معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

ملف الكهرباء في خطاب السيّد: أولوية لا تُؤجّل ولا تنتظر
12/10/2021

ملف الكهرباء في خطاب السيّد: أولوية لا تُؤجّل ولا تنتظر

ليلى عماشا

   تُقرأ عناوين المرحلة، ككلّ سابقاتها، في خطابات السيد نصر الله، فيسقط من الحساب السياسي اليوميّ كلّ ما لا يتطرّق إليه، وتحتل المسائل التي يشير إليها أو يتوسع فيها الحيّز الأساس في كلّ محاور النقاشات والمداولات الإعلامية والتواصلية. وذلك ليس مرتبطًا فقط بثقة الجميع بكلّ ما يقوله السيّد، حتى أولئك الذين يتقاضون أثمان نكرانهم للثقة، بل وأيضًا لدقّة ترتيبه للأولويات ولا سيّما تلك التي تمسّ حياة الناس بشكل مباشر.

بين ملف الكهرباء والعتمة القادمة، والتحقيق في كارثة انفجار مرفأ بيروت، والانتخابات النيابية المقبلة، سيجول الإعلاميون طيلة هذا الأسبوع، وسينشط المحلّلون وسيتولى بعض السياسيين دور التصدّي لكلّ ما قاله السيّد، ولو على سبيل النكد السياسي المكشوف وأسلوب النكايات الذي راج في الحياة السياسية اللبنانية مع إفلاس خصوم حزب الله من الحجج المنطقية ومن الشعارات التحريضية التي اضمحلّ تأثيرها في لحظة من حقيقة واحدة، حقيقة تقول إن هذا الحزب هو أرقى وأنقى ما حدث لهذه البلاد، ولا تحتاج الشمس إلى دليل على سطوعها، ولا تحتاج أيضًا إلى جهد كشف ما خفي تحت جليد الحجج الركيكة والشعارات الواهية.. هذا الحليد يذوب وحده في ساعة سطوع.

   طرح السيّد نصر الله موضوع الكهرباء تمامًا كما كان قد تطرّق مرارًا إلى موضوع المازوت.. فهو قبل قرار استقدام بواخر المازوت من إيران، كان قد دعا "الدولة اللبنانية" مرارًا إلى طلب المازوت والمشتقات النفطية من إيران وبالليرة اللبنانية، ولأنها أبت وتمنّعت وخشيت "زعل" الأميركي، ولأن حاجات الناس لا يمكن لها أن تنتظر أكثر ممّا انتظرت، لم يتأخر حزب الله باستقدام البواخر بنفسه، وتأمين ما يمكن تأمينه من هذه المادة إلى المرافق التي تمسّ حياة الناس اليومية، وحاجتها الملحة إلى الاستشفاء في المشافي الحكومية وإلى التدفئة وغيرها من الأساسيات التي لا يمكن لها أن تتوفّر إلًا إذا توفّر المازوت.

وكما في موضوع المازوت، كذلك الكهرباء. فالعقاب الجماعي المفتعل والمتمثل بالعتمة الشاملة التي تقترب من كلّ بيوت الناس، ليس موضوعًا بسيطًا. ولذلك لم يتوانَ السيّد عن تذكير الحكومة بالعروض الإيرانية حول انشاء معامل لتوليد الكهرباء، رغم علمه بأن القرار السياسي الخاضع لرغبة المحاصِر يمنع القبول بهذه العروض، بل ويهاجمها مختلقًا حججًا لا تنطلي حتى على الصغار، تمامًا كما حدث حين العرض الإيراني لبيع لبنان المازوت والبنزين وغيرهما من المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية. حتى أنّه اقترح على "أصدقاء" أميركا أن يطلبوا استثناء للبنان، كما فعل كلّ من العراق وأفغانستان، مستذكرًا ردّ أحد السياسيين على اقتراح مماثل طرحه عليه وزير الخارجية الإيراني حول إمكانية طلب الاستثناء وكان الجواب، البديع طبعًا، هو الطلب إلى إيران جلب استثناء كي تتمكن من حلّ أزمة لبنان. شرّ البلية ما يضحك حيال مسألة حيوية وسيادية: يريد المحاصَر ممّن يمدّ له يد العون أن يأتي له باستثناء من أميركا لأنه لا يجرؤ حتى على طلب كهذا!

تأمّل الكثيرون خيرًا في موضوع الكهرباء بعد حديث السيّد نصر الله حول الموضوع؛ فالتجربة تقول إنّه حين يقترب حزب الله من وضع الحلول، ستهرع شيا وغيرها للعب دور المحب الحريص على اللبنانيين، فتقترح حلًّا وهميًا غير قابل للتحقيق كي تقول ها نحن هنا نحاول المساعدة ولكن إياكم وقبول مساعدة من إيران. والتجربة نفسها تقول إن حزب الله لن ينتظر إلى الأبد، فالأولوية هي للناس، للمهددين بالعتمة الشاملة، وعند هؤلاء لا يصح انتظار صحوة ضمائر المتمنّعين خشية عوكرهم وشمطائها.

من يدري، فتركيب وتجهيز معامل الكهرباء لن يكون أصعب من استقدام البواخر التي كسرت الحصار وعبرت سالمة غانمة قويّة لم تفرّق بين حاجات المناطق بل وتصرفت بنقاء أخلاقي لا مثيل له إذ لم تتوقف برهة عند معيار مفاضلة بين الفئات إلّا معيار الحاجة الملحّة والأكثر حاجة، كاسرة بذلك كل جدران الفصل التحريضي الذي بُني بالشعارات الموقّعة بقلم شيا، ومن تمثّل شيا.

   في ملف الكهرباء، وضع السيّد حجر الأساس للحلّ الجذري الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية في ايران إلى لبنان فهل من سيتجرأ على البناء، أم سنشهد حدثًا جديدًا عابرًا للحصار وللحدود ولكلّ اعتبارات أميركا وأدواتها؟

مؤسسة كهرباء لبنان

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل