معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

26/10/2021

"حاضَرَ" لأشهر بدولة القانون.. فهل "يَحضُر" الى القضاء؟

ليلى عماشا

يحاول جعجع تظهير استدعائه كشاهد أو كمستمعٍ إليه إلى اليرزة وكأنّه استدعاءٌ قائمٌ على مسار اتهاميّ مسيّس.. ويتجاهل بهدف التضليل حقيقة أنّ صبيانه القنّاصين قد وشوا به وبأوامره المباشرة في التحقيقات. بكلام آخر، هو الذي تصدّر جبهة الإتهام السياسي، وارتكب كلّ ما يمكن ارتكابه في سبيل تحويل الإتهام السياسي في ملف انفجار المرفأ إلى مسار معتمد قضائيًا.

باستخفاف قبيح بالعقول، حتى تلك التي ارتضت الإستخفاف بها، يقلب المدان بالجرم المشهود المشهد، ويحاول لعب دور البطل عبر ارتداء ثوب الضحية في جريمة كان فيها على الملأ القاتل والمحرّض والمتبني. وبذلك، لم يعد فقط الشهداء هم الضحايا، بل أيضًا المجموعات التي قام بتحريكها وزرعها وتلقينها ما عليها فعله من قنص واستهداف مباشر للمتظاهرين وللآمنين في بيوتهم.. مع فارق أن الشهداء قضوا نحبهم وهم في ساحة الحقّ، أما القتلة المأجورون والمغرّر بهم أو المعبأون حقدًا، فقد وقعوا فهم ضحايا خطيئتهم القاتلة، والتي سترافقهم طيلة حياتهم، سواء ارتدوا عن ساحة الباطل الجعجعي أو بقوا فيها.

هل سيذهب جعجع إلى القضاء؟

بحسب جميع المعطيات الواردة عن الجو المعرابي، لن يتجرّأ جعجع على تنفيذ الإستدعاء الصادر بحقّه، لصقًا، ولو بصفة شاهد أو مستمَع إليه. فالرجل، المدان بجرائم عدّة أدّت إلى سجنه ولم يخرج إلّا بعفو لا يسقط عنه تاريخه الجرمي، يقف اليوم بين نارين: نار الإستجابة للقضاء العسكري وتحمّل مسؤولية ما ارتكب فعليًا وليس فقط في إطار التحريض السياسي الذي مهّد للمجزرة خاصة بعد اعترافات الموقوفين وما تسرّب من تحقيقات أكدت تحرّك المجموعات من معراب إلى الطيونة وعين الرمانة في الليلة التي سبقت الجريمة، مع كلّ ما قد ينتج عن ذلك من خزي يضاف إلى خزيه، ومن مسؤولية جرمية سيكون عليه، حال اثباتها قضائيًا، تحمّل تبعاتها والعقوبات المترتبة عليها، ونار التهرّب والإمتناع عن الحضور مع كلّ ما قد ينتج عن هذا الخيار من احتمالات.. في الحالين، هو يحاول أن يلعب دور البطل في شارعه ولا سيّما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية وحاجته إلى اقناع مشغليه بأنه يشكل ثقلًا يعوّل عليه كي يستمروا في تشغيله كأداة تحقّق مصالحهم، والتي بالعادة يختارون حعجع لكلّ ما هو فتنويّ ودمويّ. وفي الحالين أيضًا، جعجع هو جعجع، هو ذلك الذي شبّ على القتل والإجرام، وشاب عليه. ويعزّ عليه طبعًا أن يعود إلى السجن الذي قضى فيه ١١ عامًا، متوهما أن حال خروجه سيتبوأ منصب رئيس الجمهورية، أو على الأقل منصب الزعيم المسيحي الأوحد.. خابت توقعاته حينها كما اليوم، حيث سعى أن يحصل بالفتنة والدم على ما لم يستطع الحصول عليه بتصديق وهم "البطل السجين" الذي تنتظره الحشود لتنصيبه زعيمًا لها.

إذًا، وشى أفراد العصابة بمن حرّكهم وأمرهم بالتنفيذ، فدفعوه إلى لعب دور ضحية الإتهام السياسي رغم كونه قبل الوقائع المثبتة في التحقيقات مع الموقوفين قد تبنى المجزرة، بالسياسة.

الآن، مرة جديدة، خذل جعجع القلة التي تصدّقه.. "خرب بيوت" أولئك الذين قاموا بتنفيذ أوامره، ودمّر عائلاتهم.. يبدو أنّه يصرّ في كلّ مرة على خذلان من يثقون به، تمامًا كما فعل بسعد الحريري يوم احتجزه بن سلمان في حكاية الريتز الشهيرة، وأيضًا كما فعل برفاقه في القوات اللبنانية والذين يتحدث القدامى منهم عن الغدر الذي يتسم به سلوك جعجع.

الآن، بالوقائع وبالسياسة وبكل وجهات النظر التي تتخذ الحد الأدنى من الموضوعية في نقل الحدث، سمير جعجع مدان سواء حضر كشاهد إلى التحقيق أم لم يحضر، وسواء حوكم في القضاء أم لم يحاكم. ومهما ازدحمت مساعي تغطيته من جهات مختلفة، فكلّ جهة تغطيه تشترك معه في تحويل نفسها إلى شريك علني للقاتل، ليس في فقط في عيون أولياء الدم الذي غُدِر، بل أيضًا في عيون بعض شارعه الذي شهد تخلّي جعجع عمّن نفذوا أوامره ومسعاه للهروب من المسؤولية عبر تحميلها قضائيا بمن نفّذها على الأرض حصرًا.

القضاء

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل