالقضية.

يجب أن يوضع حد لهذا الاستضعاف ولهذه المنة التي تمن بها السعودية علينا، وذلك لأننا دولة مستقلة تتمتع بالديموقراطية وحرية الرأي التي لا وجود لها بمملكة القمع للحريات الإعلامية والتنكيل بالصحافيين، وجمال خاشقجي أبرز مثال. وكذلك لم يكن مستغربا أن تمن السعودية على الوزير جورج قرداحي عمله بمؤسساتها التي لم يسمع بها أحد لولا إنجازه ونجاح برامجه التي قدمها لسنوات على هذه الشاشات.

ختامًا كان لافتًاً الصفعة التي تلقتها السعودية من خلال عدم رضوخ الوزير قرداحي لمطالبته بالاستقالة، وأصر على موقفه غير المسيء للمملكة، وكذلك موقف الحكومة ورئيس الجمهورية اللذين وإن تنصلا من مضمون ما قاله الوزير إلا أنهما لم يتخذا أي إجراء بحقه. وهذا ما بقي حسرةً بقلب السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي لم يتسنَّ له أن ينصب خيمته مرةً أخرى لكي يستقبل الحشود المنبطحة على أعتاب خيمته المشؤومة.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف